بسم الله الرحمن الرحيم
الزعفران - صبغ ودواء
من منا لايعرف الزعفران ! ولكن الكثير منا لايعرف عن الزعفران ..
الزعفران عشب معمر عرفه الإغريق والرومان والعرب ، واستعملت مياسم أزهاره الجميلة كصبغ وطيب ودواء .
وخلال القرون الوسطى أدخل العرب زراعة الزعفران إلى ربوع الأندلس ، ثم حمل الصليبيون بصلاته من المشرق العربي لزراعتها في البلدان الأوروبية . وتتأقلم نباتاته في ظروف مناخية متباينه ساعد في التوسع في زراعته التي وصلت الى الصين وشمال الهند شرقا الى أسبانيا غربا.
وبيع الزعفران بأكثر من وزنه ذهبا .. وهو مذكور في كتب الأقربزينات الأوروبية. وفي عام 1927 زرع الأنجليز مساحات كبيرة من الزعفران في المنطقة الممتدة من سافرون والدن وكامبريدج .
قال الفيروز أبادي في لسان العرب : الزعفران هذا الصبغ المعروف وهو من الطيب ، وجمعه بعضهم وإن كان جنسا.. فقال جمعه زعافير ، الجوهري : جمعه زعافر مثل ترجمان وتراجم وصححان وصحاصح ، ويقال زعفر الثوب : أي صبغه ، والزعفران أيضا فرس عمير بن الحباب ، والزعافر : حي من سعد العشيرة ، ويقول قاموس المحيط : الزعفران من الحديد : صدؤه . ولقد أشاد بعض الشعراء العرب في وصف الزعفران ، وقال مؤيد الدين الطغرائي عن حديقة زرعت فيها نباتات الزعفران :
وحديقـة للزعفـــران تـأرجت وتبرجت فـي نسـج وشـي موفق
شـكت الحـيال فألقحـتها نطفـة من صـوب غادية الغمـام المغـدق
حـتى إذا ماكان وقـت ولادهــا فتق الصــبا منها الـذي لم يفـتق
عـذراء حـبلى فطـمت أولادهـا حمـرا وصـفرا في الحرير الأزرق
وكأنما اقتتلـوا فاصـفر خائفــا بحـذاء قــان بالدمــاء مغــرق
ويعرف الزعفران بالسعفران والريهقان لصفرة لونه ، وبالفارسية يسمونه كركيماس ، وقد ذكر له داوود الأنطاكي في تذكرته أسماء عدة .. منها: الجساد والجادي والرعبل والدلهقان ،
ويسمى بالأنجليزية saffron ، وهو عربي الأشتقاق ، والأسم العلمي للنبات : Crocus satiuv
وتستعمل طبيا بذوره وبصيلاته بعد جفافها كعقار لتخفيف آلآم الرأس .
الموطن الأصلي للنبات هو منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط كسورية ولبنان وفلسطين والمغرب وتركيا واليونان ، وتوجد فيها نباتاته البرية ويزرع لأغراض تجارية للأستفادة من أزهاره في أوروبا كأسبانيا وفرنسا ومقدونيا وفي آسيا اليونان وأيران وسورية ، ويختلف موعد زراعته بين منطقة وأخرى في العالم . ألا أنه في منطقة البحر الأبيض المتوسط تزرع بصيلات الزعفران خلال شهري يوليو وأغسطس ، وتظهر الأزهار الأولى للنبات في سبتمبر أو أوكتوبر في السنة التالية.
ويستخدم للأغراض الطبية مياسم الأزهار الجافة وقمم المدقات ، وتحفظ داخل عبوات محكمة القفل بعيدا عن الضوء .
يباع الزعفران على شكل كتل مجزأة فيها مياسم أزهاره لونها بني محمر مع قطع مصفرة ويظهر بينها عادة قمم المدقات ، وله رائحة أروماتية حلوة وطعم مر، ويتلون اللعاب عند مضغه بالأصفر البرتقالي. وتحتوي مياسم أزهاره على زيت ثابت بنسبة 8-13% وزيت طيار بنسبة 1,3% ، وعدة أصباغ كاروتينوئيدية تذوب في الماء أكتشف حديثا أن لها فعالية دوائية ، وأظهر الفصل الكروماتوجرافي إحتواء مستخلص هذا النبات على مركب بايكروكروسين وهو بادئ تكوين مركبات السافرانال ومواد فلافونيدية وجليكوسيد وتربينات ، ويتحلل مركب بروتوكروسين وهو جليكوسيد ملون وجزئين من بروكروسين (جليكوسيد ملون مر المذاق) ، ويتكون نتيجة التحلل المائي لمركب كروسين كل من جنتوبيوز وسافرانال ويكون المركب الأخير مسئولا عن الرائحة المميزة للعقار.
عرف المسلمون الأوائل الزعفران واستخدموه في علاج بعض الأمراض ، قال عنه الأنطاكي: يفرح القلب ، ويذهب الخفقان ، وفي دهن اللوز المر يسكن أوجاع الأذن قطورا ، وفي الأكتحال يحد
البصر ويذهب الغشاوة ، والقروح ، والجرب ، والسلاق ، وبالعسل يفتت الحصى ويحلل ويدر الفضلات وقال عنه ابن البيطار : يقوي الأحشاء ويحسن لون البشرة ومقوي للقلب .
أما في الطب الحديث فقد نشرت مجلة J. Ethnopharmacol Jan1991. دراسة أجراها فريق من العلماء في مركز أمالا للسرطان – تقول النشرة :
أنه أعطيت حيوانات التجارب 200 ملجم من مستخلص نبات الزعفران لكل كجم من وزنها ، فلاحظوا في التجارب المخبرية أنه مسمم للخلايا الخبيثة ، وعملت المركبات الفعالة فيه على موضع جزيئات د.ن.أ في الخلايا ، وأظهرت التحاليل الكيموحيوية لدم هذه الحيوانات أنها طبيعية أثناء إستعماله ، وفعاليته المضادة لأنواع من السرطان ، وأكتشف الدكتور تارانتيلز ورفاقه من قسم العلوم العامة بكلية الزراعة بأثينا في اليونان التأثير الثبط للنمو والمحدث للتباين في الأصابة بمرض إبيضاض الدم ( لوكيميا ) بواسطة مركبات الكارتينويد في الزعفران ، ولاحظوا أن هذه المركبات لها تأثير معنوي على التكاثر الخلوي والتباين للمركبات في الخلايا . ويستعمل مركبات الروتينويذر كعوامل كيماوية وقائية في الأنسان .
فصل فريق من العلماء من قسم الهندسة الكيماوية بجامعة أرستوتوليان باليونان من براعم الزعفران مركبات تسبب تجمع الصفائح الدموية في الدم لإيقاف النزيف الدموي وأخرى تثبط حدوث ذلك .
أما تأثيره على الذاكرة والتعلم فقد أظهر أحد الأبحاث العلمية الحديثة التي أجراها الدكتور زانج ورفاقه بقسم الصيدلة الكيماوية بكلية العلوم الصيدلانية بجامعة طوكيو باليابان على فئران التجارب بعد إعطائها الغول ، أن المستخلص الغولي للزعفران له تأثيرات على الذاكرة والتعلم في هذه الحيوانات ، ولكن لم يظهر عند تناول جرعة واحدة منه أي تأثير على تسجيل نشاط الذاكرة لديها .
أما في الطب الشعبي فقد أستعمل كمقوي للمعدة ومزيل المغص المعوي ، و يشرب منقوعه في الماء الساخن عند الشعور بالبرد والتشنج وفي علاج الربو الشعبي ، ولأدرار الطمث ، وكمنبه عصبي خفيف .
يستعمل الناس أساسا الزعفران كمادة ملونة ومنكهة لبعض الأغذية وفي تحضير القهوة العربية في منطقة الخليج العربي . ويستخدم كصبغة في بعض مستحضرات التجميل والعطور وملون للأقمشة والأدوية ، الا أنه من الممكن أن يسبب تسمما نتيجة تناول مقادير كبيرة منه .
هناك العديد من النباتات التي تستعمل بديلا للزعفران أو تخلط به كوسيلة للغش لارتفاع ثمنه وهي :
- أزهار أذريون الحدائق : وتلون أحيانا بالبرتقالي الميثايل ، وتعرف بالفيمينيل أو الزعفران الصيني .
- التويجات الزهرية لنبات القرطم : ويسمى العصفر ، وهو من الفصيلة المركبة ، ويزرع القرطم كمحصول نباتي لأستخراج الزيت من بذوره (المعروف بزيت القرطم) وتباع (غشا) تويجات أزهاره بديلا عن الزعفران (لشدة الشبه) .
- مياسم أزهار حرير الذرة : وهو من الفصيلة النجيلية .
المفضلات