التعايش مع واقع التوحد القاسي
إعداد الطبيب النفسي/ ناثان أوراي
فريق دعم الصحة العقلية أيلاند – فيكتوريا بي سي
ترجمه بتصرف: ياسر بن محمود الفهد – والد طفل توحدي - الرياض
المفاهيم العامة لمساعدة الأفراد ذوي الضعف العاطفي و ضعيفي القدرة على التكيف، و كيفية استطاعة مقدمي الرعاية مساعدة الشخص ذو الخبرة القليلة الذي يعيش لحظته و لا يستطيع التواصل والارتباط مع الآخرين و يضخم مشاعرهم.
1- مرحلة التهدئة و الليونة:
إن الموضع التي تتشكل فيه العلاقات العاطفية داخل الإنسان هو نفس الموضع الذي يعود إليه في حال عدم حدوث أي شئ حوله. من تكون أنت عندما لا يكون أي شئ آخر حولك مثل شخصٍ مريح معك مثل شخصٍ يملأ وقتك بنشاط شخصي ذي معنى، مثل شخصِ يتعين عليه ملء اللحظة الهادئة بنشاط ما، مثل شخصِ قلق من الأسئلة غير المجاب عليها في ذهنك ، مثل شخصِ قلق مما قد يحدث لاحقا ؟ و إلى أين مدى يسرح ذهنك عندما لا يكون هناك شئ حولك يرتب أفكارك و تصرفاتك ؟
أ- حالة الارتباط مع الآخرين في الزمان والمكان
إذا كانت لديك الخبرة في أن تكون واقعي ذو تواصل، فبذلك يكون لديك نظام فيه من المزايا الأساسية ما يتيح لك تنظيم أفكارك و تصرفاتك و تعرف كيف تدرس الخيارات المتاحة و تعرف ما هي المبادئ السائدة في العالم وهذا يمكنك من تنظيم أفكارك و أنشطتك، وتستطيع ترتيبها وفق الأولويات، ويمكنك التخطيط للمستقبل القريب و البعيد ، و يمكنك تأجيل أشياء و العودة إليها لاحقا، و يمكنك تغيير رأيك و تعرف كيف تتوافق أفكارك و ذاكرتك معا في نسيج مع الماضي و الحاضر و المستقبل.
ب- حالة الفراغ الشخصي والضياع في المكان والزمان
إذا لم يتطور لديك إحساس في أن تكون واقعي ذو تواصل ، فإنه لن يكون لديك نظام ذو مزايا أساسية يساندك و لن تكون لديك القدرة والإحساس على التنبؤ، و لا تستطيع ترتيب أفكارك و تصرفاتك، و لا تستطيع دراسة خياراتك، كما أن تجربتك الحالية المباشرة تأخذ الأولوية القصوى على جميع الأفكار الأخرى، و لا تستطيع تحديد أولويات أفكارك و أنشطتك، و لا تستطيع التخطيط للمستقبل، و لا يمكنك تأجيل أي شئ لأنك عندما لا تستطيع أن تفكر فيما يدور في ذهنك فإن فكرتك الحالية تتلاشى، ولا تستطيع تغيير رأيك لأن فعل ذلك يجعلك تشعر بأنك فقدت عقلك (أو في تلك اللحظة تكون فعلا قد فقدت عقلك وذلك لأنك لا تستطيع إعادة ربط فكرتك السابقة ما لم يساعد شخص آخر على إعادتها إلى ذهنك)، و لا يكون لديك إحساس بكيفية توافق أفكارك و ذاكرتك معا، و يكون لديك ماض و لكنه غير مرتبط بحاضرك، و حاضر غير مرتبط بماضيك أو مستقبلك ، فستعيش في حالة تعكس الضعف لشعورك الحالي و التذكري.
إلى من ترجع إذا لم تكن لديك الخبرة في الاستمرارية و التواصل الحقيقي مع الآخرين، و إذا كنت وحيدا و ليس لديك مشاعر أساسية تعتمد عليها، بالتأكيد تكون تجربتك لا وجود لها، و لحظات الفراغ التي لديك دون تنظيم إحساسك تنطوي على تهديد، ويكون وقت الفراغ لديك مملوء بمشاعر السرحان و المقاومة.
ج- انعكاس المشاعر
عندما يكون مقدم الرعاية حاضرا معك و يبدي لك مشاعر إيجابية، فإنك ستكون قادرا على عكس المشاعر الإيجابية و يمكنك أن تشعر بالأمن و الهدوء، و عندما يكون مقدم الرعاية حاضرا معك و يبدي لك مشاعر القلق فإنك ستعكس مشاعر القلق و قد تهرب أو تحمي نفسك من هذه المشاعر غير المريحة .
و أما إذا كنت وحيدا و ليس لديك مشاعر تبديها للآخرين، فقد تحمي نفسك من مشاعر الفراغ التي لديك، و قد تقوم بأي من التصرفات المتهورة حيث لا يوجد لديك ما تعكسه من مشاعر، و قد تكون مدمنا لتلك التصرفات وذلك لملء فجوة الفراغ.
د- عدم المقدرة على تنظيم مشاعرك القوية
بعض الأفراد تكون لديهم استثارة عاطفية عندما يكون لديهم أي شعور قوي سواء كان ذلك الشعور إيجابي أو كان سلبي، و قد تكون تلك السلوكيات المتهورة و سلوكيات الرفض و المعارضة التي تظهر عليهم شديدة.
عندما يحاول الشخص تنظيم مشاعره الداخلية و الخارجة عن السيطرة، فإن تجربة الاضطراب العاطفي قد تكون شديدة جدا بحيث تظهر فجأة في سلسلة واسعة من سلوكيات سوء التكييف، و عندما يبدي الأفراد أنماطا من سلوك سوء التكييف فلا يهم انزعاجهم وذلك لأنهم يفعلون ما بوسعهم لإعطاء أنفسهم إحساسا بالسيطرة و معرفة ما إذا كان عالمهم مكانا آمنا أم لا، و إذا تم التأكد بأن عالمهم غير آمن فقد يقودهم ذلك بأن يكونوا عرضة لجرح المشاعر الشديد.
2-مرحلة خلق الاستقرار بعد التهدئة والليونة
إن دور مقدم الرعاية المساندة أثناء لحظة ذروة الاستثارة ليس محاولة إقناع أو تهيئة الشخص و محاولته لمعرفة الأسباب، بل إن أحد مهام مقدم الرعاية المساندة أن يكون على دراية بأن الشخص الذي يقوم باختبار أمن وسلامة بيئته الخاصة سوف مشاعر الخوف لمقدم الرعاية، و هكذا فإن لم يفهم مقدم الرعاية المساندة السبب فقد يجد نفسه يعاني من الخوف و الاستثارة و القلق.
و سعيا لتصديق مخاوف ذوي التوحد بأن العالم مكان غير آمن ممن يقدمون الرعاية فقد يسعى بعض ذوي التوحد إلى إثارة ردود فعل مخيفة مما يعزز اعتقادهم الرئيسي القاصر بأن العالم مكان ملئ بالتهديد و لا يمكن التكهن بحالته و لا يمكن الاعتماد عليه، وبالتالي فإن مهمة مقدم الرعاية هي البراعة في فهم هذه الظاهرة و إقناع الشخص التوحدي بعدم الخوض في ذلك. كما أن هدف و دور مقدم الرعاية هو أن يكون مصدر اطمئنان دائم للفرد بحيث لا يتورط هو في مشكلة الشخص الحالية.
ماذا تفعل بعد التهدئة والليونة؟
أ-الأهداف و المهام و الأدوار و الأساليب العلاجية:
إن هدف مقدم الرعاية المساند هو السعي لجعل ذوي التوحد الذي يواجه العزلة أن يشعر بلحظته وذلك بالانتماء و التواصل بمن يقدم له الرعاية، و مساعدة ذوي التوحد للشعور بالأمن و الأمان و الارتباط بردود فعل معينة يمكن التكهن بها، و أن يصبح ضوء مرشدا لذوي التوحد خلال الضباب الكثيف الذي يواجهه في حياته وأن يكون بوصلة تحدد له الاتجاه الصحيح.
إن الأسلوب العاطفي لمقدم الرعاية المساندة هو السعي لأن يجعل الشخص الذي يعكس و يضخم المشاعر يشعر بالهدوء و يُوجد له إحساس تام برد الفعل على ما يحدث في الوقت الحالي.
كما ينبغي أن يكون القاسم المشترك لمقدم الرعاية هو عدم القلق بشأن نتيجة رد الفعل على الرعاية المقدمة، و أن يقدم ما يمكن و عدم التأثر في حال عدم قبول ذوي التوحد لذلك.
وهذا التوجه العاطفي المنفصل قد يتيح لمقدم الرعاية تقديم رد فعل معين و هادئ يمكن التنبؤ به دون أن تأسره عاطفة المشاعر الشخصية للفرد. كن حنونا و قدم مشاعرك الحارة و لكن لا تستنفذ طاقتك بأن تتبع ذوي التوحد الذي يسعى لاستنفاذ طاقتك.
ب- فكرة مساعدة الفرد في الصحة النفسية:
مع تشجيع الجهد الرامي لدعم قرار حل المشكلة، يكون الدور العلاجي الرئيسي لمقدم الرعاية هو السعي لمساندة القبول الشخصي و العفو الشخصي للفرد، بحيث يكون دور من يقدمون الصفح والعفو هو إزالة الخجل و العتب الشخصي.
و بمجرد ليونة ذوي التوحد فإنه سيحتاج إلى المساعدة بعناية وذلك لإعادة إنشاء التواصل بالعالم و بالآخرين الموجودين فيه. و سيكون هذا ضروري قبل العودة إلى الحالة السابقة. و في هذه الحالة الذهنية المتشتتة تكون قدرة ذوي التوحد على الأداء هي مسئولية مقدم الرعاية.
تحذير : أحد أدوار مقدم الرعاية هو أن يفهم أن شعورك بالإحباط بسبب عدم قدرتك على مساعدة الشخص قد يكون مثل الغضب و رفض الشخص.
في اللحظة التي تنظر فيها إلى ذوي التوحد و تتحدث إليه و يكون هو في حالة استثارة فإنه يجب عليك أن تظهر له أنك فعلا تحب الشخص الذي تقوم بمساعده و يجب أن يكون ذلك الشعور حقيقيا.
و هذا هو التحدي الذي يواجه مقدمي الرعاية الذين يساعدون ذوي التوحد، على الرغم أنه من الصعب أن تحب بصدق الشخص الذي أتلف أغراضك للتو أو ضربك أو عاتبك و شتمك.
و بالتركيز مع ذوي التوحد تنشأ الثقة و حين تتقبل غضبهم دون حقد مع تعزيز الحدود المناسبة في نفس الوقت.
التعامل بين الفرد و من يعالجه كالتالي :
كأساس للثقة و الاستقرار و المودة العاطفية يجب أن يكون الشخص المعالج شخصا موثوقا به و مرآة يعكس شخصية متطورة و منسجمة. و بدء بالعلاقة فإن الفرد يتعلم كيف يقدم للآخرين الثقة و التوقعات المناسبة (كريسمان آند ستروس ، صفحة 125).
و ينبغي أن يكون للمعالجين المرخص لهم التدريب الوقت الكافي للقيام بهذه الأدوار. و هذه مهمة أكثر صعوبة لمقدم الرعاية في مكان السكن أو العمل، و يجب أن تكون الإجابة بالنسبة لمقدمي الرعاية الأوائل أكثر سرعة و انتظاما و يمكن التنبؤ بها.
إن آليات البدء في بناء شعور بالثقة و الارتباط و الانسجام الداخلي هي إنشاء علاقات طقوسية يحكمها القانون و يمكن التكهن بها.
· يجب أن تكون الأدوار و الحدود واضحة و محددة لجميع المشتركين
· يمكن وصل التصرفات و التعاملات بجسور قوية و مرئية.
عند الحاجة للعمل في العالم خارج تلك التعاملات التي يمكن التنبؤ بها يظل ذوي التوحد ضعيفا و الهدف الطويل المدى هو أن تصبح تلك التعاملات في النهاية أساسا معروفا و حقيقيا للعلاقة.
و بالنسبة لمقدم الرعاية الأول فإن المهمة و الدور المباشر تكون الأساس الذي يستند عليه الفرد. و إن دعم الفرد ليصبح تابعا بنجاح لا يضغط على الفرد ليقوم في كل الوقت بكل يستطيع القيام به عندما يكون هادئا و آمنا. كما ينبغي توفير البيئة الهادئة و الآمنة التي تتيح له العمل.
و عندما يكون ذوي التوحد الذي تساعده في حالة صعبة فقد يكون من المساعد لمقدم الرعاية أن يتصور " الصحة النفسية للفرد". و في حال افتراض أن يكون ذوي التوحد في حالة مرضية لمدة طويلة دون تحسن فإنك تقدم له المساعدة حتى يكون مستقرا داخليا بما فيه الكفاية وذلك للاستفادة من مستوى المساعدة التي تستطيع تقديمها له.
3- تحديد و تحقيق الآمال الواقعية:
أ-مقدمو الرعاية مسئولون عن الحفاظ على الآمال المحققة
و الهدف دائما هو " تحقيق " النجاح حتى يحصل الفرد على تغذية استرجاعية بصورة متكررة. و أيضا الهدف دائما هو تذكير الشخص ذي التوقعات و النتائج الإيجابية و السلبية بتصرفاته كتعريف له بحدودها.
و ينبغي تذكير ذوي كوسيلة لتعريفهم بأنهم سيكونون في أمان و أنهم لن يتركوا ليخرجوا من نطاق السيطرة. و بهذه الطريقة فإنه يجب الحفاظ على أرفع الآمال في كل الأوقات. و لكن يقع على عاتق مقدم الرعاية ضمان أن يحقق ذوي التوحد هذه الآمال فعلا. كما يقع على عاتق مقدم الرعاية ضمان تحقيق هذه التطلعات فعلا، و تقع على مسئوليته أيضا إيجاد بروفة سابقة حتى يظهر ذوي التوحد سلوكا عشوائيا أو عدوانيا أو خارجا عن السيطرة.
و إذا جرب ذوي التوحد و لم يجد حدودا أو قيودا ملائمة و متوقعة فإنه قد يتوه و ينتكس ويتحول إلى تصرفات خارجة عن السيطرة. و بالنسبة للشخص غير الملتزم الذي يفقد الإحساس بالاستمرارية الشخصية و تكاد تكون تصرفاته خارجة عن السيطرة إذا سمح لتصرفاته بالخروج عن السيطرة فإن ذوي التوحد قد يتصرف بالشعور بعدم الأمان اللا محدود.
إن تفسير هذه التصرفات هو أن الموظف ليس لديه انسجام داخلي يستطيع به تنظيم سلوكه، و تفسير هذه التصرفات أيضا هو أن ذوي التوحد يتعرض لإجهاد بعد المشقة مثل مستويات الإثارة و القلق و الرعب.
و قد يشعر هؤلاء الأفراد بعدم السيطرة على مشاعرهم عندما يتوقعون سلوكا مناسبا غير موجود لديهم. و ينبغي أن يكون للفرد ذي السلوك الارتدادي و الخارج عن السيطرة شخص ليسيطر على سلوكه.
"إن الأفراد الذين يخرجون عن السيطرة يبحثون عن من يسيطر على تصرفاتهم". و هذا غالبا هو السبب في تصاعد سرعة السلوك لهذه الدرجة و الذي كثيرا ما يكون مصحوبا بألم نفسي حال أو لهجة حادة أو مخاطرة شديدة تجاه الآخرين. و بالنسبة للشخص المستثار بدرجة كبيرة الذي لديه إحساس بالتواصل وارتباط فإن أي تحكم خارجي بغض النظر عن سلبيته يكون أقل بغضا من تجربة الخروج عن السيطرة و الضياع.
ب- كيف يمكن إيقاف سوء التكيّف و إعداد الشخص للنجاح.
إن الهدف على المدى القصير هو أن نوجد في ذوي التوحد "آلية التزام بالقواعد الاجتماعية " و أن نجعله معتمدا على من يقدمون له الرعاية بنجاح وذلك للحفاظ بشكل متناسق على الأصول و الحدود. و عادة ما يتم تهدئة ذوي التوحد و البيان له ما يجب عليه أن يفعله بالضبط و ما يتوقع نجاحه. و عند الفشل في تحقيق ما هو متوقع منه تتم مساندته دائما في إبداء رد مسالم و متسم بالمشاركة. و على المدى القصير أيضا فإنه يجب على من يقدمون الرعاية لذوي التوحد "أن يعيشوا حياته".
و بمجرد الاعتماد أولا على النظام و الروتين على المدى الطويل فإن المهمة التي تكون بعد ذلك هي السعي لتعميم عدد من المواقف التي يمكن بها الحفاظ على هذا النوع من الضبط و التحكم بنجاح. و عند إعداد ذوي التوحد للنجاح قد يتكون لديه في البداية إحساس بسيط بالذاتية و الانفصال عن الآخرين. و قد لا يتكون لديه إحساس بالأداء المحسوس. و كثيرا ما تجد الانعزالية مؤقتا كما يلي :
"العزلة الدائمة ". و نتيجة لذلك قد يصبح الفرد محبطا بدرجة حادة عندما يتخلى فعلا أو بشكل ملحوظ عنه آخرون مهمون، ثم يغضب على العالم بسبب حرمانه من إنجازه الأساسي (كريسمان و ستروس ، صفحة 39).
ملحوظة: قد يكون ذوي التوحد الذي تم تعليمه بالضبط كيف يتصرف معتمدا على مساعدة غيره بحيث أن يتبع أي شخص آخر نفس الأصول الواضحة. و بجانب أنماط سلوك سوء التكيف الذي يبديه ذوي التوحد فقد يؤدي القلق الشديد إلى تطوير مسائل صحية عقلية هامة. و قد يحدث ذلك هاجس بالالتزام بالقوانين و مطالبته بأن يتبع الجميع ذلك. و أيضا يؤدي الفشل في ذلك إلى حالة من الاستثارة الشديدة.
من الضروري الحفاظ على التحكم الخارجي بدرجة كافية. و أن يرد الفرد في نفس اللحظة على ما يبدر من بيئته. فهو كالطفل لا يرد على التوقعات. و لا يتوقع من الطفل في سنوات عمره الأولى أن يتعلم درسا، كما لا يتوقع منه أن يكون قادرا على إتباع قوانين المجتمع التي تردد في البيوت بشكل مستقل.
و الهدف هو السعي لأن يستجيب ذوي التوحد للتلميحات و التوقعات الشفهية الإيجابية و تطبيق القوانين على حد سواء في البيئة. و بهذه الطريقة تنشأ عادات إيجابية للتغلب على الصعوبات، و يصبح من الضروري للشخص الذي يعتمد على المساعدة الخارجية و المتوقعة أن يشعر بالأمان. و حتى يتم ذلك ينبغي على الشخص الذي يعاني من سوء التكيف أن يبقى محميا من التغييرات التي لا يمكن التكهن بها في الروتين و التي يجدها غالبة.
و في سياق هذا السلوك "الخالي من الأخطاء" ينبغي الأخذ بالمستوى الأولي من التحكم الذي تم إنشاؤه و نقل ذلك تدريجيا إلى مقدمي الرعاية، و الحفاظ على مستوى من يمكن التحكم به من الاستثارة الخارجية، و كذلك حماية الشخص من فر ط الاستثارة التي تؤدي إلى إجهاد مؤذ مثل ردة الفعل و الانتكاس السلوكي.
و من أهداف التدريب السلوكي تدريب الشخص ذو سوء التكييف على نفس المهارات المستخدمة بواسطة الأشخاص ذوي التكيف الجيد و الأصحاء بدنيا و عقليا و القادرين على إنشاء نوع من التبادل العاطفي. و أن من الضروري لمقدم الرعاية أن يتخيل أن ذوي التوحد مثل الآخرين إذا توفرت له القدرة على إنشاء العلاقات.
و من المهم عرض التصرفات التي تبين لذوي التوحد كيف يتعامل مع الآخرين. و هذه يمكن عرضها أولا بطريقة مصطنعة تماما و لكن سيعرف على الأقل أنه يفعل الشئ الصحيح و يتبع القوانين الاجتماعية الناجحة. و الهدف هو جعل ذوي التوحد أن يشعر بالارتباط و يترجم ذلك إلى سلوك مع الآخرين.
و في أثناء التدريب يكون أحد الأهداف هو تهدئة الشخص وخلق مشاعر هادئة، و قد يساعد في ذلك التنفس بطريقة تخفف التوتر، كما أن الطرق المعرفية لجذب النفس و تهدئتها بجرعة مضادة من الأفكار و المشاعر قد تساعد أيضا، و أن ممارسة عادات معروفة قد يساعد كذلك.
و من حيث المبدأ فإن هذه العلاقات الناجحة قد تكون علاقات مصطنعة و مفاجئة. و يقع على عاتق مقدم الرعاية تهدئة ذوي التوحد بحيث يتصرف على ذلك النحو حتى تصبح تلك عادات ناجحة. و في النهاية يصبح الفرد قادرا على تذكر الشعور بالارتباط والانتماء و ترتيب ما يتعين عليه فعله للحصول على الشعور بالارتباط. و سيصبح ذوي التوحد قادرا على الرد بأدوار معروفة و استخدام هذه العادات المعروفة. و في سياق هذا النوع من الصحة العقلية يصبح الفرد ناضجا و يطور في النهاية علاقات ثقة مع الآخرين.
المفضلات