القـــــــــدوة
"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً"
تعد هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ..
ومنهج الإسلام يحتاج إلى بشر يحمله ويترجمه بسلوكه وتصرفاته، فيحوِّله إلى واقع عملي محسوس وملموس، ولذلك كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الصورة الكاملة للمنهج؛ ليترجم هذا المنهج ويكون خير قدوة للبشرية جمعاء.
ومن الجوانب المهمة في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يجب أن تكون شاملة كما نرى في سيرته - صلى الله عليه وسلم- في إيمانه وعبادته وخلقه وتعامله مع غيره، فقد اجتمعت صفات الكمال وإيحاءات التأثير البشري، واقترن فيها القول بالعمل.
روي أنه "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها . فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا , وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر , وقال آخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا , فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : أنتم القوم الذين قلتم كذا وكذا . أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له , لكني أصوم وأفطر , وأصلي وأرقد , وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني ".
وقد تم العلاج النبوي وتربية الأمة بردهم إلى سنته صلى الله عليه وسلم التي لا تتعارض مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها..
وإن من المسلمين من يتأسى بالنبي الكريم في الأحوال الظاهرة والعبادات ولا نرى أثراً لهذا التأسي في معاملاته وأخلاقه ، فتجده يحافظ على الصلوات ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة عن مناسك الحج -وهذا خير كثير-؛ لكنك تجد المسلم نفسه لا يلتزم بأخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم في صدقه وجرأته وعدله وأمانته ومع أهله وفي بيته، وغضبه وحلمه.. وربما يختفى هذا التأسي في الأمور الخفية كالأخلاص والخوف والرجاء..
وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وأخبرنا أن خير القرون قرنه ثم الذين يلونه.. إلا أن المتأمل في الحياة المعاصرة يجد الأمور قد اختلطت وأصبح النشء والشباب يرددون : (نحن لا نجد القدوة الصالحة.. فلماذا؟).
ببحث سريع في منتدياتنا أو مطالعة لإحدى القنوات الفضائية التي يلتف حولها عدد غير قليل من شباب المسلمين لا تتعجب عندما يتوجه له سؤال عن قدوته فيقول إن قدوته هو المطرب الفلاني أو الممثل الفلاني أو اللاعب الفلاني ..، وذلك لأن هؤلاء الشباب غُيّبوا عن تراثهم وذخائر الإسلام، ولم يتعلموا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا يعرفون شيئاً عن حياة أصحابه والتابعين..
يحتاج شبابنا إلى أن نذكره بين الحين والآخر وأن نبصره بتاريخ أمته الذاخر بالعلماء والأبطال والفاتحين ، ليظل مشدودا لهذا الدين مستجيبا لله ولرسوله والكتاب المبين ..
منقول من أسلام اليوم00
المفضلات