أسعد بن زرارة الأنصاري ، صحابي جليل وأول الأنصار إسلاما ،
شهد العقبتين ، وكان نقيبا على قبيلته ، ولم يكن في النقباء أصغر
سنا من سنه ، وهو أول من بايع ليلة العقبة ، وكنيته أبو أمامة ،
ولم يكن له أولاد ذكور .
~¤¦¦§¦¦~ إسلامه ~¦¦§¦¦¤~
خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس رضي الله عنهما إلى مكة
يتنافران الى عتبة بن ربيعة ، فسمعا برسول الله صلى الله عليه وسلم
فأتياه فعرض عليهما الإسلام ، وقرأ عليهما القرآن ، فأسلما ولم يقربا
عتبة بن ربيعة ، فأسلما وعادا إلى المدينة فكانا أول من قدمها
بالإسلام .
~¤¦¦§¦¦~ ليلة العقبة ~¦¦§¦¦¤~
أخذ أسعد بن زرارة رضي الله عنه بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليلة العقبة فقال :
( يا أيها الناس ، هل تدرون على ما تبايعون محمدا ، إنكم تبايعونه على
أن تحاربوا العرب والعجم ، والجن والإنس مجلبة )
فقالوا : نحن حرب لمن حارب وسلم لمن سالم
فقال أسعد بن زرارة رضي الله عنه : ( يا رسول الله اشترط علي )
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
" تبايعوني على أن تشهدوا ألا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وتقيموا
الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، والسمع والطاعة ، ولا تنازعوا الأمر أهله ، وتمنعوني
مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم "
قالوا : نعم
قال قائل الأنصار : نعم ، هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟
قال : " الجنة والنصر "
~¤¦¦§¦¦~ إسلام سعد وأُسيد ~¦¦§¦¦¤~
خرج أسعد بن زرارة بمصعب بن عمير رضي الله عنهما يريد به دار بني
عبد الأشهل ، ودار بني ظفر ، وكان سعد بن معاذ ابن خالة أسعد بن زرارة
رضي الله عنه ، فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر ، فجلسا في الحائط ،
واجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير رضي الله
عنهما يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه
فلما سمعا به ، قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير رضي الله عنهما :
( لا أبا لك ، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا ،
فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا ، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني
حيث قد علمت كفيتك ذلك هو ابن خالتي ، ولا أجد عليه مقدما )
فأخذ أسيد بن حضير رضي الله عنه حربته ، ثم أقبل إليهما ، فلما رآه
أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير رضي الله عنهما :
( هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه )
قال مصعب رضي الله عنه : ( إن يجلس أكلمه )
قال فوقف عليهما ، متشتما ، فقال رضي الله عنه :
ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما
حاجة .
فقال له مصعب رضي الله عنه :
أوتجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك
ما تكره .
قال رضي الله عنه : ( أنصفت )
ثم ركز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب رضي الله عنه بالإسلام
وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما :
فعرفوا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال
لهما : ( ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون
إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين ؟ )
قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي .
فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين
ثم قال لهما : ( إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه
وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ )
ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد رضي الله عنهما وقومه وهم جلوس
في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ رضي الله عنه مقبلا ، قال :
( أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم )
فلما وقف على النادي قال له سعد رضي الله عنه : ما فعلت ؟
قال رضي الله عنه :
( كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا ، وقد نهيتهما ، فقالا :
نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة
ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ، ليخفروك )
فقام سعد رضي الله عنه مغضبا مبادرا ، تخوفا للذي ذكر له من بني
حارثة فأخذ الحربة من يده .
ثم قال رضي الله عنه : ( والله ما أراك أغنيت شيئا )
ثم خرج إليهما ، فلما رآهما سعد رضي الله عنه مطمئنين عرف
سعد أن أسيدا رضي الله عنهما إنما أراد منه أن يسمع منهما ، فوقف
عليهما متشتما ، ثم قال لأسعد بن زرارة رضي الله عنه :
( يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا
مني ، أتغشانا في دارينا بما نكره )
فقال له مصعب رضي الله عنه :
( أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا
عنك ما تكره ؟ )
قال سعد رضي الله عنه : ( أنصفت )
ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن
فعرفوا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال
لهما : ( كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين ؟ )
قالا رضي الله عنهما :
( تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين )
فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ
حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير رضي الله
عنهما.
فلما رآه قومه مقبلا ، قالوا :
نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم
فلما وقف عليهم قال رضي الله عنه :
( يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ )
قالوا : سيدنا وأوصلنا وأفضلنا رأيا ، وأيمننا نقيبة
قال رضي الله عنه : ( فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا
بالله وبرسوله )
فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة .
~¤¦¦§¦¦~ أول من صلى الجمعة ~¦¦§¦¦¤~
كان اسعد بن زرارة رضي الله عنه أول من صلى الجمعة بالمدينة عندما
بلغ عدد المسلمين أربعين رجلا .
تقول النوار أم زيد بن ثابت رضي الله عنها أنها رأت أسعد بن زرارة
رضي الله عنه قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة
يصلي بالناس الصلوات الخمس ، ويجمع بهم في مسجد بناه في مِربد
سهل وسهيل ابني رافع بن أبي عمرو بن عائذ ، و تتابع قائلة :
( فأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم صلى في ذلك
المسجد وبناه ، فهو مسجده اليوم )
~¤¦¦§¦¦~وفاته ~¦¦§¦¦¤~
أصيب أسعد رضي الله عنه بمرض الذبحة أثناء بناء المسجد النبوي
وكواه الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن وافاه الأجل في شوال من
السنة الأولى للهجرة ، وحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم غسلَه ،
وكفنه في ثلاثة أثواب منها برد ، وصلى عليه ، ومشي أمام الجنازة ،
وكان أول من دفن بالبقيع من الأنصار وقد أوصى قبل موته ببناته إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن :
كبشة وحبيبة والفارعة وهي الفريعة ، فضمهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى أهل بيته .
المفضلات