الله – جل وعلا – يقول:
{إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ
أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}
إذا تتبع المسلم الآية التي تحتوي على :
"أينما يوجهه لا يأت بخير"
يجد إشارات حكيمة، والنص هو كالتالي :
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ
عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}
الرجل الذي لا يقدر على شيء، وهو عالة على صاحبه، ويعتمد عليه في كل شيء، وأينما يوجهه فالناتج سالب أو صفري، وهو دائمًا وأبدًا مصاحب للفشل في كل أحواله ومشروعاته وأعماله وهيئاته وتنظيماته، هو رجل (أبكم)، ولا يعقل أن يقصد المثل القرآني الشخص الأخرس، والذي غالبًا ما يكون فاقدًا للسمع أيضًا، لا يقصد الأخرس بالمعنى الحرفي للكلمة أي لا يستطيع النطق لعاهة فيه، ولكن قد يكون المقصود أنه الشخص الذي لا يستطيع السؤال، والمناقشة والجدل، وإبداء الرأي وحرية التعبير عن هذا الرأي، كما أنه (لا يسمع) أي أنه محروم بالتبعية وفي الغالب من التفكير وتنمية مهارات الجدل والتعقل والتبصر. هل تكون الإجابة، أو نستطيع القول إن الشخص المحروم من حرية السؤال والمناقشة والجدل والتفكير، ومن حرية إبداء الرأي أو التعبير، هو الذي أينما توجهه لا يأتِ بخير، وإن المقابل لـه، أي الذي يملك تلك الحريات بالضرورة ،،،،،،،،،،
هل في غياب حرية الرأي والتعبير والمناقشة والجدل والتفكير إجابة ولو جزئية على تلك الحال التي وصل لها المسلمون؟
أما الآية التي تسبق التي ذكرناها لتونا، وهي الآية (75) من سورة النحل فيقول سبحانه :
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ
عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
هنا تجد الفرد (مملوكًا) أي سلبت منه كل الحريات المكفولة له بحكم حمله للأمانة، وهي الحريات التي وهب على أساس تحمله لمسئوليتها خلافة الله في أرضه -والتي ذكرنا أصنافها سلفًا- يصفه القرآن بأنه (لا يقدر على شيء)، أي أن القدرة على أي فعل معدومة، فما هو توصيف الوضع المعاكس لذلك؟ هو الرجل الذي رزق الرزق الوفير، فهو ينفق منه في السر والعلن. فهل يكون القصد أن النتيجة الحتمية للسلب الكامل لحرية الفرد وبالتالي الجماعة، هي الانهيار الاقتصادي وما يعقبه من انتشار الفقر، وانخفاض الدخل القومي والفردي، أي انخفاض الإنتاج، وانخفاض القيمة المضافة الناتجة عن عمل الأفراد والجماعات، واختلال الموازنات والميزانيات، وما يترتب على ذلك من ارتفاع الدين الخارجي والداخلي، وانهيار الخدمات، والوقوع في فخ العجز عن دفع أصل الدين ناهيك عن فوائده، ثم استجداء إلغاء أو جدولة الديون، وبعد ذلك رهن الموارد القومية، ورهن استقلال القرار السياسي لدى أصحاب الديون ،،،،،،،،،،،،،،،،
هل تقصد الآية ما سبق؟
هل للحرية كل ذلك التأثير؟
هل يستوي الفرد الحر والجماعة الحرة، مع الفرد والجماعة مسلوبي الحرية؟
وهنا يجب التأكيد على أن الحرية لا ترادف اتباع الهوى، فلا يوجد أعداء أخطر على الحرية
من تقي جاهل، أو عالم فاجر ،،،،،،،،،،،،،،،
والحرية ليست بالتمني أو الادعاء، فلكي تكون حرًّا كالرسول، لا بد من الجهاد والمجاهدة
ولا بد من الترقي في الكمالات الأخلاقية للحصول على الحرية ،،،،،،،،،،،،،،
الحرية هي القرار الذي يتخذه الإنسان الحر الواعي المكلف، والذي لا تستطيع قوى العالم مجتمعة أن تسلب هذا الإنسان هذا القرار، مهما كانت الإغراءات أو مهما توحش العدوان أو مهما كانت الظروف، والحرية هي التي تحمي صاحبها في الوقت نفسه ،،،،،،،،،،،،،،،
الإنسان خليفة الله في أرضه، باختياره الحرية، اختاره الله لهذا المعنى الرفيع، اختاره الله لجدارة الإنسان بها، والله أعلم حيث يضع رسالته ،،،،،،،،،،،،،
دمتم ،،،،،،،،،،،،،،
الرعـــــــــــــــب
المفضلات