ليوقر الدانماركيون أبقارهم كيف يشاءون وليُلبسوها النظارات والقبعات وليجعلوها تتأرجح على أسرةٍ معلقةٍ في أطرافها . ليُركبوها السيارات وليفتحوا لها الباب إن أرادت النزول . ليقفوا لها صفاً واحداً لاستقبالها وليؤنسوها بلعب الكرة .. ليفعلوا لها من الرفاهية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .. ليدللوها وليُسعدوها وليخضعوا لها احتراماً وتقديراً .. فوالله لأبقارهم أشرفُ وأعقلُ منهم ..
لست أعني بأبقارنا تلك الأبقار البلدية والتي برزت أوراكها وظهرت أضلاعها ودقت سيقانها وسال أنفها والتي دب بها اليأس بسبب ما تلاقيه من شقاء وتعب , فكانت لا ترفع رأسها عن الأرض ولا تكترث بمن حولها وإن حامت فوقها العقبان ودارت حولها السباع . وإلا فلا مقارنةً بينها وبين أبقارهم الفتية والممتلئة لحماً وحليباً والتي لها حس البلابل وحُسن المها .
بل أعني بذلك هؤلاء الذين لا هم لهم إلا التخفيف من هذا التحدي والتهوين من أمره والإستخفاف بمن تأثر به أو التهكم بمن غضب بسببه . ومن هذه الأبقار أيضاً من يأتي بالأعذار للذين أجرموا ويخص الذنب بفئةٍ دون أُخرى ثم تراه يقلل من أهميتها وتعدادها , ليُبين بعدها أواصر الصلة بين الغرب وإيضاح ما يتمتع به الغرب من حرية الفكر والديمقراطية والنزاهة والقلوب المتسامحة وما هو غير ذلك !
لم تأتي تلك الرسومات الوقحة والتي نُشرت في إحدى الصُحف الدنيماركية , إلا لإكمال سلسلةٍ من الأحقاد والكراهية التي تغذى عليها هذا الشعب الكريه مع ما يتغذى عليه من جبنٍ وزبدة . حتى أصبحت قابلةً لأن تنمو وتترعرع في عقولهم وقلوبهم كقابلية جبنة أنكور للدهن , فأُصيب الدنماركي بالهيجان حين خالطه بعضاً من جنون البقر وجنون الانحلال وجنون الفساد الذي تأتى بسبب التفكك الأُسري والإجتماعي والضلال الديني , فظن هذا المسكين أنه سينال من خير البرية ومن سيدها وعظيمها محمد صلى الله عليه وسلم .. الذي أخذت منه هذه الأُمة دينها وخُلقها .
والفرق بين الدانيماركي وغيره من الغربيين أنه الوحيد الذي ترك التقية وأظهر حسده وأحقاده وبغضه لهذه الرسالة الخالدة والأبدية , بعد أن قارنها بما هو بين يديه . لكنه يبقى والغرب عموماً في حضيرةٍ واحدة لها أعلافها الموحدة التي تُغذيها لإتمام أهدافها ومقاصدها المشتركة .
ولكي نعي ونفهم بل ولكي نُسكت من يهون الأمر أو يخصصه ويختزله بمجموعةٍ ضئيلة من الدانيماركيين كي لا يُعتد بها . فإن ما حدث لم يكن بريئاً كما يقولون ولا كان من باب الحرية أو بسبب جهلهم في تقدير النتائج .. ودليلنا .. ناصر خضر أذله الله .
كان قد نشر كتاباً قبل سنوات أسماه " الشرف والعيب " والذي حظي بسببه بالترحاب في الأوساط السياسية والثقافية في الدانيمارك , حيث وصل بسببه إلى نيل العضوية في البرلمان الدانيماركي كأول رجل من أصل عربي ويحمل صِبغةً مسلمة يحتل هذا الموقع . فيم اعتبر المسلمون بأن فيه تشويهاً متعمداً للإسلام وللمجتمع الإسلامي ..
ولكي يثبت هذا النائب الفلسطيني " مع الأسف " غيرته على أبقار أنكور وبوك ومنتجاتهما من زبدةٍ وأجبان , انقلب هذا النائب على ائمة المساجد في الدانيمارك مُدعياً بأنهم السبب في الخلاف بين المسلمين والدانيماركيين واصفاً إياهم بالمُتطرفين , وأن غالبية المسلمين في بلد الأبقار لا يؤيدون هؤلاء الائمة فيما ذهبوا إليه " من ماذا ؟! " من إنكارٍ على الصحيفة !!
بل ودعا إلى جمعيةٍ تضم المسلمين في هذا البلد تكون بديلةً لهؤلاء الائمة , ويُضيف بأن لها اجتماعاً قريباً سيُعقد في مبنى البرلمان الدانماركي !!
إن هذه الحظوة التي يتمتع بها هذا المدعو بـ ناصر في الأوساط السياسية والثقافية والإجتماعية في هذا البلد , يجعلنا نؤكد بأن هذه العواطف وتلك التعاليم البريئة والتي رُسمت مؤخراً على وجوه بعضاً من المسؤولين في هذا البلد عن طريق اعتذاراتهم وأسفهم , ليست سوى أكاذيب وتحايلَ ودموع بقرية ما كانوا ليُظهروها لولا أنهم خافوا أن تبور أبقارهم والتي هي مصدر رزقهم وأساس صادراتهم .
ليت الدانيماركيون يُبادلونا بأبقارهم الجميلة ونُعطيهم أبقاراً في الفِكر والفِعل والهدف والغاية , ولا نجني منهم لا حليباً ولا زبدة ؟!
المفضلات