هذا هو الإسلام
نساء تحدث عنهن القرآن الكريم أمهات المـؤمنين
ـ زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها
عندما نتحدث عن أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ إنما نتحدث عن امرأة حسيبة نسيبة أنزل الله ـ تعالي ـ في شأنها قرآنا يتلي إلي يوم القيامة. وهي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غـنم بن أسد بن خزيمة.. وأمها هي أميمة بنت عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.
فزينب ـ رضي الله عنها ـ هي ابنة عمة النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ, وحفيدة عبدالمطلب بن هاشم جد النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقد نشأت زينب في هذه الأسرة الكريمة, وقد رزقها الله ـ تعالي ـ قسطا من الجمال ومن حسن الهيئة, ومن جودة التصرف لاسيما في الشئون المنزلية التي تتعلق بالمأكل والمشرب وغيرهما, ولم تكن في يوم من الأيام خافية علي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ باعتبارها ابنة عمته, وممن آمنت برسالته ـ صلي الله عليه وسلم ـ بعد أن أرسله الله ـ تعالي ـ رحمة للعالمين.
ويبدو أنها عندما بلغت سن الزواج خطبها بعض الرجال من قريش, فاستشارت النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ في ذلك فاختار لها النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ الصحابي الجليل زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ. وزيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ له قصة طويلة ملخصها: أنه ينتسب إلي أسرة عربية قحطانية, خرجت به أمه لزيارة أهلها وهو في سن الصبا, فأسره بعض أهل الظلم, وباعوه في الأسواق, وكان الذي اشتراه في الجاهلية حكيم بن حزام, ثم وهبه لعمته خديجة بنت خويلد التي بعد زواجها بالنبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وهبته له ـ صلي الله عليه وسلم ـ, فكان أهل مكة يقولون: زيد بن محمد.
وعندما أكرم الله ـ عز وجل ـ نبيه محمدا بالرسالة, كان زيد بن حارثة من أوائل الذين سارعوا إلي الدخول في الإسلام, وظل الناس يقولون: زيد بن محمد, إلي أن نزل قوله ـ تعالي ـ[ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله] ففي الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن زيد بن حارثة, مولي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ما كنا نناديه وندعوه إلا زيد بن محمد, حتي نزل القرآن:[ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله].. أي: انسبوا هؤلاء الأدعياء الذين انتسبوا إليكم بالتبني, انسبوهم إلي آبائهم الحقيقيين, فإن نسبتهم إلي آبائهم الحقيقيين هو الأعدل والأحق والأشرف للآباء والأبناء.
وقد اختار النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لزيد بن حارثة ـ بعد أن أعتقه وأكرمه ـ الزواج من السيدة زينب بن جحش ـ رضي الله عنها ـ إلا أنها كرهت ذلك, وشعرت ـ وهي ذات الحسب والنسب والجمال ـ أنها أكبر من أن تتزوج بإنسان ليس بقرشي, وأنه لايساويها فيما تعارف عليه الناس..
وخلال ذلك نزل قوله ـ تعالي ـ:[ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا] سورة الأحزاب: الآية36. وقد ذكر المفسرون في سببب نزول هذه الآية روايات منها: أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ خطبها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لزيد بن حارثة, فاستنكفت وقالت: أنا خير منه حسبا, فأنزل الله هذه الآية. وفي رواية أنها ـ رضي الله عنها ـ بعد أن علمت بنزول هذه الآية قالت: يارسول الله هل رضيته لي زوجا؟ فقال لها النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ: نعم. فقالت: وأنا لا أعصي لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمرا, قد رضيته لنفسي زوجا.
وفي رواية أخري: أنها بعد أن بلغها نزول هذه الآية الكريمة قالت: إني أرسلت إلي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقلت: يارسول الله أستغفر الله, وأطيع الله ورسوله, افعل يارسول الله ماتراه.
قالت: فزوجني رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ زيدا, فكنت أرزأ عليه ـ أي: فكنت أضايقه وأترفع عليه ـ, فشكاني إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ, فعاتبني ـ صلي الله عليه وسلم ـ ثم عدت فأخذته بلساني, فشكاني إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقال له رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمسك عليك زوجك واتق الله, فقال زيد أنا أطلقها. قالت: فطلقني..
وهكذا تم طلاق زيد بن حارثة للسيدة زينب بنت جحش, بعد زواج يبدو أنه لم يدم طويلا, لاختلاف متعدد الأسباب نشأ بينهما, وهذا أمر مألوف بين كل زوجين يصعب الإصلاح بينهما. وبعد أن انقضت عدة السيدة زينب بنت جحش من زيد بن حارثة, تم زواج النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ بها, وكان زواجه ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالسيدة زينب بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ في السنة الخامسة من الهجرة. وكان زواجه ـ صلي الله عليه وسلم ـ بها بأمر من الله ـ عز وجل ـ, لكي يبطل ـ سبحانه ـ عادة كانت متأصلة بين الناس في ذلك الوقت, وهي أنه لايجوز للرجل أن يتزوج من امرأة سبق لابنه بالتبني أنه تزوجها, وقد أراد ـ سبحانه ـ أن يكون هذا الإبطال لتلك العادة المتأصلة في النفوس عن طريق زواج النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ للسيدة زينب بنت جحش, الذي سبق لزيد بن حارثة الزواج بها والذي كان الناس يطلقون عليه زيد بن محمد.
ولكي يزداد هذا الإبطال رسوخا في النفوس, وتثبيتا في القلوب, وإزالة لريب المرتابين, وقطعا لألسنة المنافقين, أنزل الله ـ تعالي ـ في هذا الشأن قرآنا يتلي إلي يوم القيامة, فقال ـ تعالي ـ:[ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله احق أن تخشاه فلما قضي زيد منها وطرا زوجناكها لكي لايكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا ما كان علي النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا] سورة الأحزاب:37 و38. المعني: تقول ـ أيها الرسول الكريم ـ لزيد أمسك عليك زوجك ولا تطلقها واتق الله فيها, وتخفي في نفسك يامحمد أن زيدا لن يستطيع الصبر علي معاشرة زوجته زينب, مع أن الله ـ تعالي ـ قد أظهر ذلك عن طريق شكواه المتكررة منها, وعن طريق معرفة كثير من الناس بهذه الحقيقة
(( منقول ))
المفضلات