السوق يواصل مساره التصاعدي مترقبا ظهور نتائج الشركات
تحليل الدكتور - عبدالله بن دغيم الحربي*
استمر التذبذب والانخفاض في قيمة مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تعاملات اليومين الأولين من الأسبوع الماضي حيث هبطت الأسعار إلى مستويات متدنية وفقد المؤشر ما قيمته أكثر من 180نقطة من خلال تداولات يومي السبت والأحد فقط إلا أن المؤشر قد عاد وحافظ على اتجاهه التصاعدي من خلال تداولات الأربعة الأخيرة من الأسبوع الماضي ليعوض خسائره ويرتد مقتربا من المستويات القياسية العالية التي حققها في الأسابيع الماضية. الأمر الذي يعكس حالة القلق والترقب بين المتعاملين بالسوق لانتظار إعلانات النتائج المالية للشركات للربع الرابع ونهاية العام من جهة، والبحث عن المعلومة المفقودة بأي صورة ومن أي مصدر والتي على ضوئها يمكن إتخاذ قرار إستراتيجي معين والاستفادة من المستويات الحالية لإسعار بعض الأسهم ومن ثم القيام بعمليات الشراء من جهه أخرى. إلا أنه من الملاحظ كذلك ان معظم تعاملات الأسبوع الماضي كانت قائمة على المضاربات الكاملة المبنية على شائعات مجهولة المصدر ويتضح ذلك من خلال عمليات البيع والتدوير خاصة في الشركات التي عدد اسهمها قليل لأنه يسهل التحكم في وجهة أسهمها بالصيغة التي يرغبها المضارب المحترف. وعليه يمكن القول ان المضاربات كانت هي المتحكم الرئيس في اتجاهات المؤشر لتعاملات معظم الأسبوع الماضي مع اتجاه بعض المستثمرين للبيع بغية جني الأرباح.
ارتداد
أما يوم الاثنين الموافق2005/12/26 فقد شهد بداية ارتداد السوق حيث تم توجيه جزء من السيولة إلى أسهم الشركات القيادية والمؤثرة على المؤشر خاصة أسهم قطاعي الصناعة والكهرباء الأمر الذي أعاد السوق إلى الارتفاع بأكثر من 44 نقطة حيث اقفل عند مستوى 16656 نقطة معوضا معظم خسائره التي مني بها مطلع الأسبوع. وكانت شركة بيشة أبرز الشركات الصاعدة وبالنسبة القصوى المسموح بها وغير المبررة، بينما شركة الكهرباء حققت أعلى قيمة وأكثر كمية تداول في السوق. إلا إنه يجب التنويه إلى أن الارتفاع في قيمة أسهم شركة بيشة كان حقا غير مبرر بكل المقاييس الاقتصادية والمالية ويبدو انها تكرر نفس سيناريو شركة المصافي في صعودها خلال الأيام الماضية حيث ارتفعت أسهم بيشة بأكثر من 500 ريال خلال مدة قصيرة.
في يوم الثلاثاء حققت غالبية الشركات المتداولة ارتفاعات سعرية بفضل ارتفاع مؤشرات قطاعي البنوك والصناعة حيث سيطر القطاع الصناعي على معظم سيولة السوق بقيمة تداول بلغت أكثر من عشرة مليارات ريال وبكمية تداول تجاوزت 14 مليون سهم.
تفاعل مع إعلانات الشركات
في يوم الأربعاء استطاع مؤشر السوق السعودي أن يكسب أكثر من 51 نقطة، حيث تفاعل السوق مع الإعلانات الإيجابية لبعض الشركات في السوق خاصة شركتي صافولا وعسير بعد أن أعلنتا عن اعتزامهما الدخول كشريكين مؤسسين ضمن الشركات المساهمة المسؤولة عن مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بالإضافة إلى شركة إعمارالرائدة في المشروع. إلا إن السوق قد تفاعل أكثر مع شركة عسير حيث أغلقت بالنسبة القصوى ارتفاعاً ليتجاوز سعر أسهمها حاجز ال 1500 ريال ويمكن تبرير ذالك بأن شركة عسير تعتبر الشريك الأكبر في مشروع المدينة الاقتصادية. أما في آخر تداولات الأسبوع ليوم الخميس 29 ديسمبر فقد استطاع المؤشر أن يحافظ على اتجاهه التصاعدي ويغلق عند مستوى 16,749.95 نقطة، محققا ارتفاعا بلغت نسبته حوالي 104 بالمائة منذ بداية العام. إلا ان مؤشر السوق قد حقق انخفاضا بلغت قيمته 44نقطة عن اغلاق الأسبوع قبل الماضي وكذلك حقق المؤشر انخفاضا في قيمة التداول الأسبوعي للأسبوع الماضي مقارنة بالأسبوع قبل الماضي، حيث بلغت قيمة التداول الأسبوعية للسوق للأسبوع الماضى 143مليار ريال مقابل 160مليار ريال حققها السوق للأسبوع قبل الماضي.
أما على صعيد الشركات فقد ارتفعت خلال الأسبوع الماضي أسعار أسهم 42 شركة، فيما تراجعت أسعار أسهم 33 شركة واستقرت أسعار أسهم شركتين فقط. أما الشركات التي سجلت أعلى نسبة تداول لأسهمها للأسبوع الماضي فقد جاءت شركة الكهرباء على القائمة تلتها شركة القصيم الزراعية بينما حققت شركة الاتصالات السعودية والبنك العربي الوطني أعلى قيمة انخفاض لأسهمهما على التوالي.
التحليل الفني
بناء على قراءتي الفنية لمؤشرسوق الأسهم السعودي من أجل التوقع باتجاه مساره المستقبلي أستطيع القول ان المؤشرات الفنية للسوق تبدو أقل قوة وإيجابية من المؤشرات الفنية للأسبوع قبل الماضي إلا أنه من خلال قراءتي الدقيقة للمؤشرات الفنية مجتمعة أستطيع القول ان المؤشر العام للسوق السعودي مازال يسير في موجه تصاعدية ايجابية ويحاول تكوين نقاط سعرية جديدة. حيث توضح الخريطة الشمعية المرفقة مسار مؤشر السوق أو الترند (الوجهة) التصاعدي منذ بداية العام.
أما قراءة المؤشرات الفنية فانها تبين أن RSI مؤشر القوة النسبة عند 57 و مؤشرتدفق المال MFIعند 58 مما يدل على اننا في منطقة تذبذب إلا اننا مازلنا في منطقة شراء إجمالا ولم تعطيا إشارات سلبية للخروج حيث مازالت هناك كمية من السيولة لا بأس بها داخل السوق. اما مؤشر MACD فيدل على اننا مازلنا في منطقة غير آمنة نوعا ما للشراء حيث كما هو موضح بالرسم المرفق ينخفض خط الـ MACD عن المتوسط المتحرك لـ 9 أيام ولكن بشكل غير كبير كما ان إتجاه الـ MACD افقيا مما يدل على حيرة في الاتجاه لذا يجب عدم القلق.
أما أشرطة بولينجر Bollinger Bands التي تستخدم عادة لتوقع وتحديد إتجاه الترند وتغير اتجاه المؤشر فتدل كما هو موضح بالرسم المرفق على أن المؤشر مازال يسير في نفس الموجة التصاعدية إلا أن مؤشر زخم السوق Momentum يشير إلى 98.59وباتجاه سلبي تنازلي مما يدل على أن السوق فقد شيئا من عزمه السابق.
من ناحية أخرى يقف مؤشر السوق باغلاق تداول يوم الخميس الماضي عند مستوى مقاومة اولى 16,796.77 بينما مستوى الدعم الأول عند 16,692.45 نقطة.
نظرة مستقبلية للأسبوع القادم
من المتوقع أن يستمر السوق بين التذبذب في المسارالتصاعدي وربما يحدث بعض الإنخفاض النسبي في قيمة المؤشر حتى بداية اعلان الشركات عن أرباحها للعام 2005م التي سوف تحدد اتجاهات السوق المستقبلية بشكل دقيق لأن السوق في هذه الأوقات يكون في حالة ترقب وبحث عن معلومة لتأكيد وتحديد مساره.
إلا انه يجب التنويه الى أن الأسبوع القادم يعتبر بداية عام ميلادي ومالي جديد لذا يجب الانتباه إلى ما يصاحبه عادة من تحديد مواقف من حيث اعادة ترتيب المحافظ من قبل المتعاملين بالسوق واتخاذ اتجاهات استثمارية معينة.
هذا بالنسبة للمؤشرالعام للسوق، إلا انه وكما أشرت في مقالات عدة سابقة الى انه مع اقتراب نهاية العام الميلادي وإعلان النتائج المالية للشركات لايجب التركيز كثيرا على مسار المؤشر بل يجب التركيزعلى أسهم الشركات التي من المتوقع أن تكون نتائحها المالية إيجابية التي لديها محفزات استثنائية والابتعاد قدر المستطاع عن ماعدا ذلك بغض النظرعن اتجاه المؤشر العام. ولكي أكون أكثر تحديدا ودقة أستطيع القول إنه من المتوقع أن يكون الأسبوع القادم صناعيا خاصة شركات ينساب كذالك قطاعا البنوك والأسمنت من المتوقع أن يكون لهما نصيب الأسد من الارتفاع.
نظرة مستقبلية للعام القادم 2006
بناء على قراءتي الخاصة لمعطيات السوق ومجريات عام 2005 واستشرافا لما يحمله عام 2006 من آمال وتطلعات أستطيع القول إنه يمكن اعتبار عام 2005 عام النمو القياسي في قيمة المؤشر مقارنة بالأعوام السابقة بينما عام 2006 يعتبر عام الاكتتابات والنمو الكبير في عدد الشركات مما سوف يزيد إن شاء الله من عمق وكفاءة السوق. حيث ذكرت تقارير مؤكدة ان هناك أكثر من 40 شركة تعتزم بشكل جدي طرح أسهمها للأكتتاب العام خلال عام 2006.
كما انه من المتوقع أن يشهد السوق في العام القادم 2006 العديد من التكتلات والاندماجات بين بعض شركات السوق خاصة ذات الأنشطة المتشابه والمكملة من أجل الدخول في مشاريع ناجحة وذات جدوى اقتصادية لتقوية وضعها التنافسي خصوصا بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية. وهذا بالطبع سوف ينعكس بلاشك على بعض شركات السوق وعلى قطاعات السوق عموما وهذا بدوره يوفر دعما وركائز قوية لتماسك الاقتصاد السعودي ونموه وازدهاره.
*أستاذ المحاسبة ونظم المعلومات المساعد
جامعة الملك فهد للبترول و المعادن
economics@ alyaum.com
المفضلات