(لقد كثر شاكوك وقل شاكروك فإما اعتدلت وإما اعتزلت)
هذه هي الرسالة التي أرى أن المجتمع يوجهها لبعض التربويين أو لنقل لجلهم – ونقصد بهم هنا التربويون من أساتذة الجامعات والمشرفون في إدارات التعليم - , فعلامات التذمر منهم أراها ظاهرة بين أفراد المجتمع بل لا أبالغ إن قلت وبين التربويين أنفسهم, وقد كثرت في الآونة الأخيرة الكتابات المطالبة بالتوجيه الإسلامي للعلوم التربوية , وهذا اعتراف صريح (محمود) بأهمية إعادة ( تربية التربية )وتأصيلها وفق تعاليم الدين الإسلامي, كما كثر الذين ينددون بمن لايجد إلا تمجيد الدول المتقدمة ويريد تطبيق ما لديهم في بيئتنا التعليمية رغم البون الشاسع بين ما لدينا ولدى الآخرين سواء من قيم أو معلمين أو طلاب أو إمكانات...الخ وكل ذلك يؤكد ارتكاب التربويون لأخطاء عدة ومنها - كما أرى - ما يلي :
1- عدم تحديد من هو التربوي؟؟ السائد بين الناس ( أقصد الوزارة ) أن التربوي هو من درس (بضع سويعات ) في مجال التربية والمناهج وطرق التدريس؟؟ فهل كل معلم تخرج من كلية تربوية يعد تربويا؟ وهل كل معلم تخرج من كلية ( غير تربوية ) مثل ( الشريعة ) لايعد تربويا؟؟ ألا يعد ذلك اعترافا صريحا أن العلوم الشرعية ليست علوما تربوية؟؟ ما المعيار الذي في ضوءه تم تصنيف المعلمين إلى ( تربوي - غير تربوي )وما مدى صحة هذا المعيار ؟
2- حصر بعض التربويون جهودهم في دائرة تجارب الآخرين , فجديدهم ما يستطيعون الاطلاع عليه من دراسات غربية.. تركنا بضاعتنا النفيسة بحثا عن بضاعتهم الرخيصة .. استبدلنا الفحص والتأمل في التعاليم السماوية بالبحث في الفلسفات الوضعية .. أهملنا صحة ما لدينا لنحمل غثاء وعناء ما لديهم فأنَى يأتي النجاح؟؟
3- يبالغ التربويون في مطالبهم إذ يطلعون على أحدث التجارب العالمية ثم يريدون تطبيقها لدينا ويبالغون في (صراخهم) لتحقيق ذلك, دون مراعاة لإمكاناتنا وظروف مجتمعنا , وهذا رسخ لدى أفراد المجتمع أن التربويين مجرد منظرين؟؟ أما الحقيقة فإنهم مجرد نقلة لما سمعوا أو قرءوا في الكتب الغربية؟ ولئن كان هناك مبالغة في بعض المطالب فإن هناك إسفافا في مطالب أخرى.
4- ركز التربويون على الجانب الإيجابي في الحضارة الغربية وأهملوا بيان سلبياتها وذلك أدى لاستحسان البعض لمنهج الغرب وطريقتهم؟؟ وهكذا جرفنا أنفسنا للنواحي المادية متابعة للغرب وأهملنا النواحي الروحية والأخلاقية فأصبحنا كالغراب الذي نسي طريقة مشيه ولم يستطع تقليد مشي الحمامة ؟؟
5- جُل التربويون - بمختلف مستوياتهم القيادية - يكثرون من الاستشهاد بنظم التعليم وتطورها في الدول (المتقدمة) ويكثرون اللوم لمناهجنا ومعلمينا؟ فأحبطوا المعلم وشككوا الطالب في أهمية ما يتعلمه فاكتسب الطلاب من قادتهم قبح القول وسوء العمل؟ وهاهم قادة التربية يغادر شخص ويأتي آخر فماذا قدموا؟؟ وليت كل ناقد يراجع نفسه ويسألها عن ما قدمه, بدلا من لومه وتوبيخه وتقريعه, فقد أشبعنا مجتمعنا وطلابنا ومعلمينا بهجائيات نحن معشر التربويين في الجامعات وإدارات التعليم أحق بها, لأننا لانحسن إلا نظم قصائد الهجاء , رغم أننا نتحدث دائما عن الدوافع والتشجيع والتعزيز لكن لاغرابة فنحن يخالف قولنا فعلنا.
6- بعض التجديد الذي ينادي به التربويون غاية لا وسيلة؟ عندما يكون التجديد والتطوير وسيلة لتحقيق أهداف المجتمع فذلك خير, أما عندما يكون التجديد لغرض التجديد فذلك مالا نفع فيه؟ وماذا عسانا نسمي استعجال التربويون في تطبيق ما قرءوه - وربما دون فهم – في مدارسنا رغم البون الشاسع بين ما لدينا وما لدى الآخرين؟؟
7- الكتابات التربوية غير مفهومة ( للعامة ) بل ولبعض المختصين لسوء الترجمة؟؟ كما أن أكثر هذه الكتابات تُكتب وكأنها موجهة للمختصين منهم مما أفقدها (أهميتها وقيمتها )؟
8- يبالغ التربويون في استخدام المفاهيم والمصطلحات التي (توحي) للآخرين بسعة علمهم؟ بينما هذه (الطلاسم) التي يتفيهقون بها ربما كانت هي جديدهم؟؟ وهؤلاء المتشدقون المتفيهقون بتلك المصطلحات عديمة النفع كانوا كذلك الأعرابي الذي اصطاد سنورا ولم يعرفه فتلقاه رجل فقال : ما هذا السنور؟ ولقي آخر فقال : ما هذا الهر؟ ولقي آخر فقال : ما هذا القط؟ ثم لقي آخر فقال : ما هذا الخيطل. ثم لقي آخر فقال : ما هذا الدًمُ.؟؟ فقال : أحمله إلى السوق وأبيعه لعل الله يجعل لي فيه مالا كثيرا؟ فلما أتى به إلى السوق قيل له : بكم هذا؟ فقال : بمائة؟ فقيل له : إنه يساوي نصف درهم؟؟ فرمى به وقال : لعنه الله ما أكثر أسماءه وأقل ثمنه؟ ...وهكذا كثير من مصطلحات التربية؟
9- ركز التربويون على المنهج الرسمي المتضمن للكتب وطرق التدريس والوسائل... وأهملوا المنهج الخفي وهو ما يكتسبه الطالب من معلومات وقيم وسلوكيات من زملائه ومعلميه دون أن تكون هذه السلوكيات مخطط لإكسابه إياها .
10- بدأ يطالب التربويون بإخضاع التربية لمؤسسات المجتمع وشركاته بحيث ينخرط الطالب فيها بعد التخرج؟ أي أن تكون نواتج التعليم مقولبة لتوضع في أماكن معينة؟ وهذا كما أرى ليس صحيحا إذ ستخضع التربية لرغبات ومصالح الشركات والمؤسسات وليس لتنشئة الإنسان بشكل عام , هذا أمر والأمر الآخر أن مؤسساتنا تحتاج إعادة النظر في برامجها وخططها وأنظمتها, فهي رغم توفر الشروط في بعض الطلاب وبساطة الأعمال وسهولتها في تلك المؤسسات إلا أنها تبالغ في شروطها وتتهرب من توظيف طلابنا , بل إن الكثير من الأعمال ربما لاتتطلب من الشركات تدريب المتقدم أكثر من شهر؟؟
11- انخدع بعض التربويون وربما (خدعوا) غيرهم بقولهم : إن لدينا من الثقافة الإسلامية ما يخول أفراد المجتمع الانفتاح على الغرب والاستفادة مما لديهم في ضوء تعاليم ديننا وقيمنا وعاداتنا؟؟؟ وهؤلاء كانوا كذلك الظريف ( المغفل ) حينما سُئل: إلى أين ؟ قال : إلى السوق لأشتري (حمارا) ؟ قالوا : قل إن شاء الله؟ قال : وما وجه الاستثناء الدراهم في جيبي (والحمير ) في السوق؟؟ فلما ذهب سُرقت منه الدراهم فعاد حزينا. فقيل له : ماذا فعلت؟؟ قال : سُرقت الدراهم إن شاء الله؟؟ وهكذا هو الحال ..بدأ يُـسـرق منا ديننا ولم نفز بحميرهم؟؟ ينبغي الاستفادة مما لدى الآخرين لكن من هم هؤلاء الذين سيختارون لنا المناسب وبخاصة أنه قد تكشفت وظهرت للعيان ( أمية التربويون الدينية ؟) ومج عوام الناس كثيرا من أطروحاتهم وبخاصة تلك التي يتم تصديرها بدال الدكترة في الصحف ؟؟
12- الكثير من البرامج التدريبية التي يقترحها ( التربويون ) تخلو من المواد الإسلامية, علما أن أنجح البرامج التدريبية والتثقيفية تلك التي يتم ربطها بالدين.ولعل برامج دورات مديري المدارس والمشرفين التربويين خير مثال على ذلك فهي لاتضم مقررا واحدا يرتبط بالدين والثقافة الإسلامية.
13- من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها معشر ( التربويون ) أن هناك مقررات دراسية كاملة تتعارض مع الشريعة الإسلامية ثم نجدهم يطالبون بتدريسها (ويطبلون لها)و يقترحون لها حال وجودها طرق تدريس وانشطة وأساليب تقويم... ؟؟؟؟؟؟ ( والراضي كالفاعل)؟ ومن يقرأ الصحف سيجد بعض المآسي ممن ينتسب للتربية والتعليم وهو يطالب بتدريس الفن والموسيقى بينما نجده في زوايا أخرى يتهجم على المواد الدينية؟؟
14- لم يوفق التربويون في توجيه جهودهم لخدمة المجتمع وأقصد هنا ما يخص الإعلام إذ لم يستطيعوا إيجاد البرامج التربوية الشيقة الهادفة وإن وجدت بعض البرامج فهي ناقدة وليست مرشدة مصلحة.. بل لقد بلغ السيل الزبى عندما تجد بعض الربويين( أقصد التربويين؟) يشيد ببعض برامج الأطفال ويصفها بالتربوية الرائعة بينما هي تعلم أطفالنا الرقص والغناء والإنشاد فقط.
هذه ملاحظات قد أكون أصبت فيها وقد أكون مخطئا لكنها دعوة مني لكم أيها الأخوة لمحاولة تأصيل التربية وربطها بتعاليم الدين الإسلامي في المشاركات التي ننتظرها بشغف في هذا المنتدى. وأنتظر نقاشكم بهذا الشان ؟
وفق الله الجميع
المفضلات