قد يكون من المؤسف أن يكتشف الإنسان جهله لكنه على الأقل يكتشف معرفة جديدة عن نفسه، فقد يبدع الكثيرون في مجالات العـــــــلوم والآداب والاختراعـــــــات ومجالات الحياة المختلفة، ولكن هل تطور الإنسان في معرفته لذاته، وما يكمن في نفسه وكيف يتعامل مع مشاعره ومشاعر أحبائه من حوله ؟؟
أكاد أخشى القول أن تلك المعرفة تراجعت كثيراً فهي معرفة قريبة من الفطرة والبساطة ولو تأملنا حياتنا لوجدنا أننا ابتعدنا كثيراً عن تلك الفطرة والبساطة، وصرنا محاصرين بمشاريع وطموحات وأهواء لم يكن يعرفها آباؤنا وأجدادنا، ونحن الآن أكثر تناقضاً مع أنفسنا وأشد خلافاً مع غيرنا تأخذنا التفاصيل المختلفة بعيداً عن أسرنا وبيوتنا وكأننا نركض في حلقة مفرّغة لا هي تنتهي ولا نحن نتوقف .
فهل وقفنا يوماً لنعتذر من عزيز أخطانا بحقّه ؟؟ وهل وجدنا الوقت لتأمل ابتسامة طفل تنتظرنا عند باب الدار ؟؟ وهل أدركنا أن المشاعر الحميمة هي الهدية الأجمل من كل الماديات على الرغم من الشعارات التي تمجّد الثراء وتعلن أن المال هو السعادة الحقيقية .
قد أكون قد صرخت بوجهك أو فعلت أنت ذلك، فهلا وقفت وقلت أنني أصرخ من وجعي فليس هناك شخص مولّع بالغضب وإيذاء الآخرين.
هل نحتاج أن نبتعد وقتاً طويلاً لنكتشف كم نهتم لأمر بعضنا، وكم نفتقد وجودنا معاً ؟؟ هل يكتفي العمر لهذا الوقت الطويل من الخلافات والصراخ والألم ؟؟ وهل يبقى فيه متسع للأوقات الحلوة والزمن السعيد ؟؟
ربما لو طرحنا هذه الأسئلة على أنفسنا وعلى أحبتنا لعرفنا أي بهجة قد أضعنا ببعدنا، وأي جهل بمشاعرنا وأحلامنا نعيش فيه ونحن نركض خلف الوهم والذي نعتقد أنه الكبرياء والتفوّق، فهل يتوق المرء بإيذاء من يحب ؟؟!!
لو أدركنا جهلنا بحقيقة الإنسان أو الطفل الكامن فينا لعرفنا كيف نعيد علاقتنا مع الحياة، وكيف نرسم من جديد صورة أخرى لعلاقتنا وطريقة عيشنا ولاكتفينا بابتسامة محبة تؤرّخ أيّامنا، بدلاً من تاريخ الخلافات الأسود ..
..........................................................................
المفضلات