[align=justify]الأخت نوف الفهد .. الله يعطيك العافية ..
موضوع لا يستحق فقط الرد بكلمة أو اثنتين .. بل لأهميته تحتم علي أن أبحث بين المصادر والأبحاث والدراسات كي اعطيه حقه من كافة الجوانب .. فالمواضيع المتعلقة بالأسرة مواضيع هامة وشيقة .. ومفيدة ..
{{فوالدتها سيدة مجتمع كما يقال عنها ، ووالدها في سفرٍ مستمر...}}
حلو !!! الخطأ الأول .. هنا مكمن المشكلة , يعتقد معظم الأهل أن تربية الأولاد فقط بالمال وينسون أن هناك أشياء أهم وهي الحماية والعاطفة ..والدفء والاستقرار .. فالسفر لجلب المال صار مشكلة تواجه المجتمعات وخاصة العربية .. ولأكثر من سبب ..
أما الوالدة سيدة مجتمع : كان من الأولى أن تكون سيدة بيتها .. شكلت الضحية بيدها .. ورمتها لأي عارض .. وما أكثرهن .. تلك الأمهات اللواتي انصرفن للاهتمام بالمجتمع وبالمقابل هدمت بيتها وابنتها .
أحبت شخصاً كان يلعب بها وبمشاعرها : متصيدي الفتيات من هذا النوع يكثرون يوماً وراء يوم.. وهنا دور الأم يبدو واضحاً .. ومهماً ..
ودامت علاقتهما لمدة 5 سنوات : خمس سنوات .. كافية لتدمير أي فتاة .. من كافة النواحي ..
فوعدها بالزواج حالما ينهي دراسته الجامعية ، الوعود .. وشعارات .. وحب .. كلها كلمات لسد العقل عن التفكير الصحيح والاتجاه نحو أكثر من ذلك كالزواج العرفي وغيره وهذه ظاهرة متفشية جداً في مجتمعاتنا للأسف ..
عندما علمت أنه قد تزوج من ابنة عمها .. هو ذلك الذئب المتستر وراء وعود خيالية موجودة فقط في خياله .. أين دور الأم والمدرسة والأب .. لغاية الآن لم نرى ذكراً للأهل فهل هم غافلون أم نائمون ..
فأمست تكره كل الرجال من حولها : صحيح رد فعل طبيعي .. يعني لا استغراب .. فكم من فتاة كرهت الرجال بسبب هكذا مواقف وبالمقابل كم من شاب كره الفتيات لإحساسه فقط بأنها تكذب وتراوغ .. المشكلة هنا تؤثر على الطرفين معاً ولا استثناء ..
ليست ابنتي هذه هي الوحيدة التي وقعت ضحية نقض الوعود ، إنما غيرها الكثير الكثير من الفتيات والفتيان أيضاً على حدٍ سواء .نعم ضحايا بأعداد كبيرة من الجنسين ..والنتيجة .. نشوء مجتمع ذا بنيان هش .. وعلاقات تقوم وتقوم على مبدأ الكذب والاحتيال ..
والطبع هو سلوكٌ مكتسب : صحيح .. مكتسب بداية من المنزل والأهل مروراً بالمدرسة والجامعة والمجتمع ووسائل الإعلام ..
فلابد أن نعالج الجذور كي تقوى الفروع : نعم علينا البدء بالأسرة التي هي نواة المجتمع وعماده ..
وهنا لابد لنا من العودة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ونرى كيف نظر الإسلام للأسرة؟
أقام الإسلام نظام الأسرة على أسس سليمة تتفق مع ضرورة الحياة وتتفق مع حاجات الناس وسلوكهم، واعتبر الغريزة العائلية من الغرائز الذاتية التي منحها الله للإنسان قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) - (سورة الروم: 20 )فهذه الظاهرة التي فطر عليها الإنسان منذ بدء تكوينه من آيات الله ومن نعمه الكبرى على عباده.
وشيء آخر جدير بالاهتمام هو أن الإسلام يسعى إلى جعل الأسرة المسلمة قدوة حسنة وطيبة تتوفر فيها عناصر القيادة الرشيدة قال تعالى حكاية عن عباده الصالحين: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) - سورة الفرقان: 74 - وأهم قاعدة من قواعد التربية أن توجد عملياتها التربوية القدوة الحسنة، والمثل الأعلى للخير والصلاح.
وقد اهتم الإسلام على أن تقوم الرابطة الزوجية على الاختبار والفحص حذراً من أن يكون أحد الزوجين مصاباً ببعض الأمراض فتسري إلى أبنائهم فينشأ في المجتمع أفراد مشوهون في سلوكهم واتجاهاتهم، كما جعل الإسلام لأب الفتاة ولاية عليها، وشرّك بينهما في اختيار الزوج الصالح لها حذراً من أن تختار بمفردها زوجاً غير مناسب فتجر لنفسها الويلات والشقاء، وتبتلي منه بذرية طالحة تشقى ويشقى بهم المجتمع، ومن الطبيعي أنها لا تحسن اختيار الزوج الصالح لها فإنها لا تعلم من الحياة إلا قشورها، وهي تحكم على خطيبها بما يبديه لها من حديث مصطنع ووعود خلاّبة، وما ينمقه لها من رسائل الغرام، أو ما يتمتع به من حسن الصورة والتجميل والتزيين بالأزياء المغرية وهي ـ بصورة جازمة ـ لم تطلّع على مكر الحياة وخبث الفاسقين، وكيد العاشقين، ولم تعرف كذب الوعود، ورياء العهود، ولم تفقه أن الزواج السعيد الذي يحقق أحلامها وآمالها إنما يكون إذا اقترنت برجل شريف النفس كريم الخلق، صادق الإيمان حتى يعني بشؤونها وحقوقها، وتنجب منه الذرية الطيبة التي تكون قرّة عين لها في حال كبرها وشيخوختها... وهذا هو ما يريده الإسلام لها.
وعلى أي حال فإن نظام الأسرة الذي سنّه الإسلام يقوم على أساس من الوعي والعمق لما تسعد به الأسرة، ويؤدي إلى تماسكها وترابطها من الناحية الفيزيولوجية، والنفسية، والاجتماعية، بحيث ينعم كل فرد منها، ويجد في ظلالها الرأفة والحنان والدعة والاستقرار.
إن الإسلام يحرص كل الحرص على أن تقوم الرابطة الزوجية ـ التي هي النواة الأولى للأسرة ـ على المحبة، والتفاهم والانسجام، وهو الزواج المثالي .
لقد شرع الإسلام جميع المناهج الحية الهادفة إلى إصلاح الأسرة ونموّها وازدهار حياتها، فعني بالبيت عناية خاصة، وشرع آداباً مشتركة بين أعضاء الأسرة، وجعل لكل واحد منها واجبات خاصة تجاه أفراد أسرته، وهي مما تدعو إلى الترابط .
أهمية البيت :
عني الإسلام به عناية خاصة فأمر بأن تسود فيه المحبة والمودة، وترك الكلفة، واجتناب هجر القول ومرّه، فإن لذلك أثراً عميقً في تكيّف الطفل، وإذا لم يوفق البيت لأداء مهمته، فإن الطفل يصاب بانحرافات خطيرة، منها القضاء على شعوره بالأمن، وتحطيم ثقته بنفسه، وغير ذلك مما نص عليه علماء النفس.
المناهج المشتركة:
1ـ الحب والمودة: عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) أن شخصاً جاءه فقال له: إن لي زوجة إذا دخلتُ تلقّتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت ما يهمك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هماً. فانبرى (صلّى الله عليه وسلم) يبدي إعجابه وإكباره بها وقال: (بشّرها بالجنة، وقل لها: إنك عاملة من عمال الله).
2ـ التعاون:يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( فليعطف كبيركم على صغيركم، وليوقر صغيركم كبيركم..) إن مراعاة هذه الآداب تخلق في داخل البيت جواً من الفضيلة والقيم الكريمة، وهي توجب تنمية السلوك الكامل في نفس الطفل، وتبعثه إلى الانطلاق في ميادين التعاون مع أسرته ومجتمعه، وقد ثبت في علم التحليل النفسي بأن قيم الأولاد الدينية والخلقية إنما تنمو في محيط العائلة.
في العصر الحديث :
مشكلة الأسرة ـ في هذه العصور الحديثة ـ مشكلة خطيرة جداً، فقد فقدت نتيجة التغيرات الاجتماعية كثيراً من وظائفها التي كانت تقوم بها من ذي قبل، فأدى ذلك إلى تفكك عرى الأسرة، وانهيار الروابط التي كانت تربطها فيما قبل، يقول بعض المربين:
(وأن من مخاطر المجتمع الحديثة الرئيسية هو الدور الطبيعي الذي كانت تقوم به الأسرة يتضاءل نتيجة لاستيلاء مؤسسات أخرى على كثير من مسؤولياتها ونخشى نتيجة التضاؤل أن تفقد الأسرة الأثر الفعّال، الذي هو من أهم قوى الاستقرار في المجتمع..).
وإن من أوهى الآراء القول بإهمال شؤون الأسرة، وترك الحديث والبحث عنها، لأنها لا تؤثر في تطورنا الاجتماعي، بل إنها مصدر من مصادر الاستغلال يجب تحطيمها كما أعلنته الماركسية في بداية تطبيقها زاعمة أن الرجل يستغل زوجته وأولاده فيتخذهم أدوات إنتاج.
وقد تراجعت الشيوعية عن كثير من مقرراتها لأنها اصطدمت بالواقع الذي يعيشه الناس في جميع مراحل تاريخهم من أن الأسرة نظام مستقر ثابت لا غنى للبشرية عنه ومن ثم اتجه المشروع الروسي إلى إعلاء شأن الأسرة والعمل على حماية الدولة لمصلحة الأم والطفل. ومنح المرآة إجازة قبل الولادة وبعدها بأجر كامل.
انعزال المرآة عن التربية :
وكانت المرأة فيما قبل مستقرة في بيتها تعنى بتربية أولادها، والقيام بشؤون زوجها، وكانت تقوم مقام المعلم بين أبنائها مشتركة مع الرجل في ذلك.. أما في هذه الصورة فقد خرجت الزوجة لتقوم بأعمال تشابه أعمال الرجل، وأصبحت شؤون المنزل والقيام بمهامه عملاً ثانوياً بالنسبة لها. وأصبحت المرآة في كثير من الدول ترى أن إنجاب الأطفال يتعارض مع قيامها بتولي الوظائف العامة، الأمر الذي نجم منه تحديد النسل، وعدم التفكير في إنجاب الأطفال.
ومما لا شبهة فيه أن المرآة مسئولة عن تهيئة الجو الاجتماعي والنفسي لنشأة الأطفال نشأة سليمة متكاملة، وقد نجم من تخيّلها عن هذه الوظيفة كثير من المضاعفات السيئة، وكان من أهمها انهيار الأسرة، فقد أصبح التقاء المرآة بزوجها وأطفالها التقاءً سريعاً، وأصبحت الأسرة في نظر الكثيرين أكثر شبهاً (بالفندق) من دون أن يوجد ذلك الرباط الاجتماعي والنفسي الذي يربط بين أفراد الأسرة، والذي يدعوهم دائماً إلى وضع مصلحة الأسرة فوق كل اعتبار إن خروج المرآة من البيت قد أوجب حرمان الطفل من التمتع بحنان أمه، وذلك لمزاولتها العمل، وتركها له أكثر الوقت، ومن الطبيعي أن تغذيته الاصطناعية وتعهد المربية لشؤونه لا يسد مسدّ حنان الأم وعطفها، فقد أثبتت التجارب العلمية أن الطفل لا ينمو، ولا يترعرع على حليب أمه، فحسب بل على عطفها وحنانها، وهذا الغذاء العاطفي لا يقل أهمية عن الغذاء الجسدي في تنمية شخصيته ومن هنا جاءت أفضلية التغذية الطبيعية من ثدي الأم على التغذية الاصطناعية ففي الأولى يتمتع الطفل بأمرين هما الغذاء والحنان وأما التغذية الاصطناعية، فإنها تخلو غالباً من شعور الطفل بحنان أمه. ومن هنا يحسن في الأطفال الذي يحرمون من التغذية الطبيعية أن تضمهم أمهاتهم إلى صدورهن حسب ما ينصح به أطباء الأطفال.
وعلى أي حال فإن الطفل لا ينشأ نشأة سليمة إلا إذا أخذ حظه من الحب والحنان من أمه، وهو ـ في الغالب ـ قد حرم من هذه الجهة حين انعزال المرآة عن التربية.
وقد نعى على المرآة خروجها من بيتها جمع كبير من علماء التربية والاقتصاد والنفس،
فإن خروج المرآة من بيتها، ودخولها في المعامل، ومزاحمتها للرجل في عمله واقتصاده مما أدى إلى عجزها عن القيام بوظيفتها في تربية النشء فإنها لم تعد إلى المنزل إلا وقد أضناها العمل واستنزفت الأتعاب جميع قواها، فكيف تتمكن من تربية أطفالها تربية سليمة، ومن الطبيعي أن ذلك يشكل خطراً جسيماً على النشء يعرّضه إلى الإصابة بكثير من الأمراض النفسية، وعدم الاستقامة في سلوكه، حسب ما دلّل عليه علماء التربية والنفس.
عقوق الأبناء:
فقد عملت التربية الحديثة بما تملك من طاقات مادية وحضارية على الزهد والتشكيك بقيم الآباء وعاداتهم وأفكارهم، وأصبح الأبناء ناقمين على مثل آبائهم وقيمهم، ونتج من ذلك نضال فكري وثوري على المثل القديمة، والنبذ لكل ما يعتنقه الآباء من القيم والتقاليد الاجتماعية، كما نتج صراع آخر عنيف وحاد فيما بينهم، فالآباء دوماً يشكون ما يعانونه من عقوق أبنائهم، وسوء آدابهم، ويحكون صوراً متنوعة من جفائهم، وعدم حشمتهم، ومقابلتهم بالقسوة والحرمان.
التحلّل والميوعة : ومنيت كثير من الأسر الحديثة بألوان فظيعة من التحلل والانحراف، فقد أسرفت في التفنن بأنواع الملذات والمحرمات مما أدى إلى انهيار الأخلاق، وانحطاط السلوك. ومن الطبيعي أن الانسياق وراء اللهو يخلق جيلاً غير متماسك لا يعنى بالقيم الإنسانية ولا بالمثل الاجتماعية إن انحراف الناشئة وفساد سلوكها يستند ـ على الأكثر ـ إلى ميوعة الأسرة وتحللها، ولا نعدو الصواب إذا قلنا إن كفة إصلاح الأسرة يفوق سائر العوامل التربوية الأخرى فهي المدرسة الأولى التي تؤثر أثراً مباشراً على السلوك والتوجيه. [/align]
المفضلات