[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأخوة والأخوات الكرام ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
رمضان قادم ... يعني عبادة يعني صيام يعني قيام الليل ...
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون} ...........
حينما أسدل الليل خيوط السواد وكسي الأرض بنسيجه بهيماً قاتماً كان بدر الدجى ومنار الهدى النبي المصطفى ورسولنا المجتبى عليه أفضل صلاةٍ وأتم تسليم..
قد تملكت قلبه الرهبة حين تنزلت عليه آياتٍ محكمات يقول المولى جل وعلى فيها (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا..)
حينها كان عائداً لخير زوجاته خديجة المرضية وهو يردد (زملوني .. زملوني .. ) فبدأت تهدأ من روعه وتدعوه ليطمئن وينام.. فكان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يجيبها قائلا... (مضى عهد النوم يا خديجة)..
ذاك خير الأنام يأمره الله - تعالى -بإحياء الليل والقيام فصلوات الله عليه وسلامه حين أذعن لأمر مولاه وأجاب أمره وسعى لرضاه.. فكَانَ - صلى الله عليه وسلم - مُمْتَثِلا مَا أَمَرَهُ اللَّه - تعالى - بِهِ مِنْ قِيَام اللَّيْل وَقَدْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَحْده كَمَا قَالَ - تعالى -. " وَمِنْ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَة لَك عَسَى أَنْ يَبْعَثك رَبّك مَقَامًا مَحْمُودًا "
لقد كان نبينا يقوم كل الليل لا ينام الا قليل وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر..
وكان هدي أصحابه كذاك إحياء الليل وقيامه رغبةً لله ورهبة ورجاءً لما عنده..
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون} يَعْنِي ذَلِكَ قِيَام اللَّيْل وَتَرْك النَّوْم وَالاضْطِجَاع عَلَى الْفُرُش الْوَطِيئَة قَالَ مُجَاهِد وَالْحَسَن فِي قَوْله - تعالى -" تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِع " يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَام اللَّيْل، وَعَنْ أَنَس هُوَ الصَّلاة بَيْن الْعِشَاءَيْنِ.
ومن أبواب فضل القيام ما روي عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل أَنَّ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ "ألا أَدُلّك عَلَى أَبْوَاب الْخَيْر؟ الصَّوْم جُنَّة وَالصَّدَقَة تَكُفّ الْخَطِيئَة وَقِيَام الْعَبْد فِي جَوْف اللَّيْل " وَتَلا هَذِهِ الآيَة " تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنْ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ "
وعَنْ أَسْمَاء بِنْت يَزِيد قَالَتْ قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -" إِذَا جَمَعَ اللَّه الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْم الْقِيَامَة جَاءَ مُنَادٍ فَنَادَى بِصَوْتٍ يُسْمِع الْخَلائِق سَيَعْلَمُ أَهْل الْجَمْع الْيَوْم مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ ثُمَّ يَرْجِع فَيُنَادِي لِيَقُمْ الَّذِينَ كَانَتْ " تَتَجَافَى جُنُوبهمْ عَنْ الْمَضَاجِع" الآيَة - فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيل ".
أيها الفضلاء.. تلك هي الحياة النقية والسعادة الدنيوية والعيشة الهنية.. !
تلك الحياة السوداء في ظلمة الليل حين يهجع الأنام فتنفرد لله الواحد المتعال رافعاً يديك مبتهلاً لرب الجلال
فتشعر بوميض النور وضوئه يشع في حناياك.. حينها... تستعذب ظلمة الليل وعتمته..
وإن تبتلت إلى الله وأعلنت ضعفك وعجزك وتقصيرك وحاجتك إليه وجدت بابه مفتوح وعطائه ممنوح فإن ذقت حلاوة الإستجابة فزد وإن لم تجرب فجرب.. فالله - تعالى - أمر عباده بالدعاء ووعدهم بالإجابة.. {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} فهذا من فضل الله - تعالى -وكرمه حين أنَدَبَ عِبَاده إِلَى دُعَائِهِ وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِا الإِجَابَةِ.. كَمَا كَانَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ يَقُول يَا مَنْ أَحَبُّ عِبَادِهِ إِلَيْهِ مَنْ سَأَلَهُ فَأَكْثَرَ سُؤَالَهُ وَيَا مَنْ أَبْغَضُ عِبَاده إِلَيْهِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَلَيْسَ أَحَد كَذَلِكَ غَيْرك يَا رَبِّ...
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى يَقُول الشَّاعِر :
اللَّه يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْت سُؤَالَهُ *** وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
فيا كل عبد مذنب ابشر فإن الله - تعالى - يفرح بتوبتك..
أيها المحزون والمهموم أبشر فالله - تعالى - ينتظر التجائك وابتهالك حتى يكفيك محنتك..
أيها المريض أبشر بالشفاء فالعافية بيد الله فقط ارفع يديك واطلب العافية منه..
أيها المسلمون أجمع أبشروا بالنصر فإن الله - تعالى - وعدكم بالنصر المؤزر فلترفعوا أكف الضراعة حتى يرفع الله عنا السوء ويؤيدنا بقوته وعزته..
لبست ثوب الرجاْ والناس قد رقدوا
وقمت أشكوا إلى مولاي ما أجدُ
وقلت يا عدتي في كل نائبةٍ
ومن عليه لكشف الضر أعتمدُ
أشكوا إليكَ أموراً أنت تعلمها
مالي على حملها صبرٌ ولا جلدُ
وقد مددت يدي بالذل معترفاً
إليك يا خير من مدت إليه يدُ
فلا تردنها يا ربي خائفةً
فبحر جودك يروي كل مَن يردُ
***
وبعد أيها الأحبة ألا يحق لنا هذا الخطاب.. فنردد وندوي في كل الأكوان.. مضى عهد النوم أيها المسلمون.. مضى عهد النوم أيها المؤمنون.. [/align]
المفضلات