هل تتزوج.. فتاة الانترنت؟
الدكتور - فايز بن عبد الله الشهري
عزيزي الشاب أرجو أن تسمح لي بتوجيه بعض الأسئلة لك مؤملا أن تجيب عنها بكل أمانة وموضوعية؟ ليس شرطا أن ترسل الإجابة ولكن لعلك تفكّر فيها وتحدد موقفك من كل سؤال. أول هذه الأسئلة يقول.. هل تتزوجُ فتاةً عرفتَها عن طريقة الانترنت ؟ و حتى يَسْهُل الوصول إلى إجابة هذا السؤال المباشر دعنا نضعه بصيغ أخرى اقل مواجهة للذات... ونقول هل يمكن أن تتزوج شابة وأنت تعلم أنها تستخدم الانترنت بشكل مستمر، وتقضي من الوقت مع الشبكة قدراً قريباً مما تفعله أنت؟ وبصيغة أخرى... ماذا لو علمت بعد الزواج أن زوجتك العزيزة مستخدمة جيّدة للشبكة العنكبوتية، ولها فيها صولات وجولات قبل الزواج؟ تُرى هل ستتقبل فكرة أن تستأنف زوجتك نشاطها الالكتروني معتبرا الأمر على أنه مجرد توظيف لوسيلة اتصالية حديثة، أم انك ستنظر إلى استخدام زوجتك للانترنت على أنه (سبّة) ونقيصة تعايرها وتضايقها بها كلما غضبتَ منها؟
ربما - عزيزي الشاب- مررت بمثل هذه الأسئلة من قبل.. ولكنّك لم تعرها انتباهك لأنك لم تصل بعد إلى مرحلة المواجهة مع مثل هذه القضايا التي هي محور نقاشات المهتمين باستخدامات الشبكة واثر صورتها (السلبية والايجابية) في سلوك وقرارات مستخدميها. وحتى تتضح بعض جوانب الصورة لك، فلعل في قصة (سارة) التي سنوردها بعض المداخل التي قد تسهم في مساندة جهود الباحثين عن إجابات، وبكل تأكيد ستفتح قصة سارة بوابات الأسئلة لمن لا يملكون المفاتيح أو لأولئك الذين ضيّعوها. (سارة) زوجة ناضجة .. ولكنّها غير سعيدة منذ أن دخلت دوامة شكوك وغيرة زوجها الذي تزوجته عن اقتناع وتزوّجها عن معرفة تامة بعاداتها وهواياتها وأهمها الانترنت. تقول سارة أنها عاشت طفولتها وسنوات مراهقتها وسط أسرتها الكبيرة العدد إلا أنّها - كما تقول- واجهت عواصف التقلّبات العاطفيّة والفكريّة منذ صغرها (شبه وحيدة) إذْ لم تجد من أسرتها سامعا لأسئلتها وهي صغيرة، ولا منصتا منهم لدقّات قلبها وهي مراهقة تحاول أن تضبط بوصلة مشاعرها و ترشّد اتجاهاتها. وسط هذه الزحمة ترعرعت (سارة) طفلة ثم مراهقة في كنف والد كريم - كما تصفه- ولكنها لا تكاد تراه فهو دائم الحل والترحال في سبيل تأمين حياةٍ (مادية) كريمة للأسرة مسكونا بشبح سنوات اليُتم وشظف العيش التي عاشها في طفولته وشبابه. أما والدتها (منجم الصبر) كما تصفها فقد ذوى شبابها بسرعة .. فمنذ أن وعت سارة وجه أمها وهي لا تراها إلا في صورة حامل تشكو، أو مرضعٍ تعاني.
تقول (سارة): وسط هذه المعمعة ظهرت الانترنت في منزلنا عن طريق أخي الأكبر الذي فتح بوابة الدنيا في منزلنا ثم غادر مستقلا بشؤونه وحياته الجديدة وكنتُ حينها في أواخر سنوات مراهقتي ...لم أكد اصدق عيني وأنا أرى هذا العالم القريب جدا مني ... و لأول مرة وجدت في (العالم الافتراضي) من يستمع لشكواي ويبادلني الاهتمام... وعبر منتديات الانترنت التي عشقتها وجدت نفسي... وحققت بعضا من ذاتي... خاصة حين أصبحتُ مرجعا لرواد بعض المنتديات في قضايا الانترنت الفنية... وكان الأهم -في حالتي ووحدتي- أنه كلما عنّ لي سؤال مهما بدا محيرا أو محرجا في أي شأن خاص أو عام لا أتردد في طرحه تحت غطاء (أسمائي المستعارة)... وبطبيعة الحال كنت أجد الإجابات أمامي سريعة وصريحة. مع الانترنت كنت اقضي الساعات الطوال فلم اعد وحيدة وان كنت حبيسة غرفتي وشاشتي... صار لي أصدقاء وصديقات، واشتركت في أشهر المنتديات وصممت موقعا خاصا بي. وتعترف (سارة) بان هذا العالم الافتراضي قد استغرقها بالكامل قبل الزواج. على حافة زواج يتأرجح تسأل سارة: هل أخطأت حين اعترفت لزوجي بأنني مشرفة أحد المنتديات، وان لدي ثلاثة حسابات للبريد الكتروني؟ أم أنني أخطأت حينما أطلعته -بكل براءة- على رسائل بعض زوار المنتدى المراهقين طالبة نصيحته في أسلوب الرد عليهم؟ أم أن من أخطأ هو زوجي وقبله أمي و أبي؟ هل يمكن أن تكون الانترنت قد أخطأت... وضلت الطريق حين قدمت إلينا؟
***مسارات***
قال ومضى: لا أعرف من (يمنح الحرية)... ولكنني اعرف الكثيرين ممن (يخفونها)
المفضلات