[align=center]إذا عزونا التخلف التقني الى أسباب جينية ذاتية او موضوعية تتصل بالبيئة المحيطة بالعرب, فما هو عذرنا في التخلف الحضاري حيث فشل العرب في كل شيء يتصل بالفلسفة والآداب والاخلاق والتسامح والتعليم والسياسة والفكر عموما? وحيث دب الفساد الى كل شيء في حياتنا, في مدارسنا وجامعاتنا والبرلمان وادارات الدولة, وانهارت المنظومة الاخلاقية فأصبحنا لا نعير الاخلاق سواء الخاصة او العامة اي اهتمام, وامتلأت المحاكم بالقضايا التي تحتاج الى سنوات لحلها. لقد عجز العرب عن التحضر حتى بالوقوف في الطابور, مصدقين قول القائد العسكري ¯ السياسي الاسرائيلي الراحل موشيه دايان, والذي معناه أنه سيخشى العرب حين يراهم يقفون صفا منتظما في الطابور.
هل يعقل ألا نسمع كلمة الاعتذار في حياتنا اليومية برغم كثرة أخطائنا?
هل يعقل ما نراه يحدث في الشوارع كل يوم من تجاوز للسرعة وعدم احترام القانون حتى من قبل بعض رجال الشرطة? ألا نضع الكتّاب والمثقفين في السجون بسبب آرائهم? ألا تسكت الحكومات عن الفساد وهي تعترف به? ألا ننجز أعمالنا في مختلف المؤسسات الرسمية وفقا للقانون ونحتاج للوساطة دائما وأبدا لانهائها?
ألا تنتشر الرشوة في هذه المؤسسات, ويستشري الفساد السياسي في بلادنا?
ألا يتحدث المسؤولون عن دولة القانون وهم يسكتون عن مخالفته? ألا نستخدم منابر بيوت الله للتحريض على قتل الآخرين وتكفيرهم ونحن في صلاة? لماذا نحن الوحيدون في عالم اليوم نستخدم مصطلح التكفير ونرفض التسامح الديني وعلى رغم كل هذا السوء نسعى للتبشير بديننا في المجتمعات التي نكفرها? ارتفعت المساجد في روما دار الكنيسة الكاثوليكية, وفي لاسا عاصمة التبت البوذية, وفي جميع الدول العلمانية,ولا يسمح ببناء كنيسة واحدة او ترميم القديم منها الا بموافقة رئيس الدولة المسلمة?! لماذا نمنع الآخرين من التبشير بدينهم بسلام في ديارنا وهم الذين يسمحون لنا بالتبشير بديننا في ديارهم?
كل ما سبق يتعلق بالتطور الحضاري المؤمن بحقوق الانسان كانسان بعيدا عن الدين والعرق واللون, نحن لا نؤمن بحقوق الانسان, هل أذكركم بمن تسمونهم ب¯ (البدون)? أم بالحقوق الناقصة للمرأة? أم العمالة التي أرغمكم العالم على »احترام« حقوقها? أم بعدم احترام حق الانسان بالابداع الفني ومراقبة الكتب والمقالات? هل من الاخلاق ان يعمل البعض جاسوسا للجماعات الدينية او ربما للسلطة ضد المثقفين? ألا ما أوسع الدين وأضيق ضمائركم.
ان التحضر المدني ليس موجودا في حياتنا, كان لابد ان ينهار كل شيء, وهو ما يعيشه العرب فعلا, حتى باتوا منبوذين حضاريا, مشبوهين في كل مطارات العالم, مكروهين من جميع شعوب العالم, عاجزين عن المشاركة في اي نشاط عالمي بقدرتهم الذاتية, لا أتحدث عن انفار مشردين او مثقفي السلطة, بل عن الروح العربية مجتمعة .. هذه الروح العاجزة.
اعتقد أنه لو سمح لعلماء النفس والاطباء النفسيين بدراسة العقل العربي ليعرفوا سر هذا التخلف, فلن يترددوا, ومجانا, وسؤالهم: لماذا كل العالم يتحضر او على الاقل يحاول, الا العرب, لماذا يستعصون على الحضارة ان تفعل فعلها بهم?
ألسنا بحاجة الى روح جديدة تتبع العقل وتستهدي بنوره, ليعرف العرب ما لهم وما عليهم. ألسنا بحاجة الى تعليم ابنائنا ما كتبه كبار الفلاسفة لتستنير عقولهم, وتتفتح قلوبهم على حب الآخر وقبوله كما هو? ألسنا بحاجة الى اخذ الدروس من الشرق والغرب لتعلم فن التسامح الانساني, بدلا من هذا الكره للآخر حتى ولو كان من ابناء جنسنا?
يحلو لاتباع التيار الديني ان يتشفوا بأميركا التي اصابها اعصار كاترينا من دون ان يسألوا انفسهم; ألم يمر هذا الاعصار على روحهم الكارهة للانسانية, ولا يزال?! إنهم يرفضون مساعدتهم لا لشيء سوى أنهم على غير ديننا.
منقول
[/align]
المفضلات