[frame="7 80"] الإسلام ودعاة القومية والوطنية
كثيرا ما نسمع بمصطلحي ،الوطنية والقومية ،هذان المذهبان اللذان كثر التطبيل والتزمير حولهما من قبل كثير من كتابنا ،فما الذي تعنيه الوطنية و القومية ،وما موقف الإسلام منهما ؟
تعني الوطنية أن يشعر أبنا الوطن الواحد(الأرض) بالإنتماء إليه،والتعصب له بغض النظر عن القوم أو اللغة أو الجنس.
والقومية معناها أن يكون ولاء أبناء الأصل الواحد واللغة الواحدة واحدا ، وإن تعددت أرضهم و تفرقت أوطانهم ،و اختلفت دياناتهم.
تعتبر الوطنية والقومية من وسائل الغزو الفكري التي شنتها أوربا على العالم الإسلامي ،لمّا رأت أن معركة السلاح وحدها لا تجدي نفعا ولا تؤتي أكلها كما هو مخطط له.
قد يتسائل سائل...كيف ذلك؟
نعلم أن الإسلام جاء بفكرة الأمة الواحدة التي لا يفرقها جنسٌ ولا أرضٌ ولا لغة،يقوم أساسُ التفاضل فيها على قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
وبالتالي صنعت هذه الفكرة ــ عندما وعاها أجدادنا ــ من أمة الإسلام سدا منيعا وحصنا حصينا، في وجه التوسع الأوربي ، وأصبحت حجرعثرة في طريق بسط سلطانها على العالم،فكانت الحروب الصليبية،والتي على الرغم من الجراحات الكثيرة التي أصابت بها جسدَ الأمة إلا أنها فشلت في نهاية الأمر،لأنها و إن أضعفت صف أمتنا إلا أنها لم تستطع أن تُحدث فيه فجوة تعبر منها إلى ما تريد.
بعدها أيقنت أوربا أن معركة السلاح وحدها ،فاشلة في تحقيق أهدافها.
هنا عملت بقانون (فرّق تسد).....
وبالفعل.......
قامت بتصدير فكرة الوطنية والقومية لتضرب بها فكرة الخلافة والأمة التي يجمعها الدين الواحد.
وللأسف نجحت في ذلك ،لأنها بهاتين الفكرتين حولت حركات الجهاد الإسلامي إلى حركات سياسية ،تهدف إلى مصلحة الأرض الواحدة والوطن الواحد بصرف النظر عن مصلحة أراضي وأوطان الإسلام الأخرى.
يقول محمد قطب في كتابه (مذاهب فكرية معاصرة) :
(إن القومية في ذاتها نزعة غير إنسانية،لا يتوقع أن ينشأ منها إلا الشر،إنها بادئ ذي بدء تَحُدُّ عالم الإنسان فبدلا من أن يكون أفقه العالم والإنسانية،إذا أفقه قومه والرقعة الضئيلة من هذا العالم التي يسكن فيها قومه.)
بهاتين الفكرتين .....
نجحت حركة الإستعمار الأوربي فيما لم تنجح فيه الحملات الصليبية،وتقسَّم العالم الإسلامي إلى دولٍ وأوطان ، وأختفت الخلافة ،فسهل عندها على أوربا إستعمار البلدان الإسلامية سنينا طويلة،سطرت فيها قصصا من العذاب والظلم ، الذي تدعي أنها تحاربه وترفضه،وما الحاصل في العراق اليوم إلا لون من ألوان الإستعمار الصليبي .......ولكن
مع قليل من التجميل وكثير من الكذب و الخداع.
يكفي القومية دليلا على خبث نواياها، أنّ أول من رفع لوائها،كانوا نصارى بلاد الشام التي كانت بلدا واحدا ثم مُزقت قطعا.
يقول الدكتور عدنان علي النحوي في كتابه(المسلمون بين العلمانية وحقوق الإنسان الوضعية) :
(لقد كان التنازل الأول هوالتنازل عن الإسلام الذي يجمع الأمة ،تنازلا يتبنى العروبة والقومية العربية معزولة عن الإسلام .) .
أظن الكثيرين منكم سمع بهذا النشيد:
بلاد العرب أوطاني=من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن=إلى مصر فتطوان
نعم.... كثيرا ما سمعناه ورددناه ،وأنا ممن كان يردده،ولكن هل تعرفون تكملته
اسمعوا.........
فلا حدٌّ يباعدنا=ولا (((دينٌ)))) يفرقنا
لسان الضاد يجمعنا=بغسان وعدنان
يقول الدكتور عدنان النحوي:
(وكان من أوائل من دعا إلى العروبة والقومية العربية معزولة عن الدين ،علمانية الفكر و الإتجاه :بطرس البستاني،وسليم البستاني ،وأديب إسحق وفرح أنطون)
وطبعا كل الذين أوردهم الدكتور عدنان هم من النصارى.
الخلاصة :
إن القومية والوطنية بهذا الفكر والإتجاه الذي لا يأخذ الدين بعين الإعتبار ويقدم عليه الأرض و الجنس واللغة ،هو فكرٌ يضاد الإسلام ، وإتجاهٌ لا يتفق مع روحه وعقيدته التي لا تقدم على الدين شيئا، وتجمع تحت سقف الأخوة ، المسلمَ في السعودية بالمسلمِ في الهند ،والمسلمَ في الشام ، بالمسلمِ في الصين وأمريكا ،إخوانا لم تلدهم أم واحدة ،بل ولدتهم رحم العقيدة والقرآن ، تحت ظلال قوله تعالى (إنما المسلمون إخوة).
أنا هنا لا أدعو إلى عدم الولاء لأوطاننا ، بل أأطر هذا الولاء وأحده بما أحل الله ،فإن عارض حبُ الوطن الشرعَ ،قُدم الشرعُ على الوطن،فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
بل إني أقول، إذا كان الوطن حصنا للإسلام ومنبعا له ، كان حبه واجبا مقدسا كحب مكة و المدينة .
كذلك ... إذا كان الوطن رافعا لراية الإسلام ، يعتلي سُدَّة الحكم فيه ،حكام لا يحلون حراما و لا يحرمون حلالا ،كان الولاء لهم حقا واجبا ،لا يحل لأحد تركه ولا التأخر عنه.
اسأل الله أن يوحدَّ الشمل ، ويصلح الخلل ، ويسدَّ الثغر، ويجمع الشتات ، وأن يجبر وهننا ، ويشعب صدعنا ، ويدفع عنا عدونا ،ويهيدينا إلى سواء السبيل.
اللهم آمين
اللهم آمين
اللهم آمين [/frame]
المفضلات