[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول صلى الله عليه وسلم ...
جابر بن عبد الله
أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام ( بطل الموضوع السابق ) صحابي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شهد بيعة العقبة الكبرى ..التي بايع الأنصار بها على نصرة الدين وبناءً عليها تمت هجرة الصحابة من مكة إلى المدينة .
كان الصحابة يقولون بدر أشهر بين الناس ولكننا نحب بيعة العقبة أكثر .
كانوا 73 صحابي وامرأتان ... بايعوا النبي على نصرة الدين
هذه البيعة حضرها الصحابي عبد الله بن عمرو بن حرام والد سيدنا جابر بن عبد الله ... الذي حضر البيعة وكان صغيراً .
كان لجابر 9 أخوات بنات عندما خرج والده في غزوة أحد وشعر أنه سوف يستشهد في تلك الغزوة ...
قال عبد الله بن حرام لولده جابر قبل خروجه إلى الغزوة : أراني شهيداً اليوم – بل أراني أول الشهداء ويعلم الله يا بني ما من إنسان أحب إلي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنت يا جابر ، واعلم يا جابر أن علي دين فاقضي عني ديني . وأوصيك بأخواتك خيراً ...
ويموت عبد الله ويصل الخبر المدينة فجرى جابر إلى أرض المعركة ليرى والده وأصحاب النبي يدفعوه ...بسبب أن الكفار مثلوا بأبيه فجعل ينظر لأبيه .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعوه ينظر إلى أبيه ..
يقول جابر : فجعلت أنظر لأبي ثم واضع وجهي في كمي أبكي فنظر إلي النبي وقال: يا بني ابكيه أولا تبكه لا تزال الملائكة تظله بأجنحتها من الأرض إلى السماء ...ثم وقف يفكر فنظر إليه النبي وقال له :
افرح ياجابر ..
قلت : بما يا رسول الله .
قال النبي : أبشر ياجابر .
قلت بماذا يارسول فلأب مات وتسع بنات وديون ... أبشر بماذا يارسول الله .
قال رسول الله : ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب وكلم أباك من غير حجاب فقال له الله تعالى : يا عبدي تمنى علي ...
قال عبد الله : يارب أتمنى أن أعود إلى الدنيا فأقاتل مع نبيك فأتل مرة ثانية لما وجدت من حلاوة لشهادة .
قال الله تعالى : سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون تمنى أمنية أخرى يا عبدي .
قال : يارب أتمنى أن تبلغ عني إخواني ما أنا فيه من السعادة ...
فأنزل الله تعالى :
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ...
يحكي جابر أنه حصل سيل على المدينة بعد استشهاد والده بعشرين سنة فنادى والي المدينة من كان له شهيد عند أحد فليذهب لينقل مكان القبر ويحكي كنت قد علمت مكان قبر ابي بعلامة ، فأسرعت إلى مكان السيل فعرفت قبر أبي فأزحت عنه التراب فإذا هو كما تركته فأمسكت بيده فإذا هي غضة طرية وقد وضع يده اليمنى تحت خده فنزعت يده عن خده فانفجر الجرح بالدماء فرددت اليد إلى مكانها وأصاب ثيابي شيء من الدم فصرت اغسل ثيابي وأغسلها ورائحة المسك لا تغادر ثيابي ..
يقول جابر : أنا لم أحضر مع النبي غزوة بدر لأني كنت صغيراً ولا أحد لأن والدي خرج فيها ... ولكن من يومها لم أتخلف عن غزوة وقد شهد 17 غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم .
مواقف جابر مع النبي صلى الله عليه وسلم
يوم غزوة الخندق :
ساد الصحابة التعب الشديد والإرهاق والجوع فكان كل صحابي يربط على بطنه حجر ويقولون انظر يا رسول الله فابتسم الرسول وقال أما أنا فانظروا فإذا به صلى الله عليه وسلم قد ربط حجرين على بطنه من شدة الجوع
يقول جابر :
رأيت النبي وقد ربط الحجرين فأسرعت إلى بيتي وقلت لزوجتي : أعندك طعام .
قالت : قليل.
قال : وما هو ...
قالت : حفنة شعير ودجاجة ..
قال : فقط ، كم تكفي.
قالت : تكفي رجل.
قال : والله لا أكل حتى يأكل رسول الله ...
فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقلت : يا رسول عندنا في البيت حفنة شعير ودجاجة ... تكفي رجل تعالى كل معي يا رسول الله ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : وحدي ؟
قلت نعم يا رسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جابر وحدي .
قلت ومعك رجل أو رجلين يا رسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ماكان لي أن أكل وحدي يا جابر ...
وقف النبي ينادي يا معشر المهاجرين – يا معشر الأنصار طعامنا اليوم عند جابر بن عبد الله ..
قلت : يارسول حفنة شعير ودجاجة ..
قال النبي : اسبقني إلى البيت يا جابر
يقول : فعدت لزوجتي أقول أدركي رسول الله قادم ومعه الجيش ..
قالت : أأخبرت الرسول بالطعام .
قلت : نعم
قالت : لا عليك رسول الله يعلم ما يفعل ...
وجاء النبي ومعه الجيش وقال ياجابر أنت بوابنا اليوم تدخل علي الجيش عشرة عشرة ...قلت أصلاً لن يدخل إلا عشرة ..
فدخل أول عشرة ... فخرجوا أقول لهم أشبعتم يقولون الحمد لله ..
ثم دخل عشرة ... فخرجوا فإذ بجابر يسأل هل شبعتم يقولون الحمد لله ...فعجب جابر ... حتى دخل الجيش كله ...
ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : بارك الله لك وبأهل بيتك في طعامكما ادخل فكل يا جابر .
يقول : فدخلت فإذا حفنة الشعير والدجاجة كما هي غير أن النبي خدش منها خدشة ...
الموقف التالي وهو موقف رقيق :
خرج جابر مع النبي في غزوة ذات الرقاع وكانت على بعد 500-600 كيلو متر فبدأت النعال تذوب وبدأت الأظافر تسقط فبدأوا يمزقوا من ثيابهم ويربطوا على أقدامهم فمن كثرة الرقع سميت الغزوة
( ذات الرقاع )
عاد الجيش من الغزوة إلا جابر لأنه ركب جمل ضعيف ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لمح جابر متأخراً فترك النبي الجيش واقترب من جابر قائلاً له وهنا يبدأ حوار رقيق ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم :مالك ياجابر ؟
قلت ناقتي يارسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا بها يا جابر
قلت : ضعيفة يا رسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : انزل عنها يا جابر
يقول : فنزلت .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :اعطني عصا .
يقول جابر : فأتيت النبي بعصا .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : بسم الله - بسم الله - بسم الله .
ثم نغز الناقة نغزات ثم قال : اركب يا جابر .
فركبت فإذا ناقتي تسابق ناقة رسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما حالك يا جابر
قلت : بخير .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تزوجت يا جابر
قلت : نعم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : بكر يا جابر .
قلت : لا يارسول الله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ولما ياجابر .
قلت : يارسول الله مات أبي يوم أحد وترك لي 9 بنات فأردت أن أتزوج امرأة تخدمهم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : أصبت يا جابر .
ثم قال النبي :تعرف يا جابر عندما نعود المدينة لن ندخلها ، ولكن سنبقى خارج المدينة حتى تعلم زوجتك فتعد لك النمارق .
فقال جابر والله ما عندنا نمارق يارسول الله ...
فقال له النبي سيكون يا جابر ولكن إذا عدت إلى المدينة فاعمل عملاً كيساً وهنا كان ينوي النبي أن يعطي جابر نقود ...
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جابر أبتاع منك هذا الجمل ؟
فقلت : بل أهبه لك يارسول الله .
فقال النبي : لا بل أشتريه ثمّنه يا جابر .
قال جابر بل ثمنه أنت يارسول الله .
فقال النبي أخذه بدرهم .أو درهمين ..
قال جابر : خذه بلا ثمن يا رسول الله .
قال النبي : بثلاث دراهم .
فسكت جابر ....
قال رسول الله بل أخذه بـ 700 درهم .
قال جابر سأنزل عنه لتأخذه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم بل ابقى عليه ..
قال جابر : فظل النبي يستغفر لجابر25 مرة ( اللهم اغفر لجابر ) فعدنا إلى المدينة فأمر النبي الجيش بالانتظار خارج المدينة .ثم دخلنا المدينة فأسرع جابر ووضع الناقة على باب بيت رسول الله ثم ذهب لبيته .
فخرج النبي وقال : ما هذه ؟
قال ناقة جابر .
فقال : يابلال خذ هذا المال واذهب به إلى جابر وخذ معك هذه الناقة وقل له رسول الله يقول لك المال مالك والناقة لك وأنت ابن أخي وقد قال لك رسول الله اعمل عملاً كيساً.
ينتقل النبي إلى الرفيق الأعلى وهو راض عن جابر بن عبد الله الذي فقد بصره وتوفي عن 94 عام سنة 74 هجرية ودفن في البقيع وهو أخر صحابي من الذين شهدوا بيعة العقبة الكبرى ...
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم 1540 حديث ...[/align]
المفضلات