[align=center](عثمان بن عفّان) رضي الله عنه
ولد في السنة السادسة من الفيل ، وأسلم قديما ، وهو ممن دعاه الصديق إلى الإسلام ، وهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة .
وتزوج رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وماتت عنده في ليالي غزوة بدر فتأخر عن بدر لتمريضها بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وآجره فهو معدود في البدريين بذلك ، وجاء البشير بنصر المسلمين ببدر يوم دفنوها بالمدينة فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أختها أم كلثوم وتوفيت عنده سنة تسع من الهجرة ، ققال العلماء :
( لا يعرف أحد تزوج بنتي نبي غيره ولذلك سمي ذا النورين ) .
فهو من السابقين الأولين ...وأول المهاجرين ..وأحد العشرة المبشرين بالجنة ..
صفته
كان عثمان جميلاوكان ربعة ـ لا بالقصير ولا بالطويل ـ، حسن الوجه، رقيق البشرة كبير اللحية، أسمر اللون، كثير الشعر، ضخم الكراديس [الكراديس: جمع كردوسة، كل عظمين التقيا في مفصل، وقيل رؤوس العظام]، بعيد ما بين المنكبين.
وكان ـ رضي اللَّه عنه ـ أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته، وكان شديد الحياء، ومن كبار التجار.
أخبر سعيد بن العاص أن عائشة ـ رضي اللَّه عنها ـ وعثمان حدثاه: أن أبا بكر استأذن النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن له وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة: (اجمعي عليك ثيابك) فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. قالت عائشة: يا رسول اللَّه لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان! قال رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ: (إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يُبلغ إليّ حاجته) [رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: 27، وأحمد في (م 6/ص 155).]. وقال الليث: قال جماعة من الناس: (ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة) [رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب: 26، وأحمد في (م 6/ص 155).].
لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر [الإصابة ج 4/ص 223]، ويلي وضوء الليل بنفسه. فقيل له: لو أمرت بعض الخدم فكفوك، فقال: لا، الليل لهم يستريحون فيه. وكان ليَّن العريكة، كثير الإحسان والحلم. قال رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ: (أصدق أمتي حياءً عثمان) [رواه ابن ماجه في المقدمة، باب: 11، وأحمد في (م 3/ص 184).]. وهو أحد الستة الذين توفي رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ وهو عنهم راضٍ، وقال عن نفسه قبل قتله: "واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط".
اخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن خباب قال :
شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة ..فقال عثمان بن عفان :
( يا رسول الله على مائة بعير بأحلاسها وأقتباها في سبيل الله ) ثم حض على الجيش فقال :
( عثمان يا رسول علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ) ..ثم حض على الجيش ، فقال عثمان : ( يا رسول الله على ثلثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ) فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (( ما على عثمان ما عمل بعد هذه شيء )) .
وأخرج الترمذي عن أنس والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان إلىالنبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول : (( ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين )) .
هو رضي الله عنه أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الهجرة الأولى والثانية وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-( إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوطٍ ) وهو أوّل من شيّد المسجد، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ..
ويُحكى عن صلابته أنه لمّا أسلم رضي الله عنه أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطاً ، وقال : أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين ) فقال عثمان ( والله لا أدَعُهُ أبداً ولا أفارقُهُ )فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه ..
وعن جهاده بماله
انقل لكم هذه الواقعة كان الصحابة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح في وجوه المنافقين فلما رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك قال والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ ) فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان ،فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام فوجّه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي قال ( ما هذا ؟ قالوا : أُهدي إليك من عثمان ..
فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- يديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان ) .
كان عثمان -رضي الله عنه- ثالث الخلفاء الراشدين فقد بايعه المسلمون بعد مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة 23 هـ انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس عشر حجج متوالية..
حيائه رضي الله عنه وأرضاه
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( أشد أمتي حياءً عثمان )000
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش ، عليه مِرْطٌ لي ، فأذن له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له ، وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ، ثم انصرف ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال ( اجمعي عليك ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، فقلت ( يا رسول الله ، لم أركَ فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !!)000 فقال ( يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إنْ أذنْتُ له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وفي رواية أخرى ( ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة )000
مصحف الخليفة عثمان بن عفان الذى قتل و هو يقرأ فيه( على صفحاته سقط دم الخليفة، عند قوله تعالى: فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم) والموجود في مخطوطة طشقند
تولي عثمان للخلافه
هي ما تعرف بقصة الشورى .. درس سياسي بديع يقدمه لنا خير من طلعت عليهم الشمس .. صحابة رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم .. فقصة الشورى كما رواها الطبري مفادها بإختصار أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله .. ليختاروا من بينهم خليفة. وعلم العباس بالأمر فقال لابن أخيه علي لا تدخل معهم.. فقال: إني أكره الخلاف ..قال: إذن ترى ما تكره ..وذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله فقد كان في سفر ..فلما اجتمعوا عند عمر قال لهم: تشاوروا فيما بينكم واختاروا للخلافة واحدا منكم ..ودعا المقداد بن الأسود وقال له: إذا وضعتموني في حفرتي فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم ، وأحضر معهم عبد الله بن عمر ليكون مشاورا وليس له شيء من الأمر ..
وقم على رؤوسهم فإن اجتمع خمسة ورضوا واحدا منهم وأبى السادس اختياره فاضرب رأسه بالسيف .. ( منتهى القوه في الأمر ) وان اتفق أربعة فرضوا رجلا وأبى اثنان فاضرب رأسيهما بالسيف .. فإن رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم فحكموا عبد الله بن عمر ..فأي الفريقين حكم له فليختاروه ..فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فليكونوا مع ......... من ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فضله رضي الله عنه وأرضاه
دخل رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل
رأس عثمان فقال ( يا بنيّة أحسني إلى أبي عبد الله فإنّه أشبهُ
أصحابي بي خُلُقـاً )000وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم
( مَنْ يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000وقال ( اللهم ارْضَ عن عثمان )000
وقال ( اللهم إن عثمان يترضّاك فارْضَ عنه )000
اختَصّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي ، وقد نزل بسببه
آيات من كتاب الله تعالى ، وأثنى عليه جميع الصحابة ، وبركاته وكراماته
كثيرة ، وكان عثمان -رضي الله عنه- شديد المتابعة للسنة ، كثير القيام
بالليل
قال عثمان -رضي الله عنه ( ما تغنيّتُ ولمّا تمنّيتُ ، ولا وضعتُ يدي اليمنى
على فرجي منذ بايعتُ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما مرّت بي
جمعة إلا وإعتقُ فيها رقبة ، ولا زنيتُ في جاهلية ولا إسلام ، ولا سرقت )000
فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فليكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف فخرجوا من عند عمر, وتلقى العباس عليا فقال له علي: عدلت عنا ( أي خرجت منا الخلافة ) , فقال العباس وما علمك؟ قال: قرن بي عثمان, وقال عمر: كونوا مع الأكثر, فإن رضي رجلان رجلا, ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف فسعد بن أبي وقاص لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن, وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون, فيوليها عبد الرحمن عثمان, أو يوليها عثمان عبد الرحمن, فلو كان الآخران معي لم ينفعاني ما دام الرجحان للثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن, فقال له عمه العباس: لم أرفعك في شيء إلا رجعت إلي مستأخرا بما أكره, أشرت عليك عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت, وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت, وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى ألا تدخل معهم فأبيت. احفظ عني واحدة ,كلما عرض عليك القوم فقل: لا ,إلا أن يولوك, واحذر هؤلاء الرهط, فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا. فلما مات عمر وأخرجت جنازته تصدى علي وعثمان ,أيهما يصلي عليه , فقال عبد الرحمن بن عوف لهما: كلاكما يحب الإمرة, لستما من هذا في شيء, فليصل عليه صهيب, فقد استخلفه عمر بعد طعنه ليصلي بالناس حتى يجتمعوا على إمام , فصلى عليه صهيب, فلما دفن عمر جمع المقداد أهل الشورى في بيت المسور بن مخرمة وكانوا خمسة ومعهم عبد الله بن عمر وطلحة بن عبيد الله غائب, فتنافس القوم في الأمر وكثر بينهم الكلام, فقال عبد الرحمن بن عوف أيكم يخرج نفسه منها على أن يوليها أفضلكم؟ فلم يجبه أحد فقال: أنا أخلع نفسي منها, فقال عثمان أنا أول من رضي وقال القوم قد رضينا, فقال أعطوني مواثيقكم على أن ترضوا من أختار لكم, وعلي ميثاق الله ألا أخص ذا رحم لرحمه, ولا آلو المسلمين, فأخذ منهم ميثاقا وأعطاهم مثله ,وخلا بعلي بن أبي طالب وقال له: أرأيت لو صرف هذا الأمر عنك فلم تحضر فمن كنت ترى من هؤلاء الرهط أحق به؟ قال: عثمان, وخلا بعثمان وسأله ما سأل عليا, فقال: علي, ثم خلا بكل من الزبير وسعد بن أبي وقاص, فكلمهما بمثل ما كلم به عليا وعثمان, فقالا: عثمان. ودار عبد الرحمن لياليه يلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن وافى المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم, ولا يخلو برجل إلا أشار عليه بعثمان, حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل بها الأجل - وهي ثلاثة أيام كان عمر حددها لهم - دعا عبد الرحمن أهل الشورى ودعا الناس إلى المسجد, ونادى عليا فقال له: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده؟ قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي. ونادى عثمان فقال له مثل ما قال لعلي, قال عثمان: نعم, فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان فقال: اللهم اسمع واشهد, اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان ,فبايعه, فقال علي: ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك , فقال عبد الرحمن: يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا, فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان. وازدحم الناس يبايعون عثمان وتلكأ علي ,فقال عبد الرحمن: فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بمن عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما فرجع علي يشق الناس حتى بايع وهو يقول (خدعة وأيما خدعة) . ويقول الطبري: أن سبب قول علي (خدعة) أن عمرو بن العاص كان قد لقي عليا في ليالي الشورى ,فقال له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد, وأنه متى أعطيته العزيمة كان أزهد له فيك, ولكن الجهد والطاقة فإنه أرغب له فيك. قال: ثم لقي عثمان فقال له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد وليس والله يبايعك إلا بالعزيمة فأقبل, فلذلك قال علي لما سأله عبد الرحمن هل يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين, من بعده ,أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي ,آخذا بنصيحة عمرو بن العاص وأجاب عثمان على نفس السؤال بقوله: نعم دون تردد آخذا بنصيحة عمرو بن العاص ونرى أن عمرا نصح عليا بغير ما نصح به عثمان, وقد أخذ كل منهما بنصيحته, وكان خدعة من عمرو رددها علي بعد مبايعة عثمان, وشعر بها بعد أن وقع في حبالتها ..
خلافة عثمان بن عفان
(23 - 35 هـ/ 643- 655م )
جعل عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- الخلافة قبل وفاته شورى في ستة من كبار الصحابة، هم عثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن ابن عوف، وسعد بن أبى وقاص -رضى الله عنهم-، وجعل ابنه عبدالله بن عمر معهم مشيرًا ولا يحق لهم اختياره، وقد وقع الاختيار على عثمان بن عفان سنة 24هـ لتولى خلافة المسلمين.
وقد بدأ عثمان عهده بأن كتب إلى الولاة وعمال الخراج ينصحهم بالسير فى طريق العدل والإنصاف والمساواة بين الناس، وزاد فى أعطيات جيشه.
الحالة السياسية للدولة:
عمل عثمان على توطيد نفوذ المسلمين فى كثير من البلاد التى تم فتحها من قبل، كما نجح ولاته فى ضم مناطق جديدة إلى حوزة الدولة الإسلامية، ففى سنة 24هـ، جرى غزو "أذربيجان" و"أرمينية" للمرة الثانية على يد الوليد بن عقبة بعد أن امتنع أهلها عن دفع ما كانوا قد صالحوا المسلمين عليه، وفى نفس العام وصل معاوية بن أبى سفيان إلى الشام لصد الروم التى تحركت لغزو الشام واستعادتها من المسلمين، فأرسل جيشًا من أهل الكوفة بقيادة سلمان بن ربيعة الباهلى فى ثمانية آلاف رجل، وتولى قيادة جيش الشام حبيب بن مسلمة الفهرى، فشنوا الغارات على الروم، وأوقعوا بهم، وتوالت الفتوحات الإسلامية، فعاود معاوية بن أبى سفيان غزو الروم، وتوغل فى أرضهم حتى وصل "عمورية"، وكان معاوية يهدف من وراء ذلك إلى شغل الروم بالدفاع عن الأقاليم المتاخمة للقسطنطينية فيسهل عليه فتح ما تبقى لهم من قلاع وحصون على ساحل الشام، وقد نجح فى ذلك ففتح قنسرين وغيرها.
وفى الشرق بلغ "عثمان بن عبدالله" أرض كابل (أفغانستان الحالية).
وفى سنة 27هـ جهز الخليفة جيشًا لفتح إفريقية (تونس حاليّا) وفى العام التالى أمد الخليفة جيش الفتح بقوات جديدة فى مقدمتها عدد من أعلام الصحابة كعبدالله بن الزبير، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، والذين قد عرفوا بالعبادلة.
وانتصر جيش المسلمين على الجيش البيزنطى وسميت هذه الواقعة بغزوة "العبادلة"، وفيها قتل القائد البيزنطى جُرْجير على يد عبدالله بن الزبير، واستولى المسلمون على أرض تونس سنة 27هـ.
وفى سنة 28هـ عمل معاوية على وضع النواة الأولى للأسطول الإسلامى، فاستأذن الخليفة فى ذلك، فأذن له فبدأ يعمل على إنشاء هذا الأسطول، كذلك سلك نفس المسلك عبد الله بن سعد بن أبى سرح والى مصر، ولما أتم معاوية تجهيز أول أسطول إسلامى اتجه به إلى غزو قبرص حيث كانت تعد محطة تموين للأسطول البيزنطى فى البحر المتوسط وهو الذى اعتاد مهاجمة الشواطئ الإسلامية، وتم لمعاوية فتحها سنة 28هـ.
ذات الصوارى:
ولما بلغ هرقل إمبراطور الروم خبر استيلاء العرب على بلاده فى إفريقية جهز أسطولاً كبيرًا مؤلفا من 600 مركب، واتجه به من القسطنطينية فى البحر إلى ناحية تونس هادفًا إلى القضاء على البحرية الإسلامية الناشئة، فخرج إلى الأسطول الإسلامى بشقيه الشامى والمصرى بقيادة عبدالله بن سعد بن أبى سرح، والتقوا بمراكب الروم بالقرب من شواطئ "كيليكيا" فانهزم الأسطول الرومى، وفر قائده بما بقى من مراكبه فى موقعة "ذات الصوارى" سنة 31هـ.
وهكذا فقد كانت الفتوحات الإسلامية أيام عثمان بن عفان كبيرة وواسعة إذ أضافت بلادًا جديدة فى إفريقية وقبرص وأرمينيا، وأجبرت من نقض العهد إلى الصلح من جديد فى فارس وخراسان وباب الأبواب.
وضمت فتوحات جديدة فى بلاد السند وكابل وفرغانة، ورغم هذا فقد حدثت فتنة فى أواخر عهد عثمان، فقد اتهمه فيها البعض بأنه يقرب إليه بنى أمية ويستشيرهم فى أموره، ويسند إليهم المناصب الهامة فى الدولة، وظهرت بعض الشخصيات التى صارت تبث روح السخط والتمرد فى نفوس أهل البلاد، ومن ذلك ما قام به عبدالله بن سبأ (المعروف بابن السوداء) وكان يهوديّا يُظهر الإسلام، حيث تنَّقل بين الأقاليم الإسلامية محاولا إثارة الناس ضد الخليفة، ولم يمضِ على ذلك وقت طويل حتى أقبل إلى المدينة فى شوال سنة 35هـ وفد من العرب المقيمين فى مصر والكوفة والبصرة ومعهم بعض المطالب منها عزل الولاة الذين أساءوا للمسلمين، ومازالوا بالخليفة حتى قبل بعض مطالبهم، وسافروا من المدينة، ثم مالبثوا أن عادوا إليها وفى يدهم كتاب بختم عثمان، قالوا إنهم وجدوه مع رسول عثمان إلى ولاته يأمر فيه بحبسهم وتعذيبهم، فحلف عثمان أنه لم يكتب ذلك، ثم زعم الثائرون أن الكتاب بخط مروان بن الحكم فطلبوا إلى الخليفة أن يخرجه لهم فلم يقبل لكذب هذا الزعم ولخشية أن يقتلوه ظلمًا، فاشتدت الفتنة وحرَّض المحرضون بقيادة ابن السوداء، وضرب الثائرون حصارًا حول دار عثمان بن عفان، ولما علموا أن ولاة الخليفة فى الأقاليم الإسلامية أعدوا الجند لإرسالهم إليه شددوا الحصار على عثمان، وأساءوا معاملته، وبعد أن استمروا فى محاصرته أربعين يومًا، هجم عليه بعضهم وقتلوه، فقتل مظلومًا -رضى الله عنه- فى اليوم الثامن عشر من شهر ذى الحجة سنة35هـ الموافق السابع عشر من يونيه سنة 656م، وفُتِحَ بذلك باب عظيم من الفتنة والابتلاء على المسلمين.
ومن لديه أضافة لسيرة الخليفة الراشدي عثمان رضي الله عنه ، فليتحفنا بما لديه .
فلنا في سيرة اولئك الصحابه والاخيار قدوة طيبة ونسأل الله ان يجمعنا واياهم في رياض الصالحين[/align]
المفضلات