[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الأخوة الأخوات ...
البطالة - العاطلين عن العمل عبارات صارت مألوفة لكثرة انتشارها في المجتمع هذه الآونة ...
لقد قدم لنا الأخ الكريم هذه المعلومة على طبق من فضة ... لأني أود فتح هذا الملف الخطير ونحاول معاً أن نجد الحلول لهذه الأزمة ....
وهنا سأقدم لكم نتيجة هذه الدراسة التي جرت في سوريا حول البطالة والعاطلين عن العمل ... فأرجو المتابعة ...
لعل واحداً من أهم الوسائل والنتائج معاً لنمط الانتاج الرأسمالي اليوم هو تركه لمئات الملايين بلا عمل الأمر الذي بات يشكل واحدة من أهم مشكلات العصر، والتي لا يمكن حلها نهائياً إلا بتغيير نمط الانتاج الرأسمالي. وإلى حين تحقيق ذلك لا بد من العمل من أجل التخفيف من حدة هذه الظاهرة وتقليص أعداد العاطلين عن العمل.
لقد أدت نضالات الطبقة العاملة – بالاضافة إلى عوامل أخرى - في "الدول المتقدمة" إلى إيجاد نوع من التسوية في حل مشكلة البطالة بحيث يتقاضى العاطل عن العمل الحد الأدنى من الأجر الذي يكفل تأمين استمرار حياته، أما في الدول "المتخلفة" والتابعة ومنهم الوطن العربي الذي تشكل فيه البطالة أعلى معدل في العالم حيث تبلغ أكثر من 15% من عدد السكان، فلا زالت هذه المشكلة بلا حل، بل إن المؤشرات تدل على أن أعداد العاطلين عن العمل هي في ازدياد، ولا زالت الطبقات الفقيرة تدفع وحدها ثمن هذه الظاهرة.
واقع البطالة في سورية/ حقائق وأرقام/
إن التعريف البسيط والمتداول للعاطل أو المتعطل عن العمل يقول بأنه فرد قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ويقبل به عند مستوى الأجر السائد ولكنه لا يجده. وبناء على هذا التعريف يستثنى عند إحصاء أعداد العاطلين عن العمل فئات عديدة منهم الأطفال دون سن الـ16 عام وكبار السن والمرضى.... ويميز الاقتصاديون بين أنواع مختلفة للبطالة، أهمها البطالة الظاهرة أو السافرة التي تستند إلى تعريف العاطل عن العمل أي باعتبارها لا نشاط لا إرادي ، ونذكر من الأنواع والأشكال الأخرى البطالة المقنعة والبطالة الموسمية والبطالة التقنية والبطالة الهيكلية......الخ
وبناء على ما سبق، ولأن الاحصاءات في بلداننا تفتقد إلى الدقة في كثير من الأحيان، فسوف أعرض وبالاستناد إلى مصادر متعددة أهم المعلومات التي تمكنا من مقاربة واقع البطالة في سورية
في مداخلة للدكتور عصام الزعيم / منشورة بعنوان دور الـدولـة الاقتصادي في عصر العولمة
( 2 / 3 ) نشرة كلنا شركاء 8/2/2005/ يقول :
إن ( معدل النمو الاقتصادي كان بالقيمة الفعلية وحسب الإحصاءات الرسمية 2.6 بالمائة عام 2003 فإذا أخذنا النمو السكاني بعين الاعتبار اقتصر معدل النمو الفعلي على 0.14 بالمائة فقط)
وفي حوار مع الدكتور حسين العماش / منشور في صحيفة تشرين 1-12-2005/ يقول:
(في وقت تزداد فيه البطالة بمعدل 200ألف نسمة سنوياً، ومعدل النمو /0/ أو /2%/ أو 3% (حسب آخر إحصاءات الحكومة) بالتالي عملياً كأنه لا يوجد توسع في فرص العمل لأنها تستهلك من قبل النمو السكاني، والنتيجة تزداد البطالة نسبة وحجماً. في 2001 كان الحديث عن 440ألف عاطل، الان وبكل المعايير حتى المتحفظة منها تتكلم الحكومة عن 700ألف فما فوق، بينما تشير تقديراتنا الى 812 ألفاً )
تختلف الأرقام المعطاة عن أعداد المعطَّلين عن العمل، تبعاً للمعيار المعتمد في تعريف اللا نشاط الاقتصادي وكذلك تبعاً لصدقية مصدر الأرقام. بحسب مشروع برنامج الإصلاح الاقتصادي قدرت نسبة العاطلين عن العمل في عام 2002 بنسبة 9.5% من مجموع قوة العمل. وبحسب المجموعة الإحصائية السورية قدر عدد المعطَّلين عن العمل لذات العام ب637805 أشخاص ؛ أي ما يعادل 11.6% من قوة العمل. وتشير أرقام هيئة مكافحة البطالة إلى أن عدد المعطّلين عن العمل بلغ 800 ألف شخص أي بنسبة 15%. وفي محاضرته حول نموذج التنمية الاقتصادية في سورية، قدر الدكتور عصام الزعيم وهو وزير تخطيط سابق جرى في مدة وزارته بحث عن البطالة في سورية، قدر عدد المعطّلين عن العمل بـ 900 ألف شخص، مما يرفع نسبة المعطلين إلى 17% وفي تقديرات لباحثين سوريين وعرب تصل نسبة البطالة إلى 22%(صحيفة تشرين ) في حين أورد التقرير الإقتصادي العربي الموحد لعام 1998 نسبة البطالة في سورية ب 20% .........كان النمو السكاني يتم بمعدل عال يفوق 3 بالمئة حتى أواخر السنوات الثمانين ثم انخفض إلى 2.46 بالمئة خلال السنوات السبع الأخيرة من العقد التسعين الأمر الذي أدى ويؤدي إلى تدفق أعداد كبيرة تناهز ربع مليون شخص سنوياً إلى سوق العمل السورية....مجموع الأشخاص المعطَّلين عن العمل فعلاً يزيد على (3) ثلاثة ملايين شخص وهو ما يشكل حوالي 54% من قوة العمل في سورية)
وفي محاضرة للدكتور نبيل مرزوق / منشورة في الموقع الالكتروني لجمعية العلوم الاقتصادية/ يقول:
(تدل معطيات المسوحات السابقة على تزايد الأزمة في الريف وتصاعد معدلات البطالة فيه بسرعة أكبر من تلك الملاحظة في الحضر, حيث شكل مجموع العاطلين عن العمل في الريف نحو 42.27 من العاطلين عن العمل عام 1995 وقد أصبحت نسبتهم 56.79% عام 1999 وفي نتائج بحث القوى العاملة لعام 2002 أصبحت نسبتهم 61.29 % من إجمالي العاطلين عن العمل............. وبلغت نسبة من هم في الشريحة العمرية 15-29 عاما 47.25% من القوة البشرية عام 2002, هذا في حين بلغت حصتهم من البطالة 90.99% من إجمالي العاطلين عن العمل ذلك العام........ وفي عام 1999 أصبحت حصة المرأة من البطالة تعادل37.73% من إجمالي البطالة رغم أن حصتها من قوة العمل ذلك العام لم تتجاوز 19.26%. ....لقد شكل الحاصلون على تعليم ابتدائي فمادون نحو 66.79% من قوة العمل عام 2002 في حين كانت نسبة العاطلين عن العمل من هذه الفئة التعليمية 67.34 % من إجمالي العاطلين عن العمل......وتدني نسبة العاطلين عن العمل في الفئة الجامعية يفسر بالفرص التي تمنحها الدولة لهؤلاء الخريجين في الإدارة العامة أو في القطاع العام الذي يضم 61.7% من إجمالي الخريجين الجامعيين, بالإضافة إلى الالتزام الذي كانت الدولة قد أخذته على عاتقها بتعيين بعض الخريجين وخاصة المهندسين, وقد تحللت من هذا الالتزام مؤخرا, لتزيد من حصة هذه الفئة في البطالة)
إذن يمكن تكثيف المعطيات السابقة بالقول : إن معدل النمو الاقتصادي منخفض جداً بالمقارنة مع معدل النمو السكاني ، وإن نسبة الزيادة السنوية لعدد العاطلين عن العمل أكثر من 200 ألف، أما عدد العاطلين عن العمل(بطالة ظاهرة فقط) فهو بحدود مليون، و تشكل البطالة بين الفئة الشبابية دون 30 عام حوالي 90% من إجمالي العاطلين عن العمل، كما أن نسبة البطالة بين النساء أكثر من الرجال وفي الريف أكثر من المدن، وهي مرتفعة بشكل كبير لدى الفئات ذات المستوى التعليمي المنخفض بالمقارنة مع الفئات ذات المستوى التعليمي الأعلى، ولكن نسبة البطالة لدى حملة الشهادات العليا سوف ترتفع سيما أن الدولة لم تعد ملزمة بتعيين المهندسين.
ومن المتوقع زيادة أعداد العاطلين عن العمل نتيجة للسياسات الليبرالية الجديدة لا سيما السير في طريق الخصخصة وتراجع الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وعند البدء بتنفيذ استحقاقات اتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي.
أسباب تفاقم ظاهرة البطالة في سورية
كما أشرنا في المقدمة ترتبط البطالة بنيوياً بنمط الانتاج الرأسمالي السائد، ويضاف إليها في حالة معظم بلدان العالم الثالث ومنهم سورية ارتباط نمط انتاجها بعلاقة تبعية مع المراكز الرأسمالية مما يعني تحمله للنتائج السلبية لهذه العلاقة وفي مقدمتها الأزمات، لكن ما سنتناوله هنا هو العوامل التي ساعدت وتساعد في تفاقم مشكلة البطالة
1- ضعف النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص، وعدم التوسع الأفقي في أعداد المنشآت وضعف التقنيات المستخدمة في المنشآت القائمة وتركيز القطاع الخاص في نشاطه على التجارة والخدمات، مما قلل في المحصلة من امتصاص الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل
2- تدمير الطبقة الوسطى، وافلاس المشاريع الصغيرة والمهن الحرة أوانخفاض مردودها نتيجة المنافسة
3- تفشي ظاهرة الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة:
إن انتشار الفساد في أجهزة الدولة ومؤسساتها لا ينحصر تأثيره في نهب أموال وموارد الدولة وعدم التوزيع العادل للثروة بل إن الأخطر من ذلك هو فساد أصحاب القرارات وواضعي السياسات، وتحولهم إلى شريحة بيروقراطية لها مصالحها المشتركة التي غالباً ما تتناقض مع مصالح غالبية الشعب، وتتجلى الانعكاسات الخطيرة لذلك في العديد من القضايا الجوهرية والمصيرية ومنها:
أ- وضع سياسات خاطئة وقاتلة - مفصلة على مقاس واضعيها- لمعالجة قضايا كبيرة ومنها مشكلة البطالة،
ب- عدم وضع الانسان المناسب في المكان المناسب، واستبعاد العناصر النزيهة ذات الكفاءة مما أدى إلى تخسير وتفشيل العديد من المؤسسات المنتجة
ج- سوء توزيع العاملين على قطاعات وأجهزة ومؤسسات الدولة حيث نلاحظ تضخم أعدادهم في بعضها دون الحاجة إلى ذلك وقلتهم في بعضها الآخر بالرغم من الحاجة إلى أعداد أكبر
د- تشغيل القطاع الخاص للأطفال بدافع انخفاض أجورهم، وبالتالي الاستغناء عن اليد العاملة الحقيقية دون أي رادع
4- السياسات الاقتصادية الجديدة المتمثلة في تخلي الدولة بشكل أو بآخر عن دورها الاقتصادي والاجتماعي: ومن الأمثلة على ذلك فك الدولة التزامها بتعيين خريجي الجامعات مما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد العاطلين عن العمل من هذه الشريحة الكبيرة في المجتمع
5- زيادة الهجرة من الريف إلى المدينة نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية والخدمية والتي ترتبط أسبابها بشكل أو بآخر بالفساد والسياسات الخاطئة
6- غياب الحريات العامة وهيمنة القوانين الاستثنائية: الأمر الذي أدى إلى:
أ- تعزيز الأسباب السابقة التي فاقمت مشكلة البطالة، وعدم إمكانية ملاحقة الخلل وكشف الفاسدين وسياساتهم التدميرية ، وبالتالي تغييب امكانية المعالجة الحقيقية لهذه المشكلة
ب- إضعاف المجتمع بشكل عام (حرمان العمال من تشكيل تنظيماتهم النقابية الحقيقية، منع التظاهر والاضراب،.....) أدى إلى تقوية تحكم أرباب العمل بشروط العمل، و زيادة أعداد العاطلين عن العمل (على سبيل المثال يتم تقليص أعداد العاملين في القطاع الخاص،بعدة طرق منها زيادة عدد ساعات العمل، و فصل العمال،.......)
ج- وفي نفس الوقت – وهو ما يبدو أنه مفارقة مع النقطة السابقة- فإن هيمنة القوانين الاستثنائية لم يشجع الكثير من رؤوس الأموال ومنها المهاجرة على الاستثمار وبالتالي خلق فرص عمل جديدة في سورية.
آليات وطرق مكافحة البطالة في سورية
لا يمكن معالجة مشكلة البطالة في سورية وتخفيض أعداد العاطلين عن العمل والحد من زيادتها دون المعالجة الجذرية للأسباب التي ذكرناها سابقاً، ولذلك فإن هذا الموضوع يتطلب القيام بعملية اصلاح شاملة تطال كافة مستويات البنية الاجتماعية، الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية والثقافية، ويمكن لنا أن نشتق من عملية الاصلاح الشاملة مهام وعناوين وخطوط رئيسية نذكر منها:
أ- تفعيل الدور الاشرافي والتخطيطي للدولة، وإصلاح القطاع العام إصلاحاً شاملاً وجذرياً، بحيث يلعب دور اقتصادي أساسي ومنتج كما هو الحال في العديد من دول العالم، والقضاء على التضخم البيروقراطي في أجهزة الدولة المختلفة
ب- إعادة الاعتبار للدور الاجتماعي للدولة، واصدارها لقانون يمنح بموجبه العاطل عن العمل راتباً يكفيه لتأمين مستلزمات حياته أسوة بالدول " المتقدمة "
ج- حماية وتعزيز وتطويرحقوق العمال المتعارف عليها(الراتب التقاعدي، الضمان الصحي،...) وذلك في القطاعين العام والخاص
د- إصلاح النظام الضريبي بحيث يتم تطبيق نظام الضريبة التصاعدية أسوة بالعديد من دول العالم "المتقدمة"، وهو ما سيساهم في تأمين رواتب العاطلين عن العمل
هـ- اصلاح القضاء، ونظام التعليم، وتشجيع المرأة على الانخراط في العمل، وتشديد المراقبة لمنع تشغيل الأطفال.
و- عدم الرضوخ لشروط وضغوط المراكز الرأسمالية العالمية ومؤسساتها(صندوق النقد والبنك الدوليان، منظمة التجارة العالمية....) ولانعكاسات العولمة الرأسمالية المتوحشة والسياسات الليبرالية الجديدة وتعزيز شروط مواجهتها.
ز- الاستفادة من بعض التجارب العالمية الناجحة في صياغة شكل العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص (الصين، ماليزيا..)
ح- مبادرة الدولة لتشجيع شكل من العمل الخاص المدروس، الموجه والمخطط له (الحاضنات مثلاً) بمشاركتها أوإشرافها، وتشجيع كافة أشكال العمل الأهلي والتعاوني، وتقديم التسهيلات لانجاح ذلك
ط- إطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين الاستثنائية ومحاربة كافة أشكال الفساد بالاستناد إلى استراتيجية واضحة يجري العمل بها في ظل الديموقراطية والشفافية وسيادة القانون
ي- الحد من ظاهرة الهجرة من الريف إلى المدينة من خلال استراتيجية تستند إلى تحسين الخدمات في الريف، وتطوير الزراعة و التصنيع الزراعي، وإعادة توزيع النشاطات والمؤسسات الاقتصادية المختلفة.
ك- اعتماد مبدأ تبادل وتكافؤ المنفعة في بناء العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، وإعطاء الأولوية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية. [/align]
المفضلات