[align=justify][align=center][align=justify][align=right]بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة أسرة المضيف الكريم لقد مررت على مختلف أقسام المضايف ولربما أسعدتني الظروف بمواضيع بسيطة للمشاركة ، ولكن عندما وصلت إلى مضيف الاحتياجات الخاصة توقفت عنده كثيراً قرأت كل ما جاء به .... حاولت أن أصنع مشاركة ولكن لم أجد وسيلة فالمضيف عامر بالمشاركات الفعالة ... قلت ومادوري هنا ... يجب علي المشاركة ولو لم أكن من أهل الاختصاص ... لربما برأيي الخاص والشخصي المشاركة ولوكانت معنوية ...مهمة وخاصة ونحن نصنع نهضة أمة ...
بحثت كثيراً عن موضوع لمشاركتكم المضيف وأخيراً وجدتها : أو بالأحرى وجدته إنه خلدون ... شاب سوري ماكان من ذوي الاحتياجات الخاصة ولكنه أصبح كيف .... تعالوا معي إلى الموضوع :
هذه كلماته .. كلمات خلدون
كنت أتصور أن هذا حلم أو إنني أشاهد فيلماً سينمائياً وإنني سأستيقظ وأخرج إلى الشارع لأعود إلى بيتي وأهلي .. ثم أختفى هذا الإحساس وصرت أحيا في واقعي ...
قد تتعجبوا من الجملة فما معنى أحيا في واقعي ؟
معناه أن الواقع من حولي لا يوحي بحياة .. ولا تلائم حدوده وظروفه الصفة .. ولتتفهموا أمري إقتربوا قليلاً لتشاهدوني لا لتروني .. نعم أنا هو ذلك الجسد الكبير الذي يرقد بلا حركة على سرير مثل أسرة المستشفيات .. يتصل جسده بجهاز تنفس صناعي .. لا يستطيع بدونه حياة .. أنا لست في العناية المركزة .. أنا في بيتي .. وهذا الوضع ليس طارئ ألم بي وسيزول في بضعة أيام كعادة المرض .. هذا الوضع هو حياتي .. هو هذا الحلم و المشهد السينمائي الذي كنت أنتظر أن أخرج منه ولكني أصبحت أتعايشه .. فهذا حالي منذ 10 سنوات يا الله .. 10 سنوات .. دهراً أم لحظات .. أيام صعبة وليالي عذاب طويلة و اقتربوا مني أكثر لأعرفكم على شخصى ..
إسمي خلدون .. يقولون أن لكل شخص نصيب من أسمه فهل كان نصيبي الخلود في وضع صعب على البشر .. ظننت ذلك لفترة ولكني الآن أحب أن أتصور أن نصيبي من أسمي أن أكون مثل أبن خلدون مؤسس لعلم حياة جديدة .. مؤسس حياة طبيعية لشخص غير طبيعي فتصبح سُنة يسير عليها من بعدي وكلما تاهت خطاهم تذكروني فتشجعوا واعتدلوا على طريق النجاح .
رزقني الله بأم هي أروع الأمهات على الأرض فهي لم تطعم وتكسو لا بل ربت وعلمت وشجعت ودربت , لا أعرف كيف أصفها، إنها صنف متفرد، زمان حين كنت صغيراً يافعاً واجري وادب على الأرض كانت تراقبني بعيون حانية محبة فتعلمني وتتابعني، وتهدهدني وتدللني، عاونتني لأتفوق في كل شيء .. دراسياً ورياضياً، أمي علمتني أن الحياة نجاح، وأن النجاح إرادة، ولقد صنعت معي إرادتي بالتمرين منذ طفولتي ولم أخذلها بل كنت لها ما أرادت، إبنها الناجح المتفوق، حصلت على البكالوريا عام 1994 وكنت أستعد لدخول الجامعة بدرجات تؤهلني لدراسة الطب .. ولكنني فضلت الهندسة التقنية و الحاسوب.
شاب .. فتح أول أبواب عمره بالجهد والعمل والالتزام فكان من حقي أن استمتع .. وفي أحد أيام الصيف على شاطئ طراطوس كنت استعد لانطلاقة بحرية بقارب صغير .. علمتني أمي تحدي الصعاب لأن القمم العالية وحدها تستحق محاولات الإعتلاء .. وسبقني في عمري قدر الله .. كيف ارتطم رأسي بقاع صلب .. كيف ضغط وزني بكامله على عظمة صغيرة فأنكسرت لا أعرف كل ما أذكره، الناس من حولي تحملني وأسمعهم يقولوا إلى المستشفى.......... ومن مستشفى لأخرى .. وأطباء من دمشق ومن روسيا وجراحات وأجهزة و.. و... ولن أطيل .. كانت أمي إلى جواري رحمها الله .. لم تدع طريقاً ودرباً إلا وسلكته لتعاونني وتساعد على شفائي .. ولم تألوا جهداً لأظل صامداً واستكمل دراستي حتى انهار جسدها وتوفيت تاركة إياي في رعاية أبي و أختي جزاهما الله عني كل خير ..
استقر قدري على ما ترونه الآن .. شلل رباعي كامل .. لا يمكنني من استعمال ذراع ولا أصابع ولا أقدام .. شلل في الحجاب الحاجز لا يجعلني قادراً على التنفس وحدي ومن هنا أحيا باستمرار على هذه الرئة الصناعية .. بإختصار أنا رأس حي في جسد ميت .. أتجول في العالم بعيناي وأتواصل مع من حولي بأذني .. ولساني ..
المفروض والواقع يُحتم على من هو مثلي أن ينتقل إلى يسار طريق الحياة قابعاً ينتظر الموت .. في أحسن أحواله لن يحقد على السائرين في المعترك أمامه .. بل سيبكي قضاء الله فيه ويمصمص شفتاه برضا يلزم نفسه به.. ولكنني لست كذلك " نعم " علمتني أمي أن النجاح إرادة وإرادتي لم يصبها الشلل .. ورزقني الله أسرة وأصدقاء يعينوني على أمري فتعلمت برمجة الحاسوب وبرامج الرسوم المتحركة المجسمة ..
تسألوني كيف اتعامل مع هذا الجهاز المعقد وأنا بلا أصابع ويدين ؟ .. أن اتعامل معه بلساني وشفتاي .. أليسا يتحركا ؟ .. صحيح إن الأمر لم يكن سهلا وأني مررت بمراحل كثيرة أحاول وحاول أهلي وأصدقائي معي في كيفية تثبيت الفأرة والتعامل معها وإعادة تصنيعها واختراعها .. أياماً طويلة و شهور .. وحساسيات اصابت شفتاي من التعامل مع المادة وأخرى أصابت عيني .. ويزداد عدد الأدوية والمراهم . ولكني لم أفقد الأمل ولم أكف عن المحاولة .. حتى استقر وضعي على سماعة الأذن مثبتة في رأسي مثل اللجام تحيط بفارة الحاسوب .. أتعامل معه بها .. وليس هذا كل شيء فأنا أتقن ما أفعل، لقد تفوقت في البرمجة C++ .. والتقط عملي صاحب أحد المشاريع العملاقة الموجهة للأطفال وأختبرني ونجحت فاجتزت الاختبار وأصبحت من معدي ومبرمجي أعماله .. أنا لست عاطلاً .. أنا أعمل وابحث عن الترقي فأنا لا أرضى بالنجاح بديلاً .....
سامحوني .....كل الناس تتعوذ من ذكر " الآنا " ولكن لم يعد لي ما أذكره إلا ما أفعله فأنا فخور بنجاحي وأسمحوا لي بذلك فهذا هو كل رصيد حياتي
وأنا أريد أن ألقي ربي يوم الحساب شاكراً لنعمته راضياً بما منح وما أخذ وما أعطى – وأقول له يا ربي أعطيتني لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وبدناً على البلاء صابراً وهذا انجازي المتواضع بما أنعمت على به .. نعم اريد لانجازي أن يكون رائعاً حتى استحق رضا الله عني وفضله علي .. اعتقد إني اقتربت من تحقيق هدفي، وأنتظركم جميعا ،ً من سبقني ومن سيلحق بي على قمم جبل النجاح.[/align][/align][/align][/align]
المفضلات