الى دول مجلس التعاون
"التابلاين" تبتسم ساخرة..!!
يعرفنا الاجنبي للوهله الاولى بسحناتنا باننا عرب فما ان يعلم اننا من دول الخليج العربي حتى يرتفع حاجبيه بخليط من الاعجاب والتعجب قائلاً " بترول.!!" ، فيزداد اعتزازنا بان حبانا الله بهذه النعمة ، ولكن في حقيقة الامر نحن اسوأ حالا في كثير من الامور مما يعتقدون .
فهناك اموراًُ لا تليق بدولة غنية بالبترول تربعت بصحرائها انابيب" التابلاين" عام 1947م والتى يبلغ طولها اكثر من 1600 كيلو متر ، خرقت بها حدوداً سياسية وصولا الى البحر المتوسط ، وبفضل هذا الزاد يزداد تقدم دولا هي بالاصل متقدمة عنا .
حين لا تعير حكومات دول الخليج والتى يجمع العالم على وصفها بدول البترول ، ادنى اهتمام لشوارعها وتحديدا بطرق السفر المؤدية الى دول مجلس التعاون الخليجي فانه بلاشك يعد امرا مخجلا ، نعم مخجل ان نعتزم السفر برا من شمال الخليج الى جنوبه فنتفاجئ بشوارع ضيقة متهالكة بلا اعمدة نور تشاركك السير عليه سفن الصحراء تاتيك من كل اتجاه بلا سياج و بلا ملاّح اومرسى يأويها ، ناهيك عن تزاحم الشاحنات الكبيرة تلك التى تسير باندفاع شديد بلا اي رحمه ، ولك ان تتخيل مركبتك الضئيلة وهى بين تلك المركبات العملاقة فتشعر بانك انت ومركبتك وسط سباق ماراثونى اجباري من نوع مختلف ، في الحقيقة انك للوهلة الاولى تعتقد ان ميزانية دولنا الخليجية باتت عاجزة عن إصلاح شوارعها البالية التى اكل الدهر عليها وشرب حتى ضاقت تلك الطرق فأكلت هي الاخرى أرواح المسافرين وشربت دمائهم ..!!
انه من الطبيعي في ظل ما نراه ان تنهال عقولنا بسيل من التساؤلات ، فمتى تعترف حكومات دول الخليج بانها مقصرة بشأن سلامة مواطنيها المسافرين برا؟ ومتى تعي ضرورة احترام ادمية المسافرين وتوفر لهم استراحات حديثة محترمة مزودة بكل الخدمات الضرورية التى تليق بمواطنيها وضيوفها الزائرين سيما وان اغلب دول الخليج تعيش هذه السنوات حالات من التنافس الشديد في استقطاب السياحة اليها ، الا يجب ان نفكر مليا اولا بحاجات وخدمات هذا السائح قبل ان نأتي به الى حيث نريد..!
اليس من المخجل ان يجد المسافر تلك الصحراء خير ملاذ لقضاء حاجته بدلا من دورات المياة المزرية الموجوده في استراحاتها المتواضعة حتى النخاع والتى لا تصلح لقضاء حاجة البهائم اجلكم الله..
انه لمن العار ان نمد انابيب البترول سنوات طوال ونحن لاحول لنا ولاقوة في ابسط الامور واكثرها اهمية ..!! ناهيك عن ما تحتضنه دولنا في باطنها من مخزون احتياطي ضخم .!!
أجزم باننا لن نصل الى درجة الحضارة الكاملة كالتى نراها في الدول الاجنبية التى رضعت من بترولنا ، و سنفشل في صناعة سياحتنا الخليجية التى هى هاجسنا هذه الايام مالم نعكس جانبا دقيقا وهاما يظهر درجة تحضرنا و احترامنا لابسط حاجات بنى البشر وهى ببساطة " دورات مياه نظيفة ". اجلكم الله، فهل هذا يعجزكم؟
ليس هذا فحسب ، فنحن كمواطني مجلس التعاون نناشد دول المجلس بان تولي اهتماما بمراكز حدودها البرية وان تتنافس فيما بينها في خدمة المسافرين برا تماما كما تتنافس في مطاراتها الجوية .
أحلم ان يفكر قادة مجلس التعاون الخليجي بالحضور الى مؤتمرهم القادم عن طريق البر ، عندها سنرى المسؤليين تحولوا بين ليلية وضحاها الى اشبه ما يكون بمارد أنسي يردد باعلى صوته " شبيك لبيك خادمك بين يديك." .فتتحول الطرقات الى مرمر بدلا من الاسفلت ، والاستراحات الى فنادق خمس نجوم ، وربما سنشتاق لرؤية الشاحنات بسبب توفر سكك حديد خاصة لشحن البضائع ونقلها ...يا لها من اضغاث احلام..!!
واخيرا ...وللامانة اقول انه لو كانت جائزة تمنح لافضل مركز حدود في دول الخليج لمنحتها لمركز حدود مملكة البحرين لانه في الحقيقة اشبه بالمنتزة الجميل بازهاره وخدماته ونظافته ونظامه وبشاشة العاملين ورقيهم في التعامل .
فوالله ما يجعلنا نئِن في هذا المقال هى تلك الابتسامة الساخرة المرسومة على انبوب " التابلاين" ، لم لا وهو الشاهد الاول في تلك الصحراء على تخلفنا في هذا الجانب ، وكأننا نراه يرثى لحالنا مطبقا في ذلك مقولة " شر البليه" ، فهل من يرفع راية العمل الجاد والتحدى لوقف تلك البليه ..؟
* * * *
تؤكد الدراسات والبحوث الطبية ارتفاع معدلات مرضى السكر وارتفاع ضغط الدم لدى شعوب منطقة الخليج العربي ، ومن المعروف ان اعراض مرض السكر كثرة التبول ، بينما يتعاطى مرضى ارتفاع ضغط الدم عقاقيرا تزيد من ادرار البول اجلكم الله ، ونحن اذ ندعو لهم بالشفاء فاننا نوجه نداء لحكومات منطقة الخليج العربي ونقول لهم داووا مرضاكم بدورات المياة عفاهم الله واياكم .
بقلم : خالدة السبيعي
مقالة من صحيفة القبس الكويتية
في ربيع 2005م
المفضلات