بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله
صلى الله عليه وسلم
حسن الخاتمة هو :
أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا: كيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك.
ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس.
أما عن علامات حسن الخاتمة فهي كثيرة، وقد تتبعها العلماء رحمهم الله باستقراء النصوص الواردة في ذلك، ونحن نورد هنا بعضا منها، فمن ذلك:
* النطق بالشهادة عند الموت،
ودليله ما رواه الحاكم وغيره أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)
ومنها: الموت برشح الجبين،
أي : أن يكون على جبينه عرق عند الموت، لما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (موت المؤمن بعرق الجبين) رواه أحمد والترمذي.
* ومنها: الموت ليلة الجمعة أو نهارها
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة
الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر).
* ومنها: الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله، أو موته غازيا في سبيل الله، أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه، أو موته غرقاً،
ودليل ما تقدم ما رواه مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله ؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد).
* ومنها: الموت بسبب الهدم،
لما رواه البخاري ومسلم عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله) .
* ومن علامات حسن الخاتمة، وهو خاص بالنساء : موت المرأة
في نفاسها بسبب ولدها أو هي حامل به،
ومن أدلة ذلك ما رواه الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عبادة بن الصامت أنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبر عن الشهداء، فذكر منهم:
(والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، يجرها ولدها بسرره إلى الجنة) يعني بحبل المشيمة الذي يقطع عنه.
* ومنها الموت بالحرق وذات الجنب،
ومن أدلته أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد أصنافاً من الشهداء فذكر منهم الحريق، وصاحب ذات الجنب: وهي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع.
* ومنها: الموت بداء السل،
حيث أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شهادة.
* ومنها أيضاً : ما دل عليه ما رواه أبو داود والنسائي
وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ما له فهو شهيد، ومن قتل
دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) .
* ومنها: الموت رباطا في سبيل الله،
لما رواه مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر
وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن
الفتان) . ومن أسعد الناس بهذا الحديث رجال الأمن وحرس الحدود براً وبحراً وجواً على اختلاف مواقعهم إذا احتسبو الأجر في ذلك .
* ومن علامات حسن الخاتمة الموت على عمل صالح،
لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ختم له بها دخل الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره.
* فهذه نحو من عشرين علامة على حسن الخاتمة علمت باستقراء النصوص،
* واعلم أخي الكريم أن ظهور شيء من هذه العلامات أو وقوعها للميت، لا يلزم
منه الجزم بأن صاحبها من أهل الجنة، ولكن يستبشر له بذلك، كما أن عدم
وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه الحكم بأنه غير صالح أو نحو ذلك. فهذا كله
من الغيب.
أسباب لحسن الخاتمة
1- الاستقامة :
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}
2- حسن الظن بالله :
عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( يقول الله تعالى أن عند حسن ظن عبدي بي )) رواه البخاري ومسلم .
3- التقوى :
قال تعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}
4- الصدق :
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}
5- التوبة :
قال تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
6- المداومة على الطاعات .
7- ذكر الموت وقصر الأمل .
8- الخوف من أسباب سوء الخاتمة :
كالإصرار على المعاصي وتسويف التوبة وحب الدنيا .
=====================
سوء الخاتمة :
أما الخاتمة السيئة فهي: أن تكون وفاة الإنسان وهو معرض عن ربه جل وعلا،
مقيم على مسا خطه سبحانه، مضيع لما أوجب الله عليه، ولا ريب أن تلك نهاية
بئيسة، طالما خافها المتقون، وتضرعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنبهم إياها.
أسباب سوء الخاتمة :
وبهذا يعلم أن سوء الخاتمة يرجع لعكس أسباب حسن الخاتمة، يجب الحذر منها.
* ومن أعظمها:
فساد الاعتقاد، فإن من فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك أحوج ما يكون إلى العون والتثبيت من الله تعالى:
* ومنها: الإقبال على الدنيا والتعلق بها .
* ومنها: العدول عن الاستقامة والإعراض عن الخير والهدى .
* ومنها: الإصرار على المعاصي وإلفها ، فإن
الإنسان إذا ألقت شيئا مدة حياته
وأحبه وتعلق به، يهود ذكره إليه عند الموت، ويردده حال الاحتضار في كثير
من الأحيان.
* وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل
صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف
الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة، قال تعالى: (وكان الشيطان للإنسان خذولا )
الفرقان:29
* وسوء الخاتمة - أعاذنا الله منها - لا يقع فيها من صلح ظاهره وباطنه مع الله،
وصدق في أقواله وأعماله، فإن هذا لم يسمع به، وإنما يقع سوء الخاتمة لمن
فسد باطنه عقدا، وظاهره عملا، ولمن له جرأة على الكبائر، وإقدام على
الجرائم ، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة
المفضلات