[align=center]
[align=center]
36 معوقة يصنعن ملابس غرف العمليات للمستشفيات
لم تقف الإعاقة والعجز حائلاً أمام 36 فتاة سعودية معوقة تتراوح إعاقتهن بين الجسمية أو العقلية أو الصعوبة في التعلم، في العمل بأيديهن في أربع صناعات مختلفة ليصل إنتاجهن إلى إعداد طلبات ملابس غرف العمليات للمستشفيات الخاصة والتي تتطلب مواصفات دقيقة وجودة عالية.
''المرأة العاملة'' سجلت تجربة هؤلاء الفتيات في مركز الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد آل سعود، ونقلت نجاح تجربة أربع ورش في المركز تشغيل الفتيات وتسويق إنتاجهن في الأسواق.
ورشة الخزف إحدى ورش المركز المقامة خارج مبانيه، لأنها كما تقول مدربة الورشة نورة السويكت، تنتج مخلفات كثيرة إضافة إلى أن العمل في الورشة يتطلب مشقة أكبر من الفتيات اللاتي يقمن بصب قوالب الخزف و إدخالها في الفرن ومن ثم إخراج القطعة لتجف في الظروف الجوية الطبيعية، وبعد هذا يبدأ الرسم بالألوان على القطعة، وكل ذلك تقوم به ست فتيات معوقات استطعن النجاح في إنجاز كل هذه الأعمال التي جرت العادة أن تكون من مهام الرجال الأصحاء. وتقول السويكت إنه بالرغم من صعوبة العمل وما يتطلبه من صبر وتحمل بسبب ارتفاع درجة حرارة الورشة أحيانا، إلى أن الفتيات الست اللاتي يتمتعن بالصبر والإرادة، استطعن النجاح وإثبات قدراتهن في هذا العمل الصعب، وكل ما يفتقدنه هو تقدير المجتمع للعمل اليدوي و اندفاعه نحو البضاعة الصينية الرخيصة المصنعة آلياً على رغم من أن الأعمال اليدوية تلقى قبولاً واسعاً في كل أنحاء العالم، بل و تشجع حركة السياحة وتحفظ التراث من الاندثار. مشيرة إلى إن الفتيات بحاجة إلى إنشاء مشاريع مماثلة لتوظيفهن فيها والاستفادة من تجربتهن من خلال إنتاج مصنوعات تفيد المجتمع.
ونوهت نورة السويكت إلى تجربتها الشخصية، وتقول إنها بعد تخرجها من مركز التأهيل الشامل، قررت افتتاح ورشة داخل البيت تصنع فيها الأواني، إلا أنها ولضعف خبرتها تعرضت للخسارة بنسبة 200 في المائة أول مرة، و بعد أن حصلت على بعض الخبرة، انخفضت خسارتها إلى 80 في المائة.
وتدعو السويكت إلى إنشاء المزيد من هذه المراكز لما فيها حماية الفتيات من أعمال النصب و الاحتيال التي تعرضت لها في بداية تأسيس مشروعها.
وتتفق حصة الجلعود مشرفة الورش الأربع مع ما ذهبت إليه السويكت، وتقول إن توعية المجتمع بأهمية العمل اليدوي أمر بات ضرورياً. وتضيف ''نحن بحاجة إلى توعية الناس بالأعمال اليدوية و قيمتها فهذه الصناعات تلقى تقديرا في كافة دول العالم، ومن خلال هذه الصناعات و المنتجات يمكننا الترويج للسياحة، والكثيرون يحبون أن يقتنوا منتجات صنعت بأيدي مواطنيهم فما بالك لو كانت من أيدي معوقات و بهذا الإتقان.
وبعد جولة داخل الورش الثلاث، دعت الجلعود إلى مشاهدة أعمال الفتيات في ورشة الخياطة على سبيل المثال والتي تضم 13 فتاة يتنوع عملهن بين رسم الباترون وقص القماش ومن ثم خياطته، بالإضافة إلى تطريزه لو استدعى الأمر، وتضيف ''مهنة الخياطة بالذات ليست بحاجة إلى مهارة بكلتا اليدين فيمكن العمل بيد واحدة، فالفتيات يصنعن المناشف والأرواب بالإضافة إلى خياطة بعض الملابس الأثرية، و حاليا هن بصدد تنفيذ طلبية لملابس العمليات لأحد المستشفيات''.
و تؤكد مشرفة الورش أن الفتيات سريعات في أداء العمل و هن على استعداد لتلبية الطلبات المتخصصة للمستشفيات أو المعاهد بدقة وحرفية، و لكن للأسف الكثير من المسؤولين أو أصحاب الأعمال يجهلون أن المعوق بإمكانه العمل والإنتاج كغيره وربما يكون أفضل من غيره.
نور إحدى العاملات في ورشة الخياطة عبرت عن أمنيتها بأن يطلع المجتمع على إنتاجها وتطريزه الذي استغرق مدة أسبوعين، وقالت إن أقصى سعادة لها هي عندما تباع قطعة من صنع يديها، لذا فإنها ترغب في نشر صورها وهي تعمل وتخيط رغم أنها معوقة. ومن ورشة الخياطة إلى ورشة السيراميك، حيث نجد ست فتيات يجلسن على طاولة مستديرة وبجانبها أدوات قاطعة وصمغ، ليشكلن من ''العجينة'' ورودا وأزهارا تمثل تحفا متنوعة.
وتتساءل عواطف إحدى العاملات في الورشة، لماذا لا أحد يصدق أن المعوق يمكنه أن يكون عنصرا مفيداً في مكان العمل، وتؤكد أن المجتمع لو شاهد الأعمال التي ينجزها المعوقون سيدهش من جودتها. وتتمنى عواطف أن تحصل على الخبرة الكافية لإنشاء معهد متخصص تكمل فيه تجربة نجاحها وتمنح من خلاله الفرصة للأخريات للعمل.
أما ورشة الجلود و الخشب في المركز، فتتولى الفتيات فيها تغليف المصاحف والكتب، إضافة إلى تزيين دلال القهوة و صناديق الخشب.
وتحدثت كل من منال وحليمة وخديجة ووفاء العاملات في الورشة، بكل تلقائية عن آلة الحفر وريشة الألوان ومسدس الصمغ الذي يستخدمنه في إنجاز أعمالهن، معبرات عن سعادتهن بالعمل والإنتاج حتى وإن كان يقصهن بعض الحواس.
إداريات المركز من جانبهن، يبذلن جهوداً حثيثة للتعريف بالمركز وخدماته ومساندة الفتيات اللاتي يعملن في ورشه. وتقول هيفاء العتيبي التي تعمل سكرتيرة في المركز، إن الفتيات يمتلكن إرادة و قدرة عالية على العمل، لكنهن بحاجة إلى فتح فرص أكبر للعمل ليبرعن في عملهن أكثر وليتمكنن من المواصلة في العمل والإنتاج كي لا يتوقفن كما حدث لكثيرات سبقنهن. وأشارت إلى أن المؤسسة تقوم بتوفير المواد الخام للمنتسبات ومن ثم يقمن ببيعها بحيث يكون الريع لصالح المنتسبات دون أن يسترد رأس المال المنفق على المواد الخام.
وتبدي العتيبي أسفها من انقطاع وتوقف الكثيرات من الفتيات عن العمل بسبب عدم حصولهن على مكافآت لقاء إنتاجهن، فهن يعتمدن على بيع القطع التي ينتجونها في الأسواق، والتي تتولى مسؤولية التسويق في المركز مهمة عرض المنتجات في الأسواق، وحجز أجنحة في المعارض لها.
وتؤكد تركية الحمود مسؤولة التسويق، أن جميع من عرضت عليهم البضائع أبدوا إعجابهم و دهشتهم من إتقانها و جودة تشطيبها وصنعها، غير أن المشكلة تتمثل في أن الإعجاب لا يتحول إلى فعل، ربما لقلة الوعي بالعمل اليدوي.
صاحبة فكرة تأسيس المركز والورش الأربع، الجوهرة التميمي مديرة المركز، تسترجع ذاكرتها و تجربتها الشخصية عندما أصيبت بشلل الأطفال الذي أفقدها القيام بالأدوار التي كانت تتمنى القيام بها، إلا أن تمتعها بالتحدي و قوة الإرادة كان الدافع وراء إكمال تعليمها وتخرجها من كلية الخدمة الاجتماعية، لتحصل بعد ذلك بصعوبة شديدة على عمل في وزارة التربية و التعليم، ولكن ذلك العمل لم يكن يلبي طموحها إضافة إلى المعوقات التي واجهتها في رحلتها في مهنة التعليم.
وبدأت لدى الجوهرة التميمي فكرة إنشاء مركز يكون جميع منتسباته من المعوقات، وكانت على ثقة من أن المشروع سينجح، غير أن العقبة الأكبر كانت في تمويل المشروع. وبعد عرض الفكرة على مؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد آل سعود، ممثلة في الأميرة لطيفة بنت فهد بن عبد العزيز، لم تكن فرحتها توصف حينما علمت بصدور الموافقة على تمويل المشروع، لتبدأ بعد مرحلة التأسيس ومن ثم استقبال المنتسبات الراغبات في خوض التجربة.
وانتسب للمركز من إنشائه 36 فتاة تدربن على أعمال مختلفة، كما أضيف إلى نشاطات المركز مشروع للزواج بين المعوقين، وتمكن المشروع من تزويج ست منتسبات حتى الآن.
[/align]
[align=center]المصدر : http://aleqt.com/NewsList.asp?NewsID=9976&MenuID=57[/align]
[/align]
المفضلات