[align=center][glow=000000]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمل المسلم لسماحة الشيخ
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
- رحمه الله -
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وصفوته من خلفه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أيها الإخوة في الله : أيها الأبناء الكرام : إن الله عز وجل قد بين في كتابه العظيم صفات المسلمين وأخلاق المؤمنين في مواضع كثيرة وحث عليها ورغب فيها وأمر بها في مواضع وأثنى على أهلها في مواضع ووعدهم على ذلك الخير الكثير والعاقبة الحميدة والفوز بالجنة والكرامة ،
ومن ذلك قوله تعالى في آخر سورة آل عمران إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ الآيات .
هذه الآيات العظيمات كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقرؤها إذا استيقظ من نومه عليه الصلاة والسلام إلى آخر السورة ويمسح النوم عن وجهه بعدها ، ويرتل هذه الآيات ويرفع بصره إلى السماء وهو يقرأ هذه الآيات إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ والآيات بعدها . وأولوا الألباب هم أولوا العقول الصحيحة ، والألباب جمع لب وهو العقل الصحيح النير وهم لصلاح عقولهم وسلامتها وصحتها وصفهم الله بهذه الصفات ، وهي أنهم يذكرون الله قياما وقعودا وعلى وجنوبهم ويتفكرون في هذه الآيات التي أوجدها سبحانه ،
ومنها خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ، فإن آيات الله كثيرة ومن جملتها خلق هذه السماوات في ارتفاعها وسعتها وخلق هذه الأرض في انبساطها وسعتها واستقرارها وما فيهما من الآيات العظيمات الكثيرات .
وهكذا اختلاف الليل والنهار من جملة آياته العظيمة سبحانه وتعالى ، فلذا أخبر أن في ذلك آيات لأولي الألباب ، ثم ذكر بعض أعمالهم من ذكر الله قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم بالقلب واللسان والعمل ، فيذكرون الله في قلوبهم محبة وتعظيما وخوفا ورجاء وخشية له سبحانه ، وبألسنتهم بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والقراءة والدعاء والاستغفار وغير ذلك . ومن أعمالهم الصلاة ليلا ونهارا والتهجد بالليل والصدقات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير هذا من أعمالهم الصالحة .
ثم ذكر أنهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض وما فيها من العجائب والغرائب والآيات العظيمة قائلين : رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا بل لحكمة عظيمة وغايات حميدة ثم يقولون سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ فأقروا أن الله سبحانه خلق هذا لحكمة أرادها وليس ذلك باطلا ولا عبثا ، ثم سألوه أن يقيهم عذاب النار ونزهوه عما لا يليق به سبحانه وتعالى . وقال جل وعلا في آيات أخرى من أول سورة الأنفال : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ هذه من صفات أهل الإيمان الكمل الخلص . وفي آيات أخرى في سورة التوبة يقول عز وجل : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وهذه صفات المؤمنين الصادقين من جنود الإسلام وغيرهم .
فالمؤمنون والمؤمنات حقا هذه صفاتهم وهذه أخلاقهم فالواجب على جنود الإسلام أن يهتموا بهذه الصفات ويتخلقوا بها لأنهم قدوة لغيرهم ولأنها من أعظم أسباب النصر على الأعداء ولأنهم معدون للجهاد في سبيل الله والرباط في ثغور البلاد فهم أولى الناس بأن يتخلقوا بهذه الصفات ويستقيموا عليها . وبذلك يحققون نسبتهم إلى الإسلام على خير وجه .
محاضرة ألقيت بالمؤسسة العامة للصناعات الحربية بالخرج في حدود عام 1404 هـ
[/glow][/align]
المفضلات