[align=center]أكسد أحد الأطباء , فقيل له : السَنَة وبئة والأمراض فاشية , وأنت طبيبٌ وعالم ولك صبرٌ وخدمة وبيانٌ ومعرفة , فلم يكون هذا الكساد ؟
فقال لهم الطبيب ( أسد بن جاني ) :- لا يأتيني أحد لعدة أسباب .. أنني مسلم والقوم يعتقدون بأن المسلمين لا يفلحون في الطب , ولأن اسمي أسد وكان ينبغي أن يكون صليبا أو جبرائيل أو يوحنا أو بيرا , ولأن كنيتي أبو الحارث وكان ينبغي أن تكون ابو زكريا أو ابو ابراهيم أو ابو عيسى , ولأن علي رداء قطنٍ أبيض وكان ينبغي أن يكون ردائي حريراً أسوداً , ولأن لفظي عربي وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل جنديسابور ....
وإن شكك صاحب الكتاب الذي أورد هذه الشخصية في كتابه الذي يختص بالأحداث والشخصيات التاريخية , وأنه ألمح بأنها من وضع الجاحظ ليتخذه دليلاً على عدم إطمئنان الناس لتطبيب المسلمين في ذلك الزمان , وأن الناس يفضلون غير المسلمين عليهم , إلا أن أننا نخلص بأن تفضيل غير المسلمين والغير عرب .. ليست مشكلة اليوم .
وبعيداً عن الجاحظ وزمان الجاحظ وإن كان الأمر هو امتدادٌ له . ولنتمعن بما جحُظت له أعيننا زماناً ثم عادت كما كانت بعد أن اعتادت عليه , فلو نظرنا إلى الواقع في مستشفياتنا وخصوصاً المستشفيات الخاصة والتي تهتم بمظهرها وكذلك بحُمرة سُحنة أطبائها دون مقدرة كوادرها ورُقي أخلاقهم وتعاملهم ومدى الفائدة من علمهم وخبراتهم , لوجدنا أموراً عجيبة حقاً , فهناك الكثير من الأطباء لا ينتمون إلى الإسلام ومع ذلك فهم ليسوا بعرب أيضاً , علماً بأن الحالة بين الطبيب ومريضه تقتضي أن يفهم كلاً منهما الآخر .. وعلماً بأن البلد الذي صدر لنا هذا الطبيب , ما كان ليفعل ذلك إن كان يرى في مواطنه الفائدة والأهمية للوطن الأُم .
بل والأمر لا يقف عند هؤلاء الأطباء , بل وحتى الممرضين والممرضات تجدهم من سيريلانكا والفيليبين وغير هذه البلدان ..
فلا توافقنا معهم في ديننا ولا في اللسان , فعلى الله التكلان يوم أن نمتد على السرير وهذا جون أو مايك , وعلى يمينه الممرضة الفلبينية جونيتا أو جاينا .
[/align]
المفضلات