[frame="8 70"][align=center]علماء أو جواسيس
توجد في الولايات المتحدة الأمريكية 2700 جامعة وكلية جامعية، تستقطب عددا كبيرا من طلاب العلوم العليا في مختلف أنحاء العالم. يعود بعضهم إلى بلاده بعد التخرج، ومنهم من يصبح كما قال وزير الخارجية كولن باول: "رصيدا كبيرا للولايات المتحدة". وبعضهم الآخر يتحول إلى مواطنين أميركيين ليساهموا في توفير الحاجة الامريكية المتزايدة الى العلماء والاختصاصيين.
ولكن بعد 11 ايلول 2001، ولاول مرة منذ عام 1971، تراجع عدد الطلاب الاجانب في الجامعات الاميركية بنسبة 5ر2 في المئة. تكمن أهمية هذه النسبة في أن هؤلاء الطلاب الاجانب يؤمنون دخلا للولايات المتحدة يبلغ حوالي 13 مليار دولار، وذلك فان تراجع عددهم لاينعكس فقط على الخسائر العلمية والفكرية في المجتمع الاميركي، ولكنه ينعكس أيضا على الدخل القومي.
هناك أسباب عديدة وراء هذه الظاهرة المتنامية عاما بعد عام، منها تحسن مستوى عدد من الجامعات التي تعتمد اللغة الانجليزية لغة التدريس في بريطانيا واستراليا على سبيل المثال، ولكن في مقدمتها الشروط التعجيزية التي تفرضها السلطات الامريكية على طالبي التأشيرة من الشباب، وتنامي مشاعر التمييز العنصري في المجتمع الامريكي على قاعدتي اللون والدين. ولا تقتصر هذه المشاعر على استهداف العرب والمسلمين كما يعتقد كثيرون، ولكنها تشمل حتى الاوروبيين والصنيين أيضا.
لقد كان هناك دائما حذر امريكي من ان يكون بعض الطلاب الاجانب عملاء في أجهزة استخبارات دولية. وكان هناك حذر أيضا من أن يسيء بعضهم الاخر توظيف علومه(خصوصا في حقول الفيزياء والكيمياء والهندسة) في انتاج أسلحة دمار شامل لحساب هذه الدولة او تلك.
ومنذ أن عقدت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ايزنهاور اتفاقا مع الاتحاد السوفيتي السابق لتبادل الطلاب، ارتفعت أصوات في الكونغرس تعتبر الاتفاق "تبادلا للجواسيس" وقد يكون حدث شيء من ذلك فعلا، كما اعترف فيما بعد اولينغ كالوجين أحد كبار مسؤولي وكالة المخابرات السوفياتية "كي.جي.بي" الذي وصف برنامج التبادل بأنه "كان للسوفيات بمثابة حصان طرواده داخل المجتمع الامريكي.
مع ذلك، فان أحد أولئك الطلاب السوفيات كان يدعى الكسندر ياكولي أصبح بعد تخرجه من كلية العلوم السياسية في جامعة كولومبيا عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، ثم العقل المفكر الذي اعتمد عليه ميخائيل غورباتشوف في التحول التاريخي الذي وجه رصاصة الرحمة الى الاتحاد السوفياتي، وألقي بروسيا في أحضان "السوق المفتوح"!! وبين عامي 1958 (عقد الاتفاق) وعام 1988 (عشية سقوط الكرملين) تخرج من الجامعات الامريكية 50 ألف عالم وسياسي وكاتب وصحفي روسي.
طبعا لايقتصر الامر على روسيا وحدها، فعندما اكتشفت الولايات المتحدة قبل عامين ان معلومات سرية مهمة حول صناعة الصواريخ قد وصلت إلى الصين، اتهمت عالما اميركيا يتحدر من أصول صينية بتسريب هذه المعلومات. ولا تزال جامعة هارفرد حتى اليوم تتعرض في شهر حزيران من كل عام الى حملة تشهير صهيونية لانها استقبلت في منتصف ذلك الشهر من عام 1934 احد متخرجي الجامعة الالماني "ايرنست هانغس تانكل" والذي كان صديقا وزيلا لابن الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت" وذلك لانه انضم إلى الحزب النازي الألماني وأصبح أحد المقربين من هتلر نفسه، وكان عازف البيانو الوحيد الذي يطرب له هتلر ويصر على الاستماع إليه يوميا.
ولكن رغم أن هانغس تانكل انسحب من النازية وهاجر الى بريطانيا عشية الحرب العالمية الثانية، فان الجامعة لم تغفر له تلك الخطيئة، فهي لم تكتف برفض المنحة الدراسية السنوية، التي تقدم بها باسمه، ولكنها تحيي ذكرى زيارته بعد مرور سبعة عقود على إنها وصمة عار في جبين الجامعة كما يقول المؤرخ الأمريكي ستيفن نورود.
ترى هل من يسأل عن أدوار بعض متخرجي الجامعات الأجنبية في دولنا العربية؟! أو عن أوضاع الذي استوطنوا بعد تخرجهم في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو سواها؟ وهل هناك إحصاء عن حجم الأنفاق على تعليمهم وعن حجم الخسائر المترتبة عن استيطانهم؟[/align][/frame]
المفضلات