بعد أن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في تجفيف منابع الإرهاب في العالم وتقديم نموذج ديمقراطي يحتذى به في العراق وأفغانستان هنالك حيث يعيش كل من العراقيين والأفغان حياة هانئة ومستقرة تنعدم فيها كل المنغصات الحياتية والأمنية وبعد أن خرجت علينا دوائر صناعة القرار الأمريكية بمعزوفة الشرق الأوسط الكبير هاهي نفس الدوائر تعيد نفس تلك المعزوفة الوهمية ولكن بلحن جديد وفرقة غنائية أخرى يتناوب علي قيادتها عناصر من المحافظين الجدد في الكونغرس الأمريكي , وتقول كلمات الأغنية الجديدة انه من اجل تعزيز الحرية والديمقراطية في العالم فانه يجب أن تقوم السفارات الأمريكية بدور حيوي وفاعل في بلورة المشهد الديمقراطي الجديد الذي يبشر به المحافظين الجدد كافة شعوب العالم المضطهدة والقابعة تحت نير أنظمة دكتاتورية مستبدة ...
يالا سخرية القدر أمريكا بؤرة التسلط والاستبداد والإمبريالية تريد أن تعزز الديمقراطية في بلداننا ,, أمريكا التي شردت الأفغان وجعلت العراقيين يمنون النفس بيوم واحد مستقر من أيام الدكتاتور صدام ,ونكلت بالشعب الفلسطيني عبر دعمها غير المحدود لشرطيها المخلص إسرائيل , تحاول أن توهمنا بأنها تريد الحرية لنا ,,, كيف نصدق ذلك وجميع المؤشرات والدلائل المنطقية والواقعية تؤكد زيف وكذب الأميركيون , فبعيدا ً عن معطيات الأحداث في العراق وفي فلسطين , فان حيثيات الواقع تشير لحقائق عدة لعل من بينها : ـــ
أولا : ــ أن المبادرة الأمريكية تأتي في إطار سعي أمريكا للمزيد من الهيمنة علي شعوب العالم ولاستغلال كافة موارده تحت شعار احترام حقوق الإنسان وتعزيز حريته وغيرها من الشعارات البراقة ..
ثانيا ً : ــ لقد أثبتت أحداث ومواقف عدة لن يكون آخرها ما حدث في العراق أن دكتاتورية واستبدادية الحكام العرب والمسلمين أهون من إمبريالية و دكتاتورية أمريكا فيوم واحد تحت ظل طاغية عربي أو مسلم أهون من لحظة أو برهة تحت نير الصليبيون الجدد ,,
ثالثا ً : ــ إن هذه المبادرة وغيرها تؤكد سعي أمريكا الحثيث من اجل تنفيذ مشروع القرن الأمريكي الجديد والذي صدر عن المحافظين الجدد في الثالث من يونية عام 1997م و أكدوا فيه عن رغبتهم في المزيد والمزيد من الاستيلاء علي ثروات شعوب العالم عبر استجلائهم لشعارات قيمية براقة .
رابعا ً : ــ لقد حان الوقت لان يتخلى مثقفو المارينز عن ادعاءتهم الكاذبة بشان مزايا الديمقراطية الأمريكية وبشان السعادة المنتظرة من وراء إنهاء المارينز وفضائحهم علي أساطين القهر والاستبداد والظلم في بلداننا لأننا كمواطنين عرب ومسلمين ندرك جيدا ً إن الإصلاح لن يأتي من خلال تلك الخدعة والفتنة بل سيأتي من الداخل أي من خلال الفعل الذاتي للمواطن العربي والمسلم .
و أخيرا ً نتساءل عن أي ديمقراطية تتحدث أمريكا وتبذل جهدها الجاهد من اجل تطبيقها لدرجة إنها تسعى حثيثة من اجل تحويل سفاراتها لمراكز استعمارية جديدة ؟ هل هي ياترى ديمقراطية التزوير والتلاعب في أصوات الجماهير بالرشوة والتهديد والتي أوصلت بوش الابن للبيت الأبيض أم إنها الديمقراطية التي تبيح دم المواطن الفلسطيني وتعتبر حقه في الدفاع عن نفسه وعن عرضه وشرفه إرهابا ً؟
لقد حان الوقت لان تدرك أمريكا بان الشعوب العربية والإسلامية لم تعد تنطلي عليها خدعة الديمقراطية المرصعة بشعارات حقوق الإنسان والحرية والسعادة لان أمريكا وحدها فشلت داخليا ً وخارجيا ً في إقناع العالم بأهليتها للحديث عن تلك الأمور , كما إنها أثبتت من خلال مواقف وأحداث عدة بأنها ليست إلا دولة رجال أعمال تهدف للمزيد والمزيد من نهب واستنزاف ثروات ومقدرات شعوب العالم ...