[glow=000000][align=center]
[glow=00FFFF]الإعاقة و المعاقون في الوطن العربي [/glow]
ما أقصده بالإعاقة هو المتعارف عليه من اختلاف قدرات الشخص الذي نسميه معاقاً عن الغالبية العظمى من الناس، بحيث تكون دائماً أقل من قدرات أفراد هذه الغالبية، سواء كان ذلك الاختلاف في القدرات العقلية أو الجسمانية، أو الضرير أو الطرش، و رغم أن قدراته أقل في شيء ففي كثير من الحالات تكون هناك عنده تعويض في قدرات أخرى، كأن ترى ضريراً يركب دراجة في الشارع، أو شخص يعزف البيانو و يكتب بقدميه. و يعلم الجميع أن أذكى شخص في العالم الآن هو بروفيسور رياضيات إنجليزي معاق تماماً، لدرجة أنه يتكلم عن طريق جهاز كمبيوتر، و المثال الآخر هو الشيخ أحمد ياسين، مؤسس و رئيس حركة حماس الفلسطينية.
في بريطانيا يوجد حوالي ستة ملاين شخص معاق من الفئتين من مجموع السكان الذي يبلغ 55 مليون، و لا أعتقد أنه يوجد إحصائية دقيقة عن عددهم في الدويلات العربية، و لكن ليست هذه هي القضية و إنما القضية هي سبب تلك الإعاقة و كذلك معاملة المعاق من قبل المجتمع و الخدمات الأساسية و الفرعية التي تقدمها الدولة من أجل توفير أحسن الظروف لهذا المعاق
الإعاقة قد تكون بسبب تشوه النمو أثناء تكون الجنين و قد يكون تكون بسبب تضارب نوع الدم و مورثات الزوجين أو بسبب أدوية أو كيماويات تعرضت لها الأم و هناك ما يتم أثناء الولادة إما لاستخراج الجنين بشكل خاطئ أو بسبب نقص الأكسجين على الجنين أثناء الولادةو الذي يُعرف بالسيربال بولسي
في أواخر الستينيات اشتهر نوع من حبوب منع الحمل الذي أقبل عليه الناس، و لكنه بدل أن يمنع الحمل سمح للحمل بالتكون و لكن بعد أن عمل على تشويه الجنين فكانت نتيجته في ألمانيا و حده، و قبل أن يتم منعه، حوالي مائة ألف معاق، و لم يكون يشوه بالطرق المعروفة و إنما كان يتحكم بالحوامض النووية الحاملة للشيفرة الوراثية و يتحكم بها فينتج عن ذلك أطفال إما بدون أيدِ أو بدون أرجل…، و لكنهم ما عدا ذلك طبيعيين في أغلب الحالات
أما نقص الأكسجين عند الولادة فإنه يدمر الكثير من خلايا المخ، و أحياناً يكون الضرر مأساوي، و في بعض الأحيان يكبر الطفل و يستطيع أن يذهب إلى المدرسة و حتى الجامعة دون أن يلاحظ المشكلة أحد، و عدد الخلايا المُدمرة تتناسب طردياً مع المدة الزمنية التي ينفصل فيها الجنين عن الأكسجين أثناء عملية الولادة
و التشوهات الخَلقية و التخلف في القدرات العقلية لها أسباب و مسميات كثيرة ليس هنا مجال الحديث عنها، و السؤال: كيف تعامل المجتمعات العربية هؤلاء المظلومين، و هل هناك خدمات صحية متوفرة مع كادر مؤهل، و هل هناك مدارس و أماكن عمل لمن يستطيع، و من يغطي النفقات
أنا لا أزعم أنني أستطيع أن أتكلم بدقة هنا، فالدول العربية إما أنها لا تنشر أرقام أو تكون أرقامها غير صحيحة، أو أنني غير مطلع على دقائق الأمور و لكني و لا شك أستطيع التطرق و لو حتى لعنوان الموضوع و ذلك بمقارنة الخدمات في أوروبا و المعاملة من قبل المجتمع مع المعاق في الدويلات العربية، ناهيك عن أنني هنا لا أكتب ورقة علمية
و من الضروري فهم قضية الإعاقة الدائمة و الإعاقة المؤقتة، فبينما الإعاقة الدائمة لا يمكن تغيير أو تحسين وضع الجسم من الناحية الخَلقية، فإن الإعاقة المؤقتة قضية مختلفة، و بالإنجليزية تسمى الإعاقة الدائمة
Disability
بينما تُسمى الإعاقة المؤقتة
Incapacity
أما الإعاقة المطلقة التي يصبح معها الشخص غير قادر على فعل أي شيء فتسمى
Invalidity
و بالنسبة للمتخلفين عقلياً بشكل مطلق بحيث أنهم لا يتفاعلون مع أي شخص حولهم، فيسمون بأنهم في حالة النبات
Vegetable state
أما بالنسبة للإعاقة المؤقتة فقد يستغرب البعض أن الصداع المقعد عن أداء يوم عمل هو إعاقة، و لا شك أن الصداع النصفي إعاقة، و هنا نفترض زوال هذه الإعاقة بزوال السبب، و لذلك تُعتبر إعاقة مؤقتة، أي أنها في هذه الحالة تنتهي بزوال الصداع، و لكن الأمر ليس بهذه السهولة فهناك أناس يلازمهم الصداع، و عدد أنواعه كثيرة جداً، أكثر من عشرين سنة من حياتهم فتحولها ليس فقط إلى جحيم بل و تقعدهم عن القيام بوظائف أو حتى أعمال البيت.
قد يكون أسوأ أنواع الإعاقة لنا كمراقبين هي التخلف العقلي، و قد لا يشعر المعاق نفسه بأي شيء و لكننا ليس فقط نحزن عليه بل في هذه الحالة يُسبب مشكلة كبيرة لأهله، و تصبح رعايته صعبة، خاصة إذا كان عند الأم أطفال آخرين، و يكبر حجم المشكلة إذا كانت الأم عاملة.
و تعتبر قضية الرعاية هي المدخل لمناقشة و ضع هذه الفئة من الناس في العالم العربي، و كما قلت لا يوجد عندي إحصائيات عن عددهم، و كنت قبل أكثر من سنة شاهدت مناقشة حية في تلفزة الكويت بين أهالي المعاقين و مسؤولين من الدولة بوجود ممثلين لمنظمات تساعد المعاق، و كان خلاصة الكلام أن الجهد الذي كانت توفره الدولة كان أقل بكثير من احتياجات المعاق و أهله.
ما هي احتياجات المعاق؟ و ما هي احتياجات أهله؟
طبيعي أن الإجابة على هذا التساؤل مستحيلة، و ذلك لاختلاف القضية من شخص لشخص، و لكن هل الدولة توفر عيادات العلاج الطبيعي، و الكراسي بعجلات التي يدفعها محرك، و تحسب حسابهم عند عمل أرصفة الشوارع أو تصمم أبوب خاصة للسوبر ماركت و المؤسسات تسمح لهم بالدخول، هل الدولة تحضر لهم سيارات خاصة بدون ضرائب، هل أنشأت الدولة لهم مدارس خاصة، و عينت مدرسين مدربين و بالهم طويل و عندهم رحمة و رأفة، هل لمن يستطيع منهم الالتحاق بالجامعات أماكن خاصة، و قبل هذا و ذاك هل توفر الدولة لهم العلاج من دواء و خبراء بدون أن تضع أهل المعاق بأزمة مالية.
كيف ينظر المجتمع العربي للمعاق، و لماذا و كما رأينا في كثير من الأفلام المصرية يكون المجنون أو الأبله يسير في الشارع و يركض حوله الأطفال و أحياناً يتطاولون عليه بإلقاء الحجارة عليه، طبعاً لا شك أن هؤلاء الأطفال عديمي تربية، و لكن القضية أكبر من ذلك حيث أنها تراكمية، و في ظل أًمية عالية، و ظل تعليم لا يُعلم فمتى سنصبح نحن العرب نتصرف كما أرادنا الله أن نتصرف أو بلغة العصر أن نتصرف بأسلوب حضاري
To be civilized
و رغم أن والدي المعاق يستمرون بالعطف عليه لكن مع إرهاق الحياة يبدو و كأنهم يهملونه، و يفضلون بذل الجهد على أولادهم الأصحاء، علماً أن المعاق يحتاج إلى أضعاف الجهد مقارنة مع الأصحاء و خاصة في فترة الطفولة المبكرة.
بدون أدنى شك فإن المعاق هو شخص يجب أن يكون لديه كل حقوق المواطنة و واجباتها بما يتوافق مع مقدرته الجسمية و العقلية، و إذا افترضنا أن هناك مؤشرات للتقدم الحضاري فبالتأكيد معاملة المواطن للمواطن و الدولة للمواطن هي من تلك المؤشرات، و عند النظر إلى تلك المؤشرات كمقياس للتحضر عند الدول العربية فسنعلم أن مشوارنا طويل و لكننا نستطيع أن نرى بوضوح أننا لم نبدأ المشي في الاتجاه الصحيح بعد.
[glow=00FFFF]منقول [/glow]
والبحث اكثر في هذا الموقع
http://www.angelfire.com/scifi/alamal/[/align][/glow]
المفضلات