[align=center]
يا له من إرهابي !
إنه رجلٌ خرج من أهله وبلده وماله ...
فماذا يريد ؟! وإلى أين يذهب ؟
هل يرجو تجارة حاضرة ؟ أم يبحث عن وظيفة طيبة ؟ أم يلتمس الصيت والذكر ؟ أم هو في رحلة سياحية ماتعة ؟ أم يجوب الأرض ليبحث عن كنوزها ؟ أم يرتحل من بلد لآخر ليلتمس شهوات نفسه بين أرجل الغانيات وفي سراديب الخمور النتنة ؟ أم ماذا ؟!
الحقيقة أنه ليس من أولئك جميعاً !
فلعلَّه من يروج المخدرات ؟ أو يرتكب السرقات ؟ أو ينشر الرعب في قلوب الآمنين ؟
الحقيقة أيضاً أنه ليس من أولئك أجمعين !
فمن هو إذاً ؟
إنه المجاهد في سبيل الله ، الذي خرج من أهله وهم أحب الناس إليه ، وخرج من ماله وهو الذي جمعه حيناً من الدهر ، وخرج من بلده الذي درج فيه وعاش عليه ، وخرج من بين أصحابه وأحبابه وهم من طاب بهم العمر حيناً من الدهر ، وخرج ببدنه إلى ميادين الوغى وساحات الجهاد ، ليجود بنفسه الغالية لرفعة هذا الدين ، ولنصرة المستضعفين من المؤمنين ، ولإعلاء كلمة الله فوق جماجم الكافرين ، ولغرس راية الدين فوق صدور الجاحدين .
فكيف لا يرهب قلوب الأعداء ، وهو يبحث عن الموت الذي يفرُّون منه ؟! فإما نصر وتمكين ، وسيادة وريادة ، وإما لحاق بقافلة الشهداء والصالحين ، وشهادة وسعادة .
إنه لم يرض من الدين إلا بسنامه ، لعلوِّ همَّته وارتفاع عزيمته ، فلم يرض له ربُّه إلا بأعظم الأجور وأجزل الثواب ، وتأمل ؛ تعجب !
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود " رواه ابن حبان والحافظ ابن عساكر في " أربعين الجهاد " ، انظر : السلسة الصحيحة ( 3/57) (1068) .
وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم:" لَقيامُ رَجلٍ في سبيلِ اللهِ ساعةً أفضلُ مِن عبادةِ ستين سَنة " رواه العقيلي في الضعفاء والخطيب في التاريخ ، انظر : السلسلة الصحيحة (4/525) (1901) .
ولو لم يكن في جهاده إلا مرابطته على الثغور ، حتى لا تستباح بيضة الإسلام ، أو تهدم أركان بنائه العظام ، لكفاه شرفاً وفضلاً ومنقبة ، فعن فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" كلُّ ميِّتٍ يُختَمُ على عمِلِه ، إلاَّ المرابط ، فإنَّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويُؤمَّنُ من فتَّانِ القبرِ " صحيح سنن أبي داود (2/474) (2182) .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من مات مرابطًا في سبيل الله أجرَى عليهِ أجرَ عمله الصَّالح الذي كان يعمل ، وأجري عليه رزقه ، وأمِنَ من الفتَّان ، وبعثه الله يوم القيامة آمنًا من الفزع " صحيح سنن ابن ماجه (2/123) (2234) .
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" رباطُ يومٍ في سبيل الله أفضلُ من قيامِ رجلٍ وصيامهِ في أهله شهراً " رواه أحمد أبو حزم الحنبلي في الفروسية ، انظر : السلسلة الصحيحة (4/481) (1866) .
وحسبه من الأجور ما يقع له من رمي أعدائه بنبله أو رمحه أو رصاصه ، فعن عمرو بن عنبسة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" مَن شابَ شيبةً في سبيل الله تعالى ، كانت لهُ نُوراً يومَ القيامةِ ، ومَن رَمَى بسهمٍ في سبيل الله تعالى ، بَلَغَ العدُوَّ أو لم يَبلُغ ، كانَ لهُ كعتقِ رقبةٍ ، ومن أعتقَ رقبةً مؤمنةً كانت لهُ فِداءهُ مِن النارِ عُضواً بعُضوٍ "
وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" مَن رمى العدُوَّ بسهمٍ ، فبَلَغ سهمُه العدوَّ ، أصابَ أو أخطأ ، فيعدلُ رقبةً " صحيح سنن النسائي (2/659) (2945) .
وعن أبي نُجيحٍ السلمي ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" مَن بَلَغَ بسهمٍ في سبيل الله ، فهو لهُ درجةٌ في الجنَّة " صحيح سنن ابن ماجه (2/132) (2268) .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مَن رمى بسهمٍ في سبيل الله ؛ كانَ له نوراً يومَ القيامةِ " صحيح سنن النسائي (2/659) (2946) .
إذا فالجهاد نور ، وزيادة في الأجور ، وانشراح للصدور ، وتجارة لن تبور ، ومرضاة للعزيز الغفور ، وكفى !
فإليك يا من تريد إن تكون إرهابياً ، يرهب منك أعداؤك ، ويعلمون لك ألف حساب عند نزالك أو قتالك ، ها هو طريق العزة بين يديك ، وسبيل المجد يناديك ، وقد قال الله لكل مؤمن : [ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ... ]
فأيُّ سعادة لمن تهتز الأرض تحت قدمه فتهتز لها قلوب أعدائه ، فيموتون منه في كل ساعة ، ويحبسون في جلودهم من رهبته ، ويغصون بريقهم عند ذكره ، ويلجئون إلى جحورهم عند رؤيته ؟!
نقلا عن الشيخ عبد اللطيف الغامدي .. [/align]
المفضلات