...أســامة بن لادن
يروى معارك مأسـدة الأنصـار .........
:المـقـدمـة
أمام الأحداث الجسام التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية .. حيث يخون الأخ ويطعن في القلب .. أحلام أمة بأسرها ..
لا نجد إلا أن نبحث عن خيوط النور لتهدينا في هذا الظلام ، وهذا الخراب ..
لهذا أصدرت هذا الكتاب .. الذي يتحدث عن تجربة شباب عربي مؤمن .. قاتل قوى الظلم والكفر والإلحاد في أفغانستان
وعندما أتحدث عن (( مأسـدة الأنصـار )) وشبابهاوشهدائها في أفغانستان ، لا أتحدث عن الماضي . ولا أتحدث عن أفغانستان المكان ، ولكن أكتشف خيوط الأمل في حياتنا..
أحاول أن أكشف خيوط القوة في أنفسنا ..
وأن أكتشف السلاح الذي بداخلنا .. لنقف كلنا أمام الظلم والعدوان بكل قوة ، وحسم ، ووعي ..
وثقة لا حدود لها في نصر الله سبحانه وتعالى لنا.
عصـام دراز
(( انطـباعات صحـفي عـربي في أفغانسـتان ))
_ الزجاجة الخطيرة وهجوم الطائرات
حدثت هذه القصة فعلاً عندما كان موقع (( مأسـدة الأنصـار )) في جبل (( ثمر خيل )) على مساحة عشرة كيو مترات من جلال آباد . وكانت المعارك الطاحنة تدور حولنا .. وكان أسامة بن لادن .. قد بني خندقاً بين جبلين مرتفعين و ذلك لتفادي الصواريخ والقنابل الطائشة بين مواقع المجاهدين الأفغان وقوات الحكومة .. في هذا اليوم حضر من بيشاور الطبيب المسئول عن (( المأسدة )) وهو طبيب مصري معروف بكفاءته وتقواه .. حضر ليتابع أخبار القتال .. والشئون الطبية .. وأيضاً يتابع حالة أسامة بن لادن الصحية .. فقد كان أبو عبد الله يعاني انخفاضاً حاداً في الضغط .. أحياناً يجعله لا يستطيع الحركة ويظل راقداً على الأرض لساعات طويلة .. وكان أضاً يحتاج في بعض الحالات إلى تغذية بالمحاليل الطبية .. ومنها الجلوكوز ..
حضر الطبيب إلى خندق أسامة بن لادن .. وأعطاه حقنة للعلاج وكان أبو عبد الله في اشد حالات الأعياء والإرهاق .. وممداً على الأرض بعد مجهود عنيف في متابعة إنشاء مواقع جديدة للإخوة العرب .. وشراء الأسلحة ووضع خطط للترصد والهجوم . أحضر الطبيب زجاجة جلوكوز من صندوق كان خارج الخندق .. وقام بتركيب عامود معدني عبارة عن حامل للزجاجة .. وثبت الخراطيم الموصلة وركب الحقنة في نهايتها وكان أبو عبد الله قد كشف على ذراعه .. ليغرس الطبيب فيها إبرة القنة .. في هذه اللحظة وقبل غرس الحقنة سمعنا صوت طائرة تطير على ارتفاع منخفض جداً .. وفجأه سمعنا انفجارات هائلة حولنا ..
كانت لحظة عصيبة .. خرجنا من الخندق لنرى من أصيب .. ولكن الحمد لله .. سقطت القنابل على قمم التباب و الصخور المحيطة بنا .. ولكن كان هناك دخان وغبار كثيف حولنا ..
دخلنا الخندق .. كان أبو عبد الله .. قد جلس مكانه .. وسقطت بعض الصخور على الخندق .. وسقط العامود الذي يحمل زجاجة الجلوكوز .. مرت دقائق .. ونحن صامتين .. ظلت الطائرات تقترب حيناً .. ثم نسمع انفجارات بعيداً عنا .. ثم تبتعد مرة أرى .
وبعد فترة من الوقت شعرنا أن الموقف أصبح هادئاً نوعاً ما ( بالنسبة لحالات الحرب . . فالتراشقات مستمرة طبعاً ) .. في هذه اللحظة . قام الطبيب من مكانه .. وأقام العامود الحامل لزجاجة الجلوكوز وقام بوضع الزجاجة مكانها في الحامل وبدأ في مد الخراطيم التي (( تلعبكت )) مرة أخرى .
وأعد حقنة جديدة لأن الأولى قد تلوثت بعد سقوطها على الارض .. وقال بصوت عال : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .. مد أبو عبد الله يده . وشمر عن ذراعه ، وفي اللحظة التي هم الطبيب بغرس سن الحقنة في ذراع أبو عبد الله سمعنا هذه المرة صتاً هائلاً جعلنا نرقد على وجوهنا ونحن بداخل الخندق .. ونسمع سلسة من الانفجارات تمزق الصخور حولنا .. سقطت بعض الصخور .. والعوارض الخشبية التي تحيط بالخندق .. وامتلأ الخندق بالغبار ورائحة الانفجارات النفاذة .. رفعنا رءوسنا وإذا بانفجارات أعنف وأشد تجعلنا ننكمش على الأرض .. كانت القنابل قد سقطت بالفعل على باب الخندق .. وشعرنا بأن الجبال حولنا قد انتزعت من مكانها .. ونحن لا نستطيع أن نرفع رءوسنا . ظللنا على هذا الوضع عدة دقائق .. إلى ان ابتعدت الطائرات .. وهدأت الانفجارات .. نهضنا ونظرنا حولنا .. ونحن لا نصدقأننا أحياء .. ظللنا صامتين عدة دقائق .. وخرج بعض الإخوة ليتعرفوا على الخسائر .. ورحنا نتصل بباقي المواقع لنعرف نتيجة هذا الهجوم
لم تكن هناك خسائر تذكر .. مرت عدة دقائق أخرى .. والطبيب جالس مكانه .. اتصل أبو عبد الله باللاسلكي ليطمئن على الإخوة .. هدأ كل شيء .. كانت الزجاجة ملقاة على الأرض .. والعامود قد قذفته الانفجارات في ركن الخندق .. والخرطوم قد طار إلى مكان آخر .. قام الطبيب بهدوء وهو يحاول الابتسام .. وقال : (( خير )) أبشروا
كان أبو عبد الله راقداً مكانه فلم يستطيع النهوض .. ابتسم في وجه الطبب .. تحرك الطبيب وأحضر العامود .. ورفع الزجاجة من على الأرض .. وفي هذه اللحظة كنا جميعاً دون اتفاق مسبق ننظر إلى الزجاجة .. وكأن فيها شيئاً سحرياً . شيء غريب يرتبط بقدوم الطائرات لتقصفنا نحن بالذات ، كلنا دون اتفاق قلنا في صوت واحد .. ألا توجد زجاجة أخرى غير هذه الزجاجة
ضحك الطبيب وقال : هناك زجاجات أخرى .. ولكن ما الداعي لتغييرها ؟
:نظرنا جميعاً في عيون بعض .. كلنا نفكر في نفس الفكرة .. ودون أن نتكلم .. رد الطبيب مقاطعاً وقال
_ لا تتشاءموا .. إنها مصادفة ..
إذن كان يفكر أيضاً في نفس الموضو الذي نفكر فيه .. لم نفهم ما يقول .. ولكن أحدنا قال بشجاعة ..
_ يا أخي حطم هذه الزجاجة .. منذ الصبح .. يحدث نفس الشيء .. عندما نهم بوضعها وتركيبها تحدث غارة .. حدث
:ذلك حتى الآن أكثر من خمس مرات .. رد الطبيب بحسم
_ اتق الله ياشيخ .. هل تصدق مثل هذه الخزعبلات ؟ .. ماعلاقة زجاجة جلوكوز مثل هذه بالطائرات
نهض الطبيب وراح يقيم العامود .. وركب الزجاجة مكانها .. وراح يركب الخراطيم .. وفتح حقيبته وأخرج إبرة جديدة بدلاً من التي تلوثت بالرمال .. ركب الإبرة في الخرطوم .. تمدد أسامة بن لادن مستسلماً عل الأرض .. وقال بهدوء..
_ ياشباب .. لا ترددوا مثل هذه الخزعبلات .. إنها مصادفة .
قال الطبيب بثقة وحزم:
_ إنها مصادفات .. وكل شيء بأمر الله ..
راح الطبيب يثبت حامل الزجاجة في الأرض جيداً .. وجلس على الأرض بجوار فراش أسامة بن لادن .. وقال بصوت مرتفع هذه المرة (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، وذلك ليخرسنا .. في نفس اللحظة وقبل أن يضع الأبرة .. شعرنا وكأن الأرض تتمزق حولنا .. انفجارات في منتهى العنف ودخان ورائحة بارود وأحجار صغيرة متطايرة .. وانهدم جزء من سقف الخندق .. وكنا كلنا في لحظة لا وعي قد ردنا على وجوهنا .. ونحن نقرأ آيات القرآن .. ظلت الانفجارات العنيفة حولنا بصورة ليس لها مثيل ..
:هتف احد المجاهدين قائلاً
_ إنها القنابل العنقودية ..
شعرنا بأننا لن نستطيع أن نظل على قيد الحياة والانفجارات المروعة حولنا .. استمر الوضع عدة دقائق هذه المرة .. وعدة دقائق في هذه الحالات تكون كأنها دهر ..
هدأ القصف وسمعنا صوت الطائرات يبتعد .. ولكننا ظللنا رقوداً مكاننا داخل الخندق .. لم ننهض إلا عندما جاء أحد المجاهدين ليقول : إنهم يقصفون بالغازات السامة .. وبالفعل شممنا رائحة نفاذة في الهواء .. وضعنا أقنعة واقية على أنوفنا .. مرت دقائق .. نهض الطبيب وراح يبحث عن حامل الزجاجة .. وراح يبحث عن الزجاجة ذاتها .. وكان (( أسامة بن لادن )) راقداً على ظهره في حالة إعياء شديد .. وبدأ الطبيب يركب الزجاجة على الحامل .. ويمد الخراطيم .. مرة أخرى وكلنا ننظر إلى الزجاجة وكانها كائن حي به سر من الأسرار .. وفي اللحظة التي أخرج فيها الطبيب إبرة جديدة بدلاً من التي طارت من الانفجارات .. وراح يثبتها في الخرطوم الموصل إلى الزجاجة .. كان أبو عبد الله راقداً وماداً يده مستسلماً في هدوء وذراعه مكشوفة منتظراً قيام الطبي بغرس إبرة المحلول في عروقه وجدنا أنفسنا . نحن جميعاً الموجودين بالخندق نصرخ في صوت واحد بطريقة لا إرادية وبدون اتفاق.
_ ألقي بهذه الزجاجة إلى الخارج .. لا تمسكها .. وفجأة .. ضج جميع الموجودين بالخندق بالضحك .. ضحك مستمر ..
:قال أبو عبد الله
_ لا تتشاءموا يا أخوة .. التشاؤم حرام .
ولكننا جميعاً هتفنا مرة أخرى
_ لا بد من إخراج هذه الزجاجة .. إن الطائرات تحضر فور لمسها ..القوا بالزجاجة خارج الخندق
انتابنا موجة من الضحك .. وعندما حاول الطبيب تعليق الزجاجة مرة أخرى من العمود .. قام أبو البير ضاحكاً .. وأمسك بالزجاجة بأطراف أصابعه كأنه يمسك قنبلة على وشك الانفجار .. وموجة من الضحك تنتابنا .. ودون كلمة قذف بالزجاجة خارج الخندق
نهض الطبيب من مكانه .. واستعد للرحيل وسط ضحكاتنا .. وأبو عبد الله لا يزال راقداً مكانه يبتسم ولا يعلق
لا أجد أفضل من هذه القصة لأبدأ قصة (( مأسدة الأنصار )) حيث إنها تلمس برفق الصلة الإنسانية والأخوية العميقة التي كانت تربط (( أخوة السلاح )) من الشباب الذين جاهدوا بصدق وحب وإيمان .. حول (( أبو عبد الله )) أسامة بن لادن
****************
……… نتابع معكم بية الأجزاء إن شاء الله في القريب
قروب طيبة
المفضلات