هذا الموضوع منقول من موقع مفكرة الإسلام
على هالرابط: http://www.islammemo.cc/taqrer/one_news.asp?IDnews=212
مفكرة الإسلام: فرغم كل ما كتب في الصحافة ، والمواقع ، والمنتديات عن محاكمة صدام حسين من مديح ، أو قديح ، إلا أن الجميع قد كتبوا عن هذه المحاكمة كحدث قائم بذاته ، مقتطع من التاريخ ، محجوراً عن المستقبل .
ومهما كان متابع المحاكمة متفاعلاً في عباراته ، وحماسيًا في تعبيراته ، أو عقلانياً في تحليلاته ... فإنه يعيش بفكره وقلمه في قوقعة المحكمة ، ويكبل في أغلالها ... مالم يخرج فكره إلى الأبعاد الحقيقية لهذا المحاكمة ! إلى البعد التاريخي لهذه المحاكمة ، إلى البعد العقدي الذي قامت عليه هذه المحاكمة ، إلى البعد التحليلي ..
إن تناول الحدث بهذا الاجتزاء المخزي جريمة لا تقل عن جريمة قتل صدام حسين لو أنهم قتلوه ، وإن هذه النظرة لوحدها كافية لوأد ثمار هذه المحاكمة في مهدها ، وعزلها عن تفاعلاتها ، بل عزل حاضر الأمة عن تاريخها ، وإسلام مستقبلها لعدوها ..!
لعل الكثيرين مروا مرور الكرام على ما انفردت ' مفكرة الإسلام ' بنشره عن صدام بعد سقوط بغداد في بحث موثق بعنوان ' العقد الأخير من حياة صدام في ميزان الإسلام ' ولكأن ما كتب آنذاك كتب لهذا اليوم وكل مافيه من حقائق ظهرت لجميع الناس بل ظهر ماهو أكبر مما ذكر ، وسيظهر عند الرجوع إليه جلياً أن محاكمة صدام إنما هي الحلقة الأخيرة التي ظهرت للناس ، بينما اختفت جميع الحلقات الأولى ... بل أُخفيت .
إن الرجل حين تحدى اليهود كان يدرك خطورة هذا التحدي ، وأنه ربما شرب بذات الكأس الذي شرب منه من وقف في وجه اليهود طوال التاريخ القديم والمعاصر ..!
وأخيراً فسوف يعرف القارئ جواب السؤال الأكبر الذي يقول : مـن يحـاكم من ؟!
إنها اليهودية ممثلة في الحكومة العراقية ، تحاكم الأمة العربية ، والإسلامية ممثلة في صدام حسين ... هكذا هي المحاكمة في حقيقتها ، في نظرة اليهود لها ، وبشاهد مثيلاتها ، وبحكم التاريخ عليها ، وانزلوا إلى الشارع العربي والإسلامي، واسألوا العجوز والكهل، والطفل، والشاب، والفتاة، وسيتفق الجميع على هذا الموقف والذي صاح منه قادة الشيعة في العراق بقولهم : إنا لنحزن أشد الحزن أن الشارع العربي كله معه لأنهم مغيبون عن حقيقة هذا المجرم صدام حسين [ حسب زعمهم ] .
فأنا لا أنطلق في بحثي هذا من موقف شاذ، أو رأي غريب ، وإنما هو رأي الغالبية من جماهير العرب والمسلمين، ومن وقف غير هذا الموقف هو الموقف الشاذ والغريب .
وهاهو اليوم جاء الذي خطط له اليهود طويلاً .. اليوم الذي يقعد ذلك الرجل في القفص علانية ، ذاك الوحيد الذي أظهر معارضة اليهود علانية ! وجعل شعاره الثابت [ عاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر ] ..! وفعل كل ما فعل من صراعات خفية مع اليهود ، وصراعات ظاهرة أحياناً ... فعل ذلك ولم يتردد لحظة ، ولم ينثن حتى والقوات تحيط ببلاده إحاطة السوار بالمعصم ، حتى والنار فوق رأسه ، والعدو داخل قصره ... حتى وهو يخاطب الأمة معزياً إياها في أولاده ، حتى وهو يعيش لحظات الكر والفر من مكان إلى آخر ..!
اقعد هنا يا صدام ! اقعد ولينظر العالم كله إلى مصير من يتحدى اليهود ! اقعد واستمع إلى أطنان التهم ! اقعد وانظر إلى شهود اليهود من بني قومك وجيرانك ، فاليهود لا يقاتلونك إلا من ورائهم ! اقعد واشرب مكرهاً ، فقد شرب آخرون من يد اليهود كؤوس فضيحة مخزية ، وآخرون شربوا رصاصة في ليلة مظلمة ، وآخرون يتجرعون وهم على كراسيهم الآن كؤوس الهوان ! اقعد ولن تقوم إلا إلى قبرك المنفي .
لم يتمكن اليهود من الدخول إليه ، لا بمنفذ المال ، ولا النساء ، ولا العبودية ولا غيرها .. فكان لا بد من الحرب الشاملة ، ولا بد من المحاكمة المهينة ، وقد كان لهم ما أرادوا ..
لقد أصبحت أصابع اليهودية ظاهرة فيها تمام الظهور ..
الأصابع اليهودية في المحاكمة
الإصبع اليهودي الأول : المحكمة محكمة يهودية:
استغرب الكثيرون من الاستعجال في تعيين المحكمة بعد القبض على صدام ، وتساءل آخرون عن تعيين سالم الجلبي ـ ابن أخت أحمد الجلبي ـ رئيساً للمحكمة التي ستحاكم صداماً منذ أول اعتقاله ، لكن حين عرف الناس من هو أحمد الجلبي ومن هو ابن أخته ، ذهب العجب .. فمن هم ابنا الجلبي ..؟!
أما سالم فهو شريك مكتب محاماة في أمريكا صاحبه يهودي متطرف من حزب الليكود ، أما أحمد الجلبي فهو اليهودي بالرضاعة والولاء ، وما عاد الأمر خافياً ، فسالم الجلبي[41] عامًا وهو ابن اخت زعيم ' المؤتمر الوطني العراقي ' أحمد الجلبي , وشريك مهم للإسرائيلي مارك زيل أحد أعضاء حركة ' غوش أمونيم ' الاستيطانية المتطرفة , والذي له شركة 'العراق القانونية الدولية ' التي تصف نفسها بأنها 'بوابتك المتخصصة إلى العراق الجديد' في بغداد أسست غداة سقـوط النظام العراقي وكان زيل شريكاً لأحد صقور الإدارة الأميركية المعروفين بـ'المحافظين الجدد' دوجلاس فيث مساعد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد , في شركة محاماة أميركية إسرائيلية تعمل في واشنطن وتل أبيب. وجاء تأسيس هذه الشركة [فانتز] بعد قرار فيث ترك عمله الحكومي ليكون ' عميلاً أجنبيًا ' يمثل مصالح إسرائيلية وتركية في الولايات المتحدة. ومعلوم أن فيث من مؤيدي حزب 'ليكود الإسرائيلي, وكان ممن عملوا لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو [وزير المال الحالي] بالتخلص من اتفاق أوسلو الذي وقعه الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني عام 1993,
وبعد افتتاح شركة قانونية للإسرائيلي مع الجلبي في بغداد, سارع زيل إلى تأسيس فرع لشركة 'غولدبرغ إند كو' الإسرائيلية في الولايات المتحدة, والتي تعمل لمساعدة شركات أميركية في علاقاتها مع الحكومة الأميركية لجهة مشاريع إعادة الإعمار في العراق'. وبالفعل, نجحت الشركة في تسليم شركات أميركية عقوداً بمئات الملايين من الدولارات ، يذكر أن هذه الشركة لا تزال تستخدم موقعاً لشركة 'فانتز التابعة لفيث الذي واجه انتقادات بعد فضيحة تعذيب السجناء في معتقل 'أبو غريب وكان تراجع نفوذ فيث في الإدارة الأميركية أثر في علاقات أحمد الجلبي مع واشنطن في هذا الإطار , كما تردد أخيراً أن سالماً الجلبي يملك استثمارات واسعة في أسبانيا . وأفيد أنه مساهم في مشروع 'كسانادو ميجامول' في مدريد , وهو أحد أكبر المراكز التجارية في البلاد '
أما خاله أحمد الجلبي: فقد ولد أحمد الجلبي عام[1945] لأسرة شيعية ثرية تعمل في القطاع المصرفي، وغادر العراق عام [1956] وعمره 11 عامًا، وعاش معظم حياته بعد ذلك في الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث درس الرياضيات في جامعة شيكاغو ومعهد ماساشوستش للتكنولوجيا، عاد بعد ذلك إلى لبنان حيث عمل بالجامعة الأمريكية في بيروت فترة قصيرة، وفي هذه الفترة وطد علاقاته مع المسؤولين الأردنيين وخاصة مع ولي عهد الأردن وقتها الأمير الحسن بن طلال فانتقل إلى الإقامة في عمان عام 1975.
في عام 1977 أنشأ الجلبي بنك البتراء في الأردن، والذي نما خلال السنتين التاليتين ليصبح ثاني أكبر بنك من بين الـ 17 بنكاً في الأردن، إلا أنه في عام 1988 انهار البنك في فضيحة من فضائح الفساد الاقتصادي، وفي الوقت ذاته خضع بنك أسرة آل الجلبي في سويسرا 'ميبكو – جنيفا' إلى المراقبة من قبل المراقبين السويسريين، وفي أبريل عام 1989 ألغى السويسريون رخصة ذلك البنك، وفي 2 أغسطس عام 1989 تم إغلاق بنك بتراء الأردن، ونصحه المقربون بالهرب فاختبأ في صندوق سيارة وهرب متوجها إلى سوريا، وبعد ذلك انهارت شركات آل الجلبي الواحدة بعد أخرى، فاتجه الجلبي إلى لندن لتبدأ قصته مع عالم السياسة والمعارضة العراقية خاصة بعد أن حكمت عليه محكمة أردنية بالسجن 22 عاما.
الطريق إلى واشنطن عبر تل أبيب: علاقة أحمد الجلبي وأسرته بإسرائيل أقدم من علاقته بأمريكا، بل إن إحدى شركات آل الجلبي وهي شركة 'ميبكو بيروت' لعبت دورًا في تمويل ميليشيات حركة أمل الشيعية عندما كانت تشن حرباً على الفصائل الفلسطينية في الثمانينات.
إلا أن العلاقة المباشرة بين الجلبي وتل أبيب كشفتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في مقال لها بعدد 2/5/2003 حمل عنوان 'خليفة صدام زار إسرائيل سراً'، وكشف كاتب المقال عدة حقائق تتمثل في الآتي:
1- تم تقديم أحمد الجلبي إلى الأمريكيين بواسطة المخابرات الإسرائيلية، ويشرح الكاتب هذه الحقيقة فيقول: '.. ترجع العلاقة بين الجلبي وإسرائيل إلى 13 عامًا مضت وقد أفصح مسئول وزارة الدفاع هذا الأسبوع عن تفاصيل اللقاء الأول مع الجلبي في لندن أظهر الجلبي على الفور الدفء الشرق أوسطي إنه شخص ذكي وقد فاجأني بمعرفته الواسعة بنا إنه يعرف كل فرد في نظامنا السياسي فهو يعرف الوزراء وأعضاء الكنيست المؤثرين ورؤساء مخابرات قوات الدفاع الإسرائيلية والموساد كما يعرف علاقات إسرائيل المعروفة والسرية في العالم العربي وقد تطرق حديثنا بسرعة إلى العلاقات المستقبلية بين العراق والقدس بعد سقوط صدام وأصر حينها على رسم خريطة سياسية جديدة للشرق الأوسط وأعلن أن العراق سيرفع شعار الديمقراطية'.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي :' أخبر الجلبي مسئول وزارة الدفاع أنه التحق في بغداد بمدرسة 'مدام عادل' الخاصة المتميزة وهي سيدة يهودية كما أنه تعرف عن قرب على المجتمع اليهودي 'لقد كان على علم بعاداتنا وعندما قام بأول زيارة له إلى إسرائيل، أخذناه في جولة داخل مركز بابل للتراث ولاجتماعات مع اليهود العراقيين وعندما رأى أنهم يحتفظون بعاداتهم التي اكتسبوها من العراق رأيت أنه كان من الصعب عليه إخفاء مشاعره'
2- علاقة الجلبي بالمخابرات الإسرائيلية تعود إلى عام 1990؛ فيقول كاتب المقال:
تلقى الجنرال [احتياط] داني روثشيلد، الذي ترأس فرع الأبحاث في مخابرات قوات الدفاع الإسرائيلية أرقام هواتف الجلبي في لندن عام 1990 وذهب لمقابلته سراً لقد كان من النادر جداً أن تستطيع مخابرات قوات الدفاع الإسرائيلية عقد صلات مع منفي عراقي كبير والذي أظهر قدراً كبيراً من حسن النية كما ناقشا جهود إسرائيل في الحصول على معلومات حول مصير الجنود الأسرى والمفقودين التابعين لقوات الدفاع الإسرائيلية، وقال روثشيلد: 'لقد وعدنا الجلبي بأنه يستطيع استخدام صلاته في طهران لبحث موضوع رون آراد ...
التقى روثشيلد والجلبي في مكتب المنفي العراقي الفخم في غربي لندن وتحدثا لساعات طويلة حول مستقبل المنطقة، ويتذكر روثشيلد أنه كتب تقريراً سرياً عن هذا اللقاء ..
3- الجلبي يقوم بسلسلة من الزيارات السرية إلى إسرائيل؛ تقول الصحيفة: '.. قادت لقاءات الجلبي السرية في لندن إلى سلسلة من الزيارات السرية الأخرى إلى تل أبيب، ويقول المسؤول الإسرائيلي 'لقد حضر أساساً لاكتساب انطباع عن قرب عن ماهية الإسرائيليين وعن صورة دولة إسرائيل'.
المخابرات الأمريكية تنشئ المؤتمر الوطني العراقي المعارض:
بعد هذه السلسلة من اللقاءات بين أحمد الجلبي والمسؤولين الإسرائيليين، قرر مسئولو الأمن الإسرائيليين اقتراح اسم الجلبي على الإدارة الأمريكية وإيصاله بكبار المستشارين في البيت الأبيض والبنتاجون ووكالة المخابرات المركزية، ونتيجة لهذه التوصيات منحه جيمس وولسلي مدير المخابرات المركزية الأمريكية السابق رعايته.
وفي عام 1992 أسس الجلبي تنظيم المؤتمر الوطني العراقي عام 1992 بمساعدة جيمس وولسي، وأضحى الجلبي الفتى المدلل لوولسي كما أصبح المؤتمر الوطني العراقي الجهة المفضلة لدعم وكالة المخابرات المركزية الموجهة للإطاحة بالنظام العراقي.
ولم تنته علاقة الجلبي بإسرائيل، بل توطدت علاقاته مع المسؤولين الإسرائيليين وتقول 'يديعوت أحرونوت' في المقال السابق: '.. وفي إحدى زياراته إلى إسرائيل، تم استضافة الجلبي في مكتب وزير الدفاع في ذلك الوقت إسحاق مورداخاي وطالب الجلبي بدوره بمساعدة إسرائيلية في الكونجرس في واشنطن، وذلك لإقناع إدارة الرئيس كلينتون بتمويل نشاط المؤتمر الوطني وتدريب مئات المتطوعين في قواعد الجيش، قبل ضربة الإطاحة بنظام صدام وفي نهاية هذه الجهود، وبمساعدة أصدقائه الإسرائيليين واللوبي اليهودي في واشنطن، استطاع الجلبي الحصول على أربعة ملايين دولار أمريكي وقد قابل في واشنطن الوزير ناتان شارانسكي ورئيس الوزراء السابق بينيامين ناتنياهو وقد استهواهم جداً بخططه لتحويل العراق إلى بلد ديموقراطي..'.
وفي عام 1995م استطاع الجلبي أن يقنع إدارة الرئيس كلينتون بأنه يستطيع الإطاحة بنظام صدام حسين من خلال المعارضة الكردية، وبدون تدخل أمريكي كبير وهو ما كانت تحبذه الإدارة الأمريكية، فعاد الجلبي إلى العراق لقيادة انتفاضة للأكراد في شمال العراق ، ولكن الانقلاب فشل، وانتهى بمقتل المئات من الأكراد وتدمير مقر المؤتمر الوطني العراقي في مدينة أربيل على يد القوات العراقية؛ وهو ما دفع الإدارة الأمريكية وقتها إلى تجنب خطط الجلبي.
إلا أن الجلبي استطاع أن يوطد علاقاته مع تيار المحافظين الجدد حيث كان الجلبي يردد ما يود تيار المحافظين سماعه عن العراق، وتوطدت علاقاته بالأخص مع 'أمير الظلام' ريتشارد بيرل ، وقدم التيار المحافظ إلى إدارة كلينتون في عام 1998 مذكرة لإصدار قانون تحرير العراق ونجح الجلبي وتيار المحافظين الجدد في حشد التأييد في الكونجرس الأمريكي لتمرير القانون والذي أقر خطة تقديم نحو 100 مليون دولار لمساعدة قوى المعارضة العراقية، وعلى رأسها المؤتمر الوطني العراقي الذي يرأسه الجلبي؛ وذلك من أجل الإطاحة بحكم صدام، وطرح اسمه وقتها كأول المرشحين لتولي الحكم من بعد صدام.
علاقات الجلبي مع المحافظين الجدد كثيرة ومتشعبة، فمن بينهم معارفه من جامعة شيكاغو وهم بول وولفويتز زيتس وزالماي خليل زاده وشميت و ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، كما يوجد له مناصرون آخرون في مكاتب الشرق الأوسط في البنتاجون ووزارة الخارجية، من بينهم بيتر رودمان، ودوجلاس فيث، وديفيد ورمسر، ومايكل روبن.
وكان من بين المعاهد الرائدة لسياسة المحافظين الجدد ولجان الخبراء البحثية التي وقفت خلف الجلبي منذ التسعينيات معهد المشروعات الأمريكي ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إضافة للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي .
الإصبع اليهودي الثاني : الصحافة اليهودية:
لقد عرف اليهود جيداً أن صدام هذا ؛ بهذه العلامات التي أمامهم ، بهذا الحاجب الناشز إلى أعلى ، وهذه الملامح والقسمات التي يقرأونها في كتبهم ـ كما يزعمون لا كما نعتقد نحن ـ أنه من يدوسهم في أزقة فلسطين .... فاشتعل الرعب في قلوبهم ثانية بعدما كاد ينطفئ باعتقاله إلى حين ، وخرجت الصحافة اليهودية صبيحة اليوم الثاني بشعارات شبه موحدة تحكي الذعر في قلوبهم تقول [ صدام ... لا زال قوياً ! ] .
الإصبع اليهودي الثالث : الثنائي الظلامي : أسودان في عمائمها ، أسودان في قلوبهما ، أسودان في تاريخهما ، أسودان في صحائفهما ، أسودان في صحيفة الأعراض وفي صحيفة الأموال وفي العلاقات ...
إن الثنائية المتشابكة الثابتة ما بين القبضتين الحوزة الشيعية واليهودية لضرب الإسلام على رأسه في وقت ضعفه طوال التاريخ قد ابتدأ من خلافة علي رضي الله عنه ، وعشش في فارس في آخرها ، وتمكن أيام العباسيين من كسر رأس الخلافة وإسقاط بغداد بتلك القبضة الثنائية على رأس الخلافة الإسلامية عندما دمرها التتار ..
ثم علت هذه الضربة لتضرب الخلافة العثمانية في عهد سليم الأول حيث الحروب مع الصفويين ، حتى تم القضاء على الخلافة في عهد الخليفة السلطان عبد الحميد ..
فمن يفصل هذه المرحلة عن سابقاتها إنما يعيش في وهم كوهم المغفل الذي كان يعيش في تلك المراحل ، وكان يحسن الظن بتلك العمائم السود ... حتى دخلوا بيته وأدخلوا التتار داره ، وكان الثمن هو ما حكاه التاريخ من قبل من مآس للإسلام والمسلمين ..
إنها قبضة جاهزة لضرب الإسلام متى علا رأسه في أي بقعة من بقاع الأرض، وفي أي مرحلة من المراحل الزمنية .
كيف لا تعلو هذه القضية اليوم على رأس صدام ... كيف وقد أذاقهم صدام مرارة الهزيمة حين دمر الأحلام الخمينية ، وحال بذلك بين تشابك القبضتين ما بين الأم وربيبتها ، وحرم الحوزة الشيعية حلمها بهلالها الشيعي من إيران ومروراً بالعراق وسوريا حتى فلسطين لكي يحصل الأمان والاطمئنان لبني عقيدتهم من اليهود ، والضحايا في ذلك أهل السنة والشرفاء من الشيعة الذين رفضوا الانسياق لجرائم الحوزة ، وأكبر شاهد على هؤلاء الشرفاء شيعة الأهواز العرب في إيران وعلى رأسهم الأستاذ الفاضل صباح الموسوي والخالصية في العراق والشيخ الشيعي الكبير حسين فضل الله وأتباعه في لبنان [ ولا أقصد حزب الله وجلاوزته ] ، ومن المثقفين الأستاذ الفاضل محمد الكاتب ، وغالبية عوام الشيعة والذين لو سلموا من شر هذه الحوزة لكانوا في محبة وأخوة مع إخوانهم من أهل السنة .
إن هذا التشابك لا بد أن يتحقق يوماً من الأيام القادمة كما أخبر النبي rحين يخرج الدجال من إيران وتحديداً من أصفهان الإيرانية ليصل إلى غايته فلسطين ، حيث جنده وبني ملته اليهود بانتظاره هناك ، لكن الله يمنعه من دخول المسجد الأقصى أما فلسطين فنعم ..
ومن كان يعلم كيف سيكون حال الأمة اليوم لو عبرت القوات الخمينية العراق وطرقت أبواب الكويت والدمام وما ورائها ؟
ولم تكن هذه الحلقة هي الحلقة الوحيدة في صراع الرجل مع اليهود ، وسيتبين لنا الأمر تفصيلياً عند الرجوع بعد قليل لذاك البحث المحكم المنشور في ' مفكرة الإسلام ' إن شاء الله تعالى .
الإصبع اليهودي الرابع : بصمات اليهود الظاهرة في المحاكمة:
وهذه تحتاج إلى دراسة كل الحيثيات وملابسات المحاكمة ابتداءً بالقضاة، ومروراً بلباس صدام في الجلسة ، وكذا تاريخ المحاكمة ويومها ، وانتهاءً بما ظهر منها ، وتحقيق ذلك متروك للباحثين وللوقت مع الربط والتحليل ، والوقت يضيق عندنا الآن على هذا .
أما ما اختار اليهود إظهاره للناس من هذه المحاكمة ، فلقد أظهروه لسببين :
أما الأول فلأنه كما يظنون أنها أضعف أجوبة صدام ، ومع هذا فقد كان فيها إبهاتهم ، وأما الثاني ففيه البصمة اليهودية بإثارة الخلافات القديمة بين صدام وجيرانه وهي طريقة اليهود المعروفة ..
فمتى ما خرجنا بهذه المحاكمة من قوقعة تلك القاعة إلى رحابة التاريخ ورباط العقائد ، فقد وصلنا إلى التحليل الصحيح وعندها تتكشف الحقائق ويغتاظ العدو ، ونعرف أن المسألة خطيرة وخطيرة جداً ، وأغوارها بعيدة ...
وقد جاء في مقدمة ' العقد الأخير ' قول المؤلفين :
' إننا نود أن نسابق الوقت لنكتب كإسلاميين ... قبل أن يصبح القلم الإسلامي يخط التاريخ الإسلامي بمداد يهودي وفهم يهودي لهدف يهودي ... ليتلقاه القارئ الإسلامي معتقداً ، ومستسلماً ، ومتبيناً ، وداعياً .... ! وهذا هو ما نراه اليوم بعد رحيل صدام ، فالجميع يعزف ذات السمفونية اليهودية من غير نشاز يذكر ، سواء في ذلك الشارع العراقي أم الشارع الأمريكي ، المذيع الخليجي أم المذيع العربي أم الأجنبي ، الصحفي العربي أم الصحفي الأجنبي ... وكأن الملهم للجميع أصبح واحداً مع منح الأبواق الحرية في الإخراج والصياغة لتحقيق ذات الهدف .
ولذا فقد رأينا من الإثم العظيم أن يُترك التاريخ يكتب بأذواق يهودية معجونة بنكهة صليبية بخُمرة علمانية عربية ، مكوِّنة كعكة صهيونية مغولية جديدة باللغة العربية المجيدة ..!
فمن شهد الحقيقة الغائبة بعينه ثم رأى الحكم فيها قد صدر بناءً على شهود الزور ، لم يكن له وهو الشاهد للواقعة أن يسكت ... مؤثراً السلامة لنفسه ، تاركاً السيف يأخذ مجراه على عنق المحكوم عليه ...!
وإننا إذ نكتب هذه الكلمات إنما نكتبها في وقت سقط فيه صدام حسين من على كرسيه إلى الأرض .. أو سقط رأسه من الأرض إلى باطنها ... فالله وحده أعلم بالحقيقة .
وعليه فلا تهمة هنا من خوف أو طمع ، إنما هي الحماية للأمة قبل الحماية لصدام ، والحماية للتاريخ الإسلامي من العبث اليهودي والصليبي ، وتذكيراً لجموح المتهافتين أن : توقفوا قليلاً عن هذا الاندفاع المحموم ... ' انتهى
لكن ليست هذه الأدلة المذكورة هي الأدلة الكبرى على يهودية المحكمة وحكامها ، إنما الأدلة هي المقدمات الكبرى التي أفضت إلى هذه المحكمة الصغرى في حجم قاعتها الكبرى بأبعادها التاريخية والعقدية والتحليلية ..
وسوف نتناول عينات من عداء صدام لليهود وعليك أن تقارنها بالمواقف الأخرى لأمثاله ننقلها من ذلك البحث المذكور لأغني القارئ عن قراءتها هنا ، وربطها جيداً بالحلقة الأخيرة والمحاكمة القصيرة ... جاء في الكتاب :
الموقف الأول ـ الصراع النووي:
الحقيقة أن هذه حلقة واحدة من الصراع، لكنها حلقة مظلمة وطويلة ومريرة ومستمرة إلى لحظة سقوط بغداد .. وبعدها انفتح الطريق أمام اليهود ..
صراع متواصل بين المخابرات الإسرائيلية والمخابرات العراقية ... وملاحقات حول صفقات أرادها العراق، وأراد منها الحصول على السلاح النووي، وعلماء عراقيون كثر أرسلهم صدام كي يتمكنوا من هذا العلم ليأتوا بسره إلى العراق من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول ... وعلماء عرب استقطبهم صدام ومنحهم كل ما يريدون حتى يحققوا حلمه باقتناء السلاح الذري، ومصانع حاول شراءها وخصوصًا من أوروبا الشرقية ومن الجمهوريات الروسية المنحلة، ومحاولات ... ومحاولات .....
وقصص تكفي لعرض مسلسلات بوليسية تلفزيونية تستمر لسنوات ..!
وعلى سبيل المثال: نذكر من تلك القصص ما ظهر للناس من طرد وقتل بعض العاملين من إحدى الدول العربية في العراق وترحيلهم إلى بلادهم ... ذلك أن العراق حين فتح الباب أمام هذه الجالية للعمل في العراق في الزراعة والصناعة والتجارة المحلية وغيرها، حتى بلغت أعدادهم أكثر من ثلاثة ملايين ... عندها تمكن الموساد من خلال رجاله المتغلغلين في هؤلاء من دخول العراق حتى استطاعوا أن ينفذوا إلى أضخم معامل التصنيع العسكري العراقية، حتى يتمكنوا جيدًا من تلك المصانع إلى اللحظة الحاسمة التي استطاعوا تفجير عدد منها في وقت واحد، وقد كان منها مصانع صواريخ ضخمة ... وبعد التحقيق تبين أن الموساد هو صاحب اليد الخفية فيها ... فتتبعوا بقايا رجاله وعملائه في العراق فأخذوا جزاءهم .. ورحل من رحل منهم إلى بلدهم ... وبقي أكثر هؤلاء في العراق وهم يشهدون إلى هذا اليوم بأنهم عوملوا معاملة الضيف طوال إقامتهم الطويلة، إلا بعض حالات فردية لا يمكن إنكارها ...
أما صدام نفسه فقد كان يأمر مرارًا بوجوب مساواة هؤلاء بالعراقي في كل شيء ...
لقد كانت ضربة أليمة وموجعة للتصنيع العراقي في ذلك الوقت العصيب !
الموقف الثاني ـ ضرب المفاعل النووي العراقي :
لقد كانت إسرائيل أكثر حذرًا وأبعد نظرًا من هؤلاء العرب الذين أساؤوا الظن كثيرًا حين علمت أن العراق قد أوشك على الانتهاء من استكمال المصنع الذري العراقي، وما بقي بينه وبين صناعة القنبلة الذرية إلا أشهر ...
لقد كانت إسرائيل أكثر وعيًا من هؤلاء الذين ظنوا أن العراق إنما صنع هذه الصناعة العظيمة للهجوم عليهم، في وقت لم يكن صدام قد هاجم فيه الكويت بعد ..!
هذا وهم يعلمون أن هذه الدول أهون من أن يستخدم صدام معها السلاح الذري ...
والدليل ظاهر ... أليست إيران أقوى دول المنطقة ... لقد ذاقت إيران أقسى هزيمة ... وتجرع الخميني عندها السم باعترافه هو ... هذا ولم يستخدم معها صدام سلاحًا ذريًا ... فكيف يطلق ذلك السلاح على الكويت وهي لم تقف من أولها إلى آخرها أمام جيوشه ساعة واحدة ؟!!
إذًا فدعوى أن العراق إنما أراد امتلاك السلاح الذري لتهديد دول الجوار، إنما أراد به الأمريكان والإسرائيليون إعانة دول الجوار عليه إذا ضربوه، وقد كان لهم ذلك ..
وإن الخطأ الذي يبقى معذبًا لصدام ـ بغير شك ـ حتى يموت، هو وقوفه تلك الليلة وبيده قطعة بحدود النصف ذراع، وقد ظهر منتشيًا يتساءل .. أتعرفون هذا ..؟ هذا هو القاذف الذي صنعه أبناء العراق .... والذي به سوف أحرق نصف إسرائيل !
نعم؛ لقد أراد صدام بهذا الخبر المفاجئ أن يضع إسرائيل أمام الأمر الواقع فلا تستطيع عمل أي شيء إذا علمت بأنه تم للعراق استكمال صناعة القنبلة الذرية كي تمضي الأشهر المتبقية فيتم له ما يريد فعليًا ... ومن يدري فلعل ذلك كان نتيجة شك منه أن لدى إسرائيل علم بعدم انتهاء صناعته، فأراد أن يقطع المسألة عندهم ... فأعطاهم هذه المعلومة كي يسقط في أيديهم ... ولعل إسرائيل كانت على علم مسبق بما وصل إليه البرنامج الذري العراقي من خلال خيوط أخطبوطها المهيمن على عموم مصادر السلاح الذري في العالم، أو لعلها تفحصت المفاعل الذري العراقي من خلال الأقمار الصناعية الأمريكية التي ما وجدت الرنين الذري أو الوميض الذري في المفاعل فاستعجلت الهجوم . فكانت تلك الضربة القاضية بالمعونات العربية المعروفة !
لقد كان صدام والإسرائيليون يعرفون جيدًا النص الوارد في بعض الأسفار[سيكون ملك بابلي يحرق نصف إسرائيل] ...!
أما هؤلاء العرب فما كانوا يعرفون أكثر مما يقال لهم، ولا يثقون إلا بعدوهم ..!
وبعدما دمرت إسرائيل المفاعل الذري العراقي قام صدام وقال: سوف نرد على إسرائيل في اللحظة المناسبة ...ومنذ ذلك الحين وهو يسعى لتحقيق وعده ذاك ... وجاء دور المدفع العملاق ... والذي ظنناه في وقته وهمًا مصطنعًا أراد العدو من خلاله أن يقدم مبررًا لضرب العراق، ولكنه كان فعلًا حقيقة ... وقد شرع العراقيون يبنون موقعًا للمدفع تحت الأرض بأربعة عشر طابقًا، وأما وصف طبقة الخرسانة وضخامتها فهذا شيء مذهل، وأما قصة المدفع الأساسية فإن الذي أبدع فكرته كان عالمًا كنديًا ... فذهب إلى أمريكا وعرض عليهم الفكرة .. فرفضوها لسببين:
الأول: استغناؤهم عنها بالصواريخ ...
والثاني: تكلفته الباهظة ...
علمًا بأنه لا يوجد في أمريكا ولا في غيرها مدفع عملاق، وحين علم صدام حسين به أرسل له مباشرة ووقع معه اتفاقًا سريًا، وشرعوا في العمل ... وجيء بقطعة عملاقة، وعندها اكتشفت للمخابرات البريطانية الخبر وأمسكت السفينة ...
وكان مدى هذا المدفع أكثر من ألفي كيلو متر ... أي أبعد من إسرائيل ويغني عن الصواريخ في الوصول إلى الهدف المطلوب ..
ومع هذا استمرت محاولاته المستميتة لتحقيق وعده ...
ولقد بدأ الرئيس العراقي بمفردة عربية غريبة ، حين فكر بإنشاء جيل من العلماء العراقيين الكبار، فكان يسمى [أبو العلماء]، فلقد جعل جلّ وزرائه من أساتذة الجامعات وحاملي شهادات الدكتوراه، ومنهم علماء كبار في علوم الذرة كالدكتور [عامر رشيد] وزير النفط العراقي وزوجته العالمة الجرثومية المسماة في أمريكا بـ [الجرثومة]، وعالم الذرة الدكتور [همام عبد الخالق] وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وهو مطلوب لأمريكا وإسرائيل قبل الحرب، وقد أشاعوا أنه سلم نفسه ... والله أعلم بالحقيقة .
ثم أنشأ جيلاً كبيرًا من العلماء، وأغدق على إبداعاتهم، وأنفق على دراستهم في الخارج وأتى بهم إلى العراق ووفر لهم ما يريدون، وأنشأ لهم وزارة أسماها: وزارة التصنيع العسكري، وهيئة كبرى اسمها: هيئة الطاقة الذرية ... وأتى لهم بعلماء ذرة من روسيا المتفككة وغيرها ... وما يأتي بعالم إلا ويجعل العراقيين يصحبونه، حتى يأخذوا عنه علمه .
بقلم: طالب العلم العراقي
[mark=FFFF00]للموضوع بقيه...[/mark]
المفضلات