[align=center]
باع المسكن , والسياره , وكل ما يملك , بل وحتى المسواك لو وجد لبيعه سبيلاً .. لفعل , بل إنه مال إلى الذي لا يملكه كصداق زوجته , أو ما حازت عليه من مالٍ قبل أن تقبل به زوجاً . ثم ذهب بكل ذلك لكي يستثمره وينميه ( زعماً ) وإن كان غير ضليعٍ بالإستثمار وغير جديرٍ بالتنميه , لكنه يفهم ( أو أُفهم ) بأنه سيحصل على ربع المبلغ المُستثمر خلال شهرين , ونصفه إن صبر لمدة نصف سنه , أما إن عاهد نفسه على صبر أيوب , وأنه سيتحمل ما هو مقبلٌ عليه من أيامٍ عجاف , فإنه سيحصل على الضعف , وذلك بعد سنةٍ واحده .. فقط !!
فكان أن جُمع الجمع في يوم جمعه , وقبل عيد رمضان الفائت , ليتَبَلغوا خبر تجميد أموالهم , وليتوشحوا عندها بوشاح الحزن والأسى , وإلى يومنا هذا ...
وأنا هنا لا أشمت بهم , بل لأنني كنت يومها كجلمود صخرٍ , مندفعٍ في سبيل حياةٍ أفضل , لولا أنني استخرت وتأخرت , وأحمد الله على أنني لم أكن مع هذا الجمع ...
الآن قد اتجهت الأنظار إلى سوق الأسهم السعوديه , وأخذ الناس يُضاربون اليوم على طليان المكيرش , وباصات النقل الجماعي , وفجل مزارع بيشه وكراث تبوك , وقشطة المراعي , وربما حليب السعوديه , وأيضاً ما هو غير ذلك ...
علمت بأن أحدهم قد باع منزله ليسكن فيه مرةٌ أُخرى كمستأجر , وأن هناك من باع سيارته الفارهه , ليمتلك ايسوزوا 82 ومن ذوات العراوي الخمسه ..
وكل ذلك في سبيل تحسين الوضع المالي لهم ولآل بيتهم , ولإضفاء الرفاهية ومظاهر الغِنى عليهم , وليس في ذلك عيبٌ أبداً , بل هو من المشروعات والتي يُحث عليها , مالم تدخل في نطاق المحضورات ...
أقول قولي هذا وأنا أشحذ العزمَ , وأقوي من الهمهَ , وقد شمرت عن ساعدي , وعقدت شماغي على رأسي وكأنني من أهل الأهوار , ثم أعددت كنانتي لكي أملاءها بما قدِرت عليه من أسهم , وعلى الله اتكلتُ وبه استخرت ...
لكنني أجهل أمر هذا السوق , ولا أعلم عنه إلا بما أخبرني به أحد الرواد والنشطاء فيه , والذي يقول بأنه يجد الآن قوت يومه ويوم عشيرته إن أراد ذلك , بعيداً عن ما نُسميه نحن ( ثم قام بحركات وإيماءات ) علمت حينها أنه يقصد .. الراتب !!
فهو يتوجد على أيامٍ قد أضاعها بعيداً عن سوق الأسهم , أيامٌ كان يكابد فيها الثالوث الخدماتي والذي يأتي على ثُلث ما يرد عليه شهرياً , أو ما نسميه نحن بالراتب !!
يخبرني ( يومها ) أنه بالأمس قد قفزت الأسهم الزراعية عالياً , حتى وكأنه يشاهد بيشه للزراعه وهي تتراشق بالطماطم والخيار مع الجوف الزراعيه في سبيل الوصول للقمه , ثم يقول , وكُنت قد ربحت .. كيت وكيت !!
قد سألت هذا الضليع عن خبايا هذا السوق , لكنه ومع أنه صاحب كارٍ فيه , إلا أنه لا يعلم عن مناخ السوق شيئاً , بل تفضل بالقول , بأن علي أن أتتبع خطواته وسكناته وقيامه وقعوده , فإذا إشترى .. اشتريت , وإذا باع فعلت مثله , وأن أُحضر معي .. سبحه و بندولاً !!
وكان أن سألني أحد النشطاء والرواد في سوق الأغنام , كسؤالي للرجل في المقطع السابق , ولأنني كنت كثيراً ما أًحدثه عن العوائد والفوائد التي يحوز عليها أصحاب الأسهم , فقد خجلت أن أقول له لا أعلم , ورحم الله أمريءٍ قال لا أعلم !!
فقلت له , إذاً دع عنك إذنُ التيس بعيداً , وتعال لأُحدثك .. وبالطريقة التي تفهمها ...
إعلم يا رعاك الله , أن الزيادة في النفط ومشتقاته , ترفع من أسعار المنتوجات الزراعيه , لإعتمادها على الآلات والمعدات , وهذا ما يزيد من قيمة الأعلاف , حيث يتأثر بذلك صاحبك وممولك في الحدود الشماليه , مما يسبب له القلق والأرق جراء هذا الغلاء , وقد يسارع بالإتصال بإبنه الذي يدرس في تبوك كي يسعفه بالمال , وهذا ما قد يرفع من أسهم الإتصالات , ويُعزز أيضاً من أسهم البنوك وخصوصاً الراجحي , وذلك بسبب التحويلات البنكيه , أو أنه ربما ( وهذا هو الراجح ) سيضطر آسفاً ومجبراً لا بطلاً , بأن يقوم بتصريف البهائم لديه في السوق , وهو ما يجعل العرض أكثر من الطلب , فيقل عندها سعر الشراء للطلي الواحد إلى النصف , وهو ما يؤثر سلباً على أسهم المكيرش , وقد يساعد ذلك على الزيادة في إستهلاك اللحوم الحمراء الوطنيه , مما يُسقط أسهم شركات الأسماك , وهذا ما سيجري بلا ريبٍ , على قطاع النقل البحري , لعدم الحاجة لإستيراد اللحوم من الخارج , وكل ذلك سيؤدي إلى بزوغ نجم شركة الدوائيه !!
قام الرجل عندها وهو ممسكٌ بسكينه , آسفاً على إضاعة وقته معي , ورأيت التيس وكأنه يقول , هلا أطلت بالحديث معه !!
بصـــــــــــــــــــــــراحه ...
إن أمر السوق مطمع , وأخشى مع ذلك أن أحل شماغي الذي عقدته فوق رأسي , ثم أفترشه على .. الأرض , وأنا أقول ...
لا تعجب إذا اضطربت خطانا ... وساومنا على الأمجاد سهمٌ
فليتني أجد من ينورني !!
[/align]
المفضلات