ان ازمة الأخلاق بين المسلمين هي من اشد الازمات بروزا لاعتقادهم انه ليس ثمة تلازم بين العبادة والسلوك.
فهو مع اعتقاده بأنه مسلم والحمد لله ويصوم رمضان وقد يصلي اولا، إلا ان ذلك لا ارتباط له البتة في سلوكه الظاهر والباطن.
فهو مسلم يكذب، مسلم مفتر، مسلم يستهزئ بالآخرين، مسلم يسب الدين، مسلم يكره الجهاد وشعائر الاسلام، مسلم متسلط، مسلم منافق، مسلم متسلق على الآخرين، مسلم يفرح بهزيمة المؤمنين وتدمير دولهم، مسلم ينصر الكفار على المسلمين ويدعمهم، مسلم مرتش، مسلم لسانه رطب بالسب والشتيمة.
وعلى المستوى النفسي الداخلي فهو مسلم حقود، مسلم حسود، مسلم متشبث في الدنيا اكثر من الدنيا نفسها.
مسلم اناني، مسلم ربه الدرهم والدينار، مسلم عابد لشهوته وهواه، مسلم ولاؤه وقلبه مع اعداء دينه، مسلم لا يهمه امر المسلمين في اي مكان وانما يهمه نفسه وخاصته.
ان هذه الازمة الكبرى برزت على كل المستويات فهي في العلمانيين والليبراليين والاسلاميين والجامية المداخلة، وغيرهم ممن ينتسب للإسلام.
وقد دلت الأدلة الشرعية على ان هناك تلازما وثيقا بين العبادات والأخلاق فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهي ليست حركات جوفاء بل لها اثر على السلوك والعبادة حتى العطف على المسكين هو من آثار الصلاة قال تعالى (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين).
فلو صلوا لأطعموا المسكين (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون)، فلو صلوا لما منعوا الماعون.
وليس الصوم مجرد إمساك عن الطعام والشراب بقدر ما هو تهذيب للنفس البشرية ولذا قال صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه».
وليست الزكاة هي اداء حق واجب بشكل مجرد بقدر ما هي شعور بالآخر وطهارة للنفس (خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
ان العبادات التي يمارسها الناس اذا لم يكن لها اثر على أخلاقهم وسلوكهم اليومي فلن نتحصل منها على فائدة مرجوة وتمعن معي في حديث المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصوم إلا انه شتم هذا واخذ مال هذا وسفك دم هذا، ان الصلاة لم تؤثر في سلوكه، فتؤخذ حسناته وتوزع على من ظلمه ثم تؤخذ سيئاتهم فتلقى عليه ثم يطرح في النار.
بل وكثرة العبادات بأنواعها وخصوصا للنساء اذا لم تؤثر على سلوكها فإنها في النار كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة تكثر من الصلاة والصوم إلا انها تؤذي جيرانها فقال: لا خير فيها هي في النار.
وسئل عن امرأة تصوم وتصلي لكن ليس لها عبادة كثيرة ولا تؤذي جيرانها فقال: هي في الجنة.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
نعم ان هذه الصور من العبادات الظاهرة اذا لم تعكس احساسا عميقا بانتماء الانسان لهذا الدين العظيم وتفاعله مع اوامره وتعاطفه مع اهله وقضاياه فإنه لباس شفاف ظاهر لا يستر ما تحته كما قال تعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).
انه اسلام اللسان دون حقيقة اثره في القلب.
ان المسلم الحقيقي هو من يحمل أخلاق الإسلام وعقيدة الإسلام لا ان يحمل اسما بغير معان تترجمه على أرض الواقع.
ان اقواما من المسلمين نقضوا إيمانهم وهم يظنون انهم ما زالوا على الإسلام فسبوا الدين واستهزأوا بالمؤمنين وفرحوا بهزيمة اهل الاسلام ووالوا اعداء الدين ونبذوا شريعة الله وحاربوا المصلحين كل ذلك ظنا منهم انها حرية وفي سبيلها تجاوزوا الخطوط الحمراء وكسروا حاجز الولاء والبراء.
ومثلهم من يبحث عن الشهرة من خلال سب حملة الدين.
اننا في حقيقة واقعنا لا نحتاج الى كثير من المعرفة ولا الى المعلومات, بقدر ما نحتاج الى بيان اثر هذه المعلومات والعبادات على سلوكنا وأخلاقنا.
اي أخلاق يحملها من حرص على الإسلام ظاهرا وهو يمارس النفاق والكذب وسوء الادب باطنا وحرص على الدنيا وتكبر وصد عن المسلمين.
ولك ان تقول مثل ذلك في العلمانيين والجامية المداخلة الذين تزوجوا ففرخوا افراخا تدعو الى الاسلام بأشكالهم ويهدمونه بأفعالهم.
اعلاه هو مقال للاستاذ طارق الطواري.
المفضلات