نظام التواصل باستبدال الصور
Picture Exchange communication System (PECS
الكاتبة/ مهى الهلالي - الجمعية المصرية للتوحد - القاهرة
==================================
تعد مشكلات التواصل Communication Impairments من أعقد المشكلات التي يعانى منها الطفل التوحدي، حيث يعجز عن اكتساب واستخدام اللغة, فيظل ما بين 20%-50% من هؤلاء الأطفال بكما طوال حياتهم بينما تعانى النسبة المتبقية منهم من القادرين على الكلام من مشكلات لغوية عديدة وهى:
-ضعف نمو الكلام الوظيفي Functional Speech ,
-ترديد الكلام Echolalia ,
-قلب الضمائر Pronominal reversal ,
-افتقار الصوت للجانب الإيقاعي حيث يتسم بالجمود او الفتور Problems with prosody.
وصعوبات التواصل السابق ذكرها ليست مشكلة في حد ذاتها وانما تتضح خطورتها من خلال الآثار المترتبة عليها، ومن أهمها الإضطرابات السلوكية التي تنتاب الطفل المتوحد نتيجة لعدم امتلاكه وسيلة اتصال تمكنه من التعبير عن رغباته، سواء كانت هذه الوسيلة لفظية أو غير لفظية، فعندئذ يلجأ إلى السلوكيات التي يمكنها أن تؤثر علي الآخرين من حولة كالبكاء, الضرب, قذف وتدمير الأشياء الموجودة أمامه, وغيرها من السلوكيات التي تجعل الآباء يسارعون لمحاولة تهدئة الطفل بأن يعرضوا عليه كل الأشياء المحببة إليه من أجل تحديد ما يريد، مما يعزز سلبيا تلك السلوكيات لدى الطفل ويقوى ظهورها باستمرار.
هكذا تتضح أهمية التواصل الوظيفي التي يحتاج إليها الأفراد ليعبروا عن احتياجاتهم وليشتركوا في تفاعل اجتماعي متبادل مع الآخرين.
وتتعدد طرق التواصل ومنها (الكلام, لغة الإشارة, الصور, ….) مما يعني أن الطفل الذي يعانى من ضعف نمو اللغة يمكن أن يتعلم التواصل من خلال تعلم شكل من أشكال التواصل العيني أو المرئي مثل الصور والإشارات.
لذلك بدأ الاهتمام بما يسمي نظم التواصل البديلةAugmentative Communication Systems (AAC) والتي تم إعدادها لتستخدم مع ذوى صعوبات التواصل الشديدة، ومن أمثلة تلك النظم:
- لغة الإشارة Sign language
- لوحات التواصل Communication Boards
- أجهزة التواصل الإلكترونية Electronic Communication Devices
إلا أن تلك النظم تشوبها بعض الصعوبات التي تحد من فعاليتها، حيث تتطلب لغة الإشارة أن يتمتع الطفل بمهارة التقليد الحركي motor imitation ، هذا بالإضافة إلى إنها لا تعد مفهومة لكل من يتعامل مع الطفل حيث تتطلب تدريبا خاصا علي فهمها, بينما يتطلب استخدام لوحات التواصل أن يكون الطفل باستمرار بصحبة أحد الأشخاص حتى يستطيع رؤيته أثناء الإشارة إلى الصورة المعلقة علي لوحة التواصل, في حين تتطلب أجهزة التواصل الإلكترونية أن يكون الطفل قادر علي القراءة والكتابة.
لهذا كانت هناك حاجة ملحة إلى إيجاد طريقة أخرى يمكنها تلافي ما في الطرق السابقة من صعوبات ويعد نظام التواصل باستبدال الصور (Picture Exchange Communication System (PECS) أحد هذه النظم، ويهدف نظام البيكس إلى تنمية مهارات التواصل من خلال محتوى ذو معنى بالنسبة للطفل بما يدعم دوره كبادئ لعملية التواصل اكثر من اعتماده على الآخرين من الكبار.
وقد اعد هذا النظام كل من اندرو بوندي ولوري فروست Andrew Bondy , Lori A Frost من برنامج دلاوير بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1994 وقد قاما باعداده ليستخدم مع الأطفال المتوحدين Autistic children وغيرهم من ذوي الاضطرابات الارتقائية Pervasive Developmental Disorder (PDDs) وكذلك مع ذوى الاضطرابات التواصلية الاجتماعية.
ولقد أعد هذا البرنامج بواسطة برنامج دلاوير للأطفال التوحديين كاستجابة للصعوبة التى وجدها أخصائي البرنامج طوال عديدة جربوا خلالها الكثير من البرامج التدريبية للتواصل مع الأطفال التوحديين. وخلال محاولتهم وضع مهارات للمحاكاة الحركية و/أو الصوتية، وبينما كانوا يدربون الأطفال على ذلك، اكتشفوا أن الأطفال ما زالوا يفتقرون لوسيلة مناسبة (أو يعتمد عليها) للتعبير عن حاجاتهم ورغباتهم الأساسية. وكنتيجة لذلك كان الأطفال غالباً ما يعبرون عن احتياجاتهم بمجموعة من السلوكيات التي يصعب تعديلها.
وحينما حاولوا استخدام لغة الإشارة مع الأطفال التوحديين ببرنامج دلاور وجدوا صعوبة مع بعض الأطفال الذين كانوا يفتقرون للقدرة على المحاكاة بأسلوب فعال. فاستبدلوا ذلك بأسلوب الإشارة للصور، فاكتشفوا أن الأطفال يستخدمون الكثير من حركات اليد سواء بهدف الاشارة أو بغير هدف، مما تعذر معه فهم ما يحاولون فهمنا له، فنقص هذا السلوب التبادل الذي يعبر عن رغبتهم في التواصل.
وهنا جاءت ميزة استخدام برنامج تبادل الصور PECs لأنه يمنح فرصة التواصل بواسطة الصور للأطفال التوحديين داخل سياق اجتماعي يكون الطفل فيه ايجابيا ومبادرا في عملية التواصل نفسها.
والأطفال الذين يستعينون بهذا البرنامج يتعلمون كيف يتقاربون ويعطون الصور الخاصة بشئ مطلوب لشريكهم في التواصل ويبادلونه بهذا الشئ وبواسطة هذا الأسلوب ، يبادر الطفل بالتواصل للحصول على نتيجة مادية داخل سياق اجتماعي .
ويتكون نظام التواصل باستبدال الصور (PECS) من 6 مراحل متتابعة وهى :
المرحلة الأولى:مرحلة التبادل The Physical Exchange
================================
الهدف من هذه المرحلة ان يتعلم الطفل الطلب تلقائيا Spontaneous requesting وذلك من خلال استخدام شيء نضمن شدة تعلق الطفل به (شيبسى ) مثلا. ونقوم بتدريب الطفل علي نزع الصورة الخاصة به ووضعها في يد المدرب لاستبدالها بالشيء نفسه, وفي هذه المرحلة يتم مساعدة الطفل مساعدة جسمية للقيام بعملية الاستبدال مع مراعاة تقليل المساعدة تدريجيا حتى يستطيع الطفل الاعتماد علي نفسه اعتمادا كليا.
المرحلة الثانية: تنمية التقلائية Expanding Spontaneity
===============================
الهدف من هذه المرحلة تدريب الطفل علي ان يذهب إلى لوحة التواصل لسحب الصورة التي تماثل الشيء المرغوب ثم العودة إلى المدرب ليضع الصورة في يده.
المرحلة الثالثة: تمييز الصور Picture Discrimination
==============================
الهدف من هذه المرحلة أن يكون الطفل قادر على تمييز الصورة التي تماثل الشيء المرغوب من بين عدد من الصور المقدمة له على لوحة التواصل.
المرحلة الرابعة: تكوين الجمل Sentence Structure
==============================
الهدف من هذه المرحلة أن يكون الطفل قادر علي أن يطلب الأشياء الموجودة وغير الموجودة أمامه مستخدما كلمات متعددة.
المرحلة الخامسة: التفاعل عند سؤال "ماذا تريد؟" Responding to (What do you want )
====================================================
الهدف من هذه المرحلة أن يكون الطفل قادر علي أن يطلب كثير من الأشياء بصورة تلقائية وان يجيب علي التساؤل ماذا تريد ؟ مستخدما شريط الجملة الخاص به.
المرحلة السادسة: التجاوب والردود التلقائية Responsive and Spontaneous commenting
=====================================================
الهدف من هذه المرحلة أن يجيب الطفل علي ماذا تريد ؟ ماذا تري ؟ ماذا تملك ؟
what do you want ? what do you see ? what do you have ?
وفيما يلي عرض لأهم المبادئ أو الأسس التي يستند إليها ال PECS :
=========================================
1- الاستناد إلى مبدأ من أهم مبادئ نظرية تعديل السلوك التحليلية Applied Behavior Analysis (ABA) وهو الاهتمام بنتائج أو عواقب السلوك الوظيفي Functional behavior sequences حيث يتعلم الطفل من خلال عملية الارتباط الشرطي أن هو البادئ بعملية التواصل بدلا من الاعتماد علي مساعدة الآخرين من الكبار.
2- مشكلات اللغة تنقسم إلى مشكلات فهم understanding (comprehensio ومشكلات تعبير expressive language ويعد تنمية جانب الفهم لدي الطفل اكثر أهمية من محاولة تدريبه علي إصدار أصوات او الإشارة أو الكلام وهي محاولات عادة ما تفشل نظرا لعدم فهم الطفل لها , هذا المبدأ يؤكد لنا أهمية استخدام الطفل للصور في عملية التواصل باعتبار ان الصورة هي أكثر العناصر المحققة لجانب الفهم نظرا لوضوحها وسهولة تفسير معناها.
3- الاعتماد علي المعززات المحسوسة tangible rewards في تعزيز الطفل المتوحد أكثر من الاعتماد على المعززات الاجتماعية social rewards علي اعتبار ان تأثر الطفل المتوحد بالمعززات المحسوسة أقوى , ولهذا يراعي عند بدء التدريب البدء بالأفعال الوظيفية functional acts والتي تمثل في حد ذاتها معززات محسوسة تساهم إلى حد كبير في تشكيل تعلم الطفل.
4- الاستناد إلى حقيقة هامة وهى ان الطفل المتوحد يتمتع بذاكرة بصرية قوية مما يعنى ان الاعتماد في تعليمه على الصور يسهل من عملية التعلم.
5- التدعيم الفوري للاستجابة يعزز من تكرار ظهورها وهو ما يقوم عليه الـ PECS بالفعل حيث يحصل الطفل علي ما يرغب فور استخدامه للصورة بشكل صحيح.
6- البدء بتعليم الطفل لغة بسيطة يمكنة فهمها تبدأ من كلمة واحدة وتتدرج في الصعوبة حتى تصل إلى جملة طويلة معقدة.
7- البدء بتعليم الطفل مهارة الطلب Mand skill باعتبارها أولى خطوات تعليم الكلام حيث أن تدريب الطفل علي طلب الأشياء وتسميتها يعد متطلبا أساسيا لتعلم المحادثة.
8- تقييم قدرات واحتياجات كل طفل قبل بدء التدريب وذلك باعتبار أنه لا يوجد اثنان من الأطفال لهما نفس مواطن القوة او نفس الاحتياجات وهو ما يعرف بمبدأ الفروق الفردية. مثال: تحدد قدرات كل طفل الشكل الذي ينبغي أن تكون علية الصورة من حيث النوع ( فوتوغرافية , أم رمزية , أم شاملة للشيء نفسه ) ومن حيث الحجم ( كبيرة , أم صغيرة )
اعتبارات هامة يجب التأكد من توافرها قبل بدء التدريب :
=================================
1- القيام بعملية ( تقييم المعزز ) Reinforcer Assessment والتي تحدد وتنظم رغبات الطفل طبقا لأولويتها أو أفضليتها عنده وعمل قائمة أو جدول يشمل هذه المعززات مرتبة طبقا لأوليتها لدى الطفل.
2- إعداد الصور بالشكل الذي يضمن فهم الطفل لها (إعدادها في ضوء قدراته ).
3- اهتمام الأسرة وبشكل خاص الأم وايمانها بأهمية الـ PECS في مساعدة طفلها علي تنمية مهارات تواصل وظيفية يعد من الاعتبارات الأولية قبل بدء التدريب وذلك من اجل ضمان تحقيق التكامل بين المدرسة والمنزل.
4- ان يتمتع القائم بعملية التدريب علي الـ PECS بأبسط فنيات التدخل السلوكي والتي تمكنه من إتقان دوره كأن يكون مستعد لمساعدة الطفل في الوقت المناسب وأخذ يده ومساعدته علي الإمساك بالصورة ووضعها في يد الشريك الآخر في عملية التواصل وأن يراعي التقليل من هذه المساعدات تدريجيا
الصعوبات التي تواجه استخدام ال PECS:
--------------------------------------------------
1- تخوف بعض الآباء وبعض أخصائي التخاطب من استخدام الصور معتقدين ان استخدام الطفل للصورة كوسيلة لتواصل سيؤخر عملية الكلام او يحبطها تماما وهو ما ثبت خطأه كلية.
2- إهمال الأم لاستخدام ال PECS داخل المنزل مما يقلل من فاعليته ويطيل من فترة التدريب.
3- تعقد عملية تقييم المعزز أحيانا وذلك في الحالات الآتية :
- عدم اهتمام الطفل بأي شيء وهو ما تقوله بعض الأمهات وهنا يجب البحث مرات ومرات وتنويع الأدوات والأشياء المستخدمة في التقييم والاستعانة بالمدرسين والآباء في ذلك.
- اختيار الطفل لكل شيء يقدم إليه وهنا يتم عرض الأشياء عليه علي مسافات متباعدة ونسجل له الاختيار الأول ونستبعد الأشياء الأخرى.
- اختيار نفس الشيء باستمرار ، وفي هذه الحالة يجب استبعاد هذا الشيء من عملية التقييم بعد التأكد من أفضليته لدي الطفل.
__________________
المفضلات