لله انت يا أحمد ياسين ، ما اجلدك واشجعك ..
كنا نسمع مقولة ( دم الشهيد نور ونار ) ، ونحن نراها الان ماثلة للعيان عندما رأيت ذلك الدم الطاهر منسكبا على ثرى فلسطين ارض البطولات ..
يخيل اليك وانت تقف على حطام كرسي الشيخ احمد ياسين رحمه الله ان دمه ينساب الى باطن الارض ، ثم تتشربه عروقها لينبت من ارض العزة والكرامة ابطالا اشداء يقفون في وجوه الطغيان والتكبر الصهيوني..
نعم .. إن دم الشهيد نور ونار ..
نور يضي للسائرين في درب الجهاد ولفداء ، ويحيي قلوب الناس الى العزة المستلبة في زمن الاستخذاء العربي ، ليأخذ الشيخ القعيد المبادرة ، ويربي اسودا يفخر التاريخ بهم ، ويسطر بطولاتهم بدم أحمر قان ، ويحيي الله بهم قلوب الناس ...
إن استشهاد الشيخ أحمد ياسين حياة للناس ، ولربما ميت يمشي بين الناس ويدعوهم الى الحياة ..
يا رب حي رخام القبر مسكنه ** ورب ميت على أقدامه انتصبا
يا شيخ أحمد هل سيف تؤجرنا ** فان اسيافنا قد اصبحت خشبا
ان حادث اغتيال الشيخ احمد ياسين تنبي عن امور كثيرة ... فهي تدل على مدى الحقد المستحكم في قلوب اليهود على هذه الامة دينا وتاريخا وخلقا .. فيوقن الانسان أن الله تعالى حين قال ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) انه أمر قدري سيستمر مع هذه الامة الى قيام الساعة ، وحينها يخرس المتفيهقون الذين يبشرون بالسلام العالمي ، والنظام الاوحادي الذي تنصهر فيه كل ثقافات الدنيا ، وتزول من جنباتها الاختلافات العقدية والحضارية والثقافية ..
ومقتل الشيخ ينبي عن التحالف التاريخي العدائي للامة بين اليهود والنصارى ، فهم مختلفون الا على حرب الامة الاسلامية وكرهها ، ومتنازعون في كل محفل الا في محفل مناهضة الاسلام والمسلمين ، فان كان الصاروخ الذي اطلقه وامر باطلاقه شارون ، فهو يحمل بصمةبوش اللعين ، ويحمل اشارة الموافقة على طريقة اليهود في التعامل مع الصراع بينهم وبين الامة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ..
وكذا فان مقتل الشيخ رحمه الله يعطي دلالة على ان ( القوة ) المادية ليست وحدها هي التي تؤثر في العدو ، فأي قوة يحملها ذلك الشيخ الكسير المقعد الذي لا يحرك الا رأسه ورقبته ، بينما لا يستطيع تحريك اطراقه كلها ، ومع ذلك فقد شكل لليهود عبئا كبيرا ، فأقدموا على قتله وهم يعلمون أن أسود الشرى في فلسطين لن يسكتوا على مقتل الشيخ ، بل سيحيلون اسرائيل الى جحيم لا يطاق ، وهم ينادون بأعلى اصواتهم أن ( أعد يا شارون اكياس الضحايا ) ، فيترقب اليهود اليوم الموعود ، وينتظرون وانا منتظرون يوم الثأر الكبير لدم الشيخ المقعد الكسير !!
نعم ... لم يمت الشيخ وانما انتقل الى حياة تنطلق فيها اطرافه للعمل والحركة ... ولم يمت الشيخ والله تعالى يقول " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون " ، ونحن نحسب ان تلك الجموع الذي امضها موت الشيخ كلها شاهدة على انه ما قصر في جهاد وفداء ، والناس شهود الله في ارضه ، فرحمه الله وغفر الله له ..
ان ساعة العناق قد حصلت بين الشيخ وما كان يتمنى .. كيف وهو يقول : ( أملي ان يرضى الله عني!! ) ، ولسان حال الشيخ يقول :
دعنا نمت حتى ننال شهادة ** فالموت في كنف الاله فخار
إن مقتل الشيخ اثار كوامن الافكار ، واثار كوامن النفس والاحزان ... ورسخ قناعات لدى المتشككين في زمن الاستخذاء والانبطاح العربي والاسلامي .. وابان موت الشيخ عن حجم الضعف الذي وصلت له أمة الاسلام ، حيث جعلت حثالة من باعة الضمائر وشذاذ الافاق وقتله الانبياء يمارسون ما يريدون دون اي توجس من أمة المليار ان تنهض ، لانهم يعلمون أنها أمة غثائية مكبلة من اعنقاها بأغلال ثقال لا يفكها الا عزم يكسر الصخر ، وهمة تفتت الحديد ، والا لما تجرأ اليهود على قتل شيخ مسن مقعد ارهقه المرض والهم والاحتلال والسجون والمآسي العريضة ..!!
إن مقتل الشيخ يدل على أن الامة .. وان كان فيها الضعف والخورو خيانة الحكام وركونهم الى الظالمين الا ان الجهاد امر قدري فيها لا ينقطع ولا ينقضي ، مصداقا لما اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر العظيم : ( لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي امر الله وهم على ذلك .. ) ، وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انهم في ( أكناف بيت المقدس ) ، ولذا سار الشيخ أحمد في درب الجهاد والعزة ... على خطى القسام وجحافل المناضلين والشهداء ، وربى للناس جيلا سيكون وقودا لمعاركة الاسلام الفاصلة بين المسلمين واليهود في ارض الميعاد ، حتى يأتي ذلك اليوم الذي يقول فيه الحجر والشجر ( يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ) ، ولذا لا تظن ان دم الشيخ المهراق المنسكب على ثرى فلسطين سيذهب هدرا .. لا والله ..
ان كل قطرة دم من دم الشيخ ستكون شعلة مضيئة في درب لجهاد ..
ان صورة الشيخ المطحون في دبابات امريكا ستكون حاديا لاولئك الشباب العظام ليذيقوا الصهاينة اللئام صنوف الموت وفنونه ..
وكل كلمة وضاءة قالها الشيخ ستكون دافعا الى مزيد من البذل والتسابق الى الجهاد ...
إنني هنا لا ارثي الشيخ ولكني ارثي نفسي ومن على شاكلتي ...
فان كان الشيخ حي في عالم الاموات ... فاننا اموات في عالم الحياة ...
وان كان الشيخ قتلته ايدي اليهود .. فاننا قتلتنا ايدي القعود ..
وان كان الشيخ مات في معركة الجهاد .. فاننا متنا في معركة الكلام وزمن الاستعباد ..
بعد هذا ! .. اينا الذي يرثي الاخر .. هل يرثي الشيخ حالنا .. ام نرثي حال الشيخ ؟؟
ان في النفس مشاعر تعجز الكلمات ان تسطرها على مداد الورق ، لان مداد الورق الابيض يتقاصر حين يرى مداد الارض الحمراء قد تعطرت بدم الشيخ القعيد ، فيحس بالبون شاسعا بين من يبذل الكلام على مداد ابيض ، وبين من يبذله أحمر قانيا على ارض الفداء ..
ولكنها خلجات في النفس ابت الا ان تخرج في رثاء هامة من هامة الجهاد وسيد من سادات المسلمين العظام ، فرحم الله الشيخ ياسين ، وابدله دارا خيرا من داره ، وزوجا خيرا من زوجه ، والبسه في الجنة الحلل ، واسكنه الظلل ، وجمعه مع الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين في جنة ونهر في مقعد صدق عند مليك منتظر ! آمين آمين !
منقول من صيد الفوائد
المفضلات