أحلى .. وأمر ..!
ابن عبيكة من قبيلة شمر ، منزله على مجتمع الطرق شمال مدينة حائل وهو مشهورة بالكرم ، ومكارم الاخلاق ، واكرام الضيف.. وبيته دائما مجتمع للأضياف من شتى القبائل ، رجل الى جانب كرمه لطيف المعشر ، حلو الحديث ، يحسن الاستماع اذا حدث ، ويحسن القول اذا حدث .. وكثيرا ما يمر عليه اسم رجل من الشعلان شيوخ الرولة ، اسمه محمد بن معبهل ، ويذكر لديه بالفروسية ، والشجاعة منقطعة النظير ، الى جانب علو بيته ، وسمو شرفه .. فيتمنى ابن عبكة أن يمر عليه هذا الرجل ليتعرف عليه ، وليأخذ من قصصه وأخباره ، وليحظى باكرامه .
ولم يلبث حتى مر عليه فأكرمه ، وبالغ في اكرامه ، واحتفي به ، وعبر حديثه الشيق معه قال له : اخبرني يا محمد عن أحلى ما مر عليك وأمره .. فقال : هل تصدق ان أحلى ما مر على وأمره فى حياتى وقع فى ساعة واحدة !! قال ابن عبيكة.. كيف ؟ قال كنت نازحا عن قبيلتى ، مجاورا لدى شيوخ الفدعان .. ولم تزل الاخبار تترامى الى ان فلانة بنت ابن مهيد أملح ما خلق الله من الفتيات فى جيلها يخلعون عليه من الصفات الجميلة ويعطونها من مقومات الحسن ، ومزهوت الجمال ما يرشحها لملكة جمال ذلك الزمن .. فكنت أتمنى رؤيتها ، فلم يتسن لى ذلك .. فكانت قليلة الخروج غير متبدلة ، وكانت أيضا ينقل الى أنها تتمنى رؤيتى .
وفى يوم أغاروا شمر عليهم أي على الروله ففزعوا الى خيولهم وامتطوا صهواتها ، وانطلقوا للدفاع ، وقد تريثت عنهم لأمر ما ، وعندما تهيأت ولبست سلاحى ، وركبت جوادى استعداد لمصاولة الفرسان ومجاولتهم ، والنساء والحالة هذه قد ذهلن الجلاليب ، وسفرن عن وجوههن .. واذا بالفتاة الحسناء الجميلة صاحبة شعر معثكل أشقر يغطى اردافها ، وتحيله عن وجه مستدير كأنه فلقة قمر وينان ذواتا هدب وارف ، اذا غضتهما غطيا نصف الخدود ، واذا نهضتهما اختفيا فوق عينين تستبدان بكل النظرات وجسم بض غض معتدل كغض الاراك.. واذا هى تندب ، وتشجع
،وأتت لي بحليب ، وبادلتها نظرات فاحصة والهة ، فكانت هذه أحلى ساعات عمرى .. وهذبت فرسى وقلت لأفعلن اليوم فعلا لم أفعله في عمرى..
لعيون هذه الفتاة ، لعلي أزداد عندها حبا ، وأحظى منها بالحب والعطف والرضا .. فركضت فرسى نحو الخيل واذا بفارس يجتال خيلنا يمنة ويسرة ، ويصوعها صوعا ، وتذهب من طريقة مجفلة نافرة .. فلما اقبلت أشار ألي القوم بان آخذ حذرى من هذاالفارس ،وأن لا أعترض له ولا أجاوله .. فهو الفارس الفذ ، الشجاع المغوار ( بنية الجربا الشمري ) وما كان لفارس ان يقف في طريقه وما كان لمتهور أن يقاربه ، ولكن غرورى من ناحية ومحبتى في أخذ سمعة أمام الغادة الجميلة هما اللذان دفعانى لأن أوجه جوادى نحوه ، وما أن رآنى حتى انقض على انقضاض العقاب .. فأرهبنى ، وبهرنى ، وما تمالكت أن فررت أمامه فرار النعامة ، متوجها تلقاء البيوت على غير هدى ،وهو يلحنى لحا ، ويزد خفقان قلبى بزئيره وصوته الجهورى الأجش وعدو فرسه المريع .. ولولا أن جوادى لم ينهكها الطراد بعد لأكلنى فى لحال ، ولكن شاء نصيبي التعس أن تنصب جوادى نحو بيت الغادة الجميلة ، ولما قربت من البيت تقهقرت فرسى ليطلق الفارس رمحه علي فيشك فخذي على جنب الفرس ونخر معا صريعين ، واتبع ضربته هذه بنخوة كانت ترن فى اذن الفتاة لتعرفه ، وتسارع فى اعطائه ماء ليشرب بعد أن طلبه منها .. فكان حليبا رآه بعد ما مسح شفتيه قال : ويلك انها خدعة ، والعرب اذا شربت لبن ابل قوم لا تبيح لنفسها أخذها أبدا فنكص بنية الجربا واعاد عليها ابلها كاملة .. أما أنا فظللت أئن واتشحط في دمى ، وتنظر الفتاة الى بعين الرحمة والاشفاق ، بعد ان كانت تنظر الىبعين الزهو والادلال .. وكان هذا أمر شئ مر على ..أرأيت كيف وقع هذا لى في ساعة واحدة ؟ .. إنها الأقدار تجرى بما لم يكن في الحسبان .(برواية عبدالله ابن خميس)
احبتي هل تتوقعون ان اعتراف ابن معبهل الرويلي بانتصار بنية الجربا عليه قد قلل من شانه لا والله بل ازداد باعيننا واعين من سمع بالقصة ولم ينقص من قيمته شيئا وهذه الحرب يوم لك ويوم عليك انني لااتعجب من هذا الإعتراف خاصة وهو صادر من شيخ قبيله وفارس مشهور لأنهم يعطون الرجال حقها وهناك قصص كثيرة مشابهه لها كقصة جهز ابن شرار المطيري والرشايده انهم الرجل والفرسان الذين يعترفون بحقوق غيرهم ولا ينقصونها.
ويكفي قبيلة الرولة فخرا وجود عدد من اشهر فرسان الجزيرة من قبيلتهم واشهرهم خلف الأذن والمسمى (ابا الشيوخ)لأنه قتل سبع من اشهر شيوخ وفرسان الجزيرة العربية ولم يؤخذ بثارهم .
المفضلات