الآن حصحص الحق وظهرت براءة مناهجنا التعليمية مما اتهمت به
صالح بن فوزان الفوزان*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: يقول الله جلَّ وعلا: { وّقٍلً جّاءّ الحّقٍَ وّزّهّقّ البّاطٌلٍ إنَّ البّاطٌلّ كّانّ زّهٍوقْا } [الإسراء: 81]، لقد كان المنافقون والذين في قلوبهم مرض يقولون إن مناهج التعليم في المملكة هي التي تعلِّم التكفير والإرهاب والتطرف. وأن ما حصل من التفجير حصل نتيجة لما تعلِّمه تلك المناهج. وينادون بتغييرها واستبدالها بمناهج تتمشى مع رغباتهم يحذف منها باب الولاء والبراء وكل ما يغضب الكفار من الألفاظ التي جاء بها الكتاب والسنَّة وتخلى المناهج من مضامينها المبنية على الكتاب والسنَّة وتستبدل بمناهج لا تسمن ولا تغني من جوع، لئلا نجرح شعور أعدائنا من الكفار والمنافقين. ونقول لهؤلاء إن الله قد خيَّب ظنكم وبيَّن كذبكم حينما أعلنت طائفة من الذين تبنوا هذا الفكر وخدعوا به أنهم لم يتلقوه من مناهج التعليم التي تدرس لدينا. بل كانوا هاربين من الدراسة متخلين عن مجتمعهم، يأخذون تلك الأفكار عن أصحاب الفكر المنحرف من شواذ المجتمعات الذين يلتقون بهم هنا وهناك على حين خفية. وقد بثت وسائل الإعلام المختلفة تلك التصريحات والاعترافات التي اعترفوا بها والتي لم تدع مجالاً للشك أن مناهجنا ـ ولله الحمد ـ بريئة كل البراءة من تلك الأفكار الفاسدة. وأنها تعلِّم الخير والاستقامة وحسن المعتقد والسلوك وتحث على لزوم الجماعة ووجوب السمع والطاعة، فهي منذ سبعين سنة حينما فتح الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ مدارس التعليم ووضع علماء المملكة تلك المناهج لها وهي سائرة على المنهج السليم، والصراط المستقيم، وخرَّجت أجيالاً من ذوي الكفاءات العلمية تولوا مناصب قيادية في المجتمع وقاموا بأعمالهم الوظيفية خير قيام شهد لهم القاصي والداني بالكفاءة العالية والأداء الجيد، ولم يكونوا يعرفون تلك الأفكار المنحرفة والأعمال الإجرامية. ونقول لهؤلاء الذين يجدون في صدورهم حقداً على تلك المناهج وصاروا يتربصون بها الدوائر غيرةً على من يميلون إليهم من الكفرة والمنافقين: إذا كنتم تميلون إلى هؤلاء وتغارون لهم فنحن نبرأ ممن تبرأ الله منهم فقال سبحانه { )وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } [التوبة: 3] يعني (ورسوله) بالرفع بريء من المشركين. نحن نعادي أعداء الله لأن الله سبحانه قال {فّإنَّ الله عّدٍوَِ لٌَلًكّافٌرٌينّ} [البقرة: 98] ونحن لا نحب من لا يحبهم الله كما قال تعالى {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32] نحن نمتثل أمر الله بعداوتهم حينما قال: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لا تّتَّخٌذٍوا عّدٍوٌَي وّعّدٍوَّكٍمً أّوًلٌيّاءّ} [الممتحنة: 1] وقال {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا لا تّتَّخٌذٍوا اليّهٍودّ وّالنَّصّارّى" أّوًلٌيّاءّ بّعًضٍهٍمً أّوًلٌيّاءٍ بّعًضُ وّمّن يّتّوّلَّهٍم مٌَنكٍمً فّإنَّهٍ مٌنًهٍمً إنَّ اللّهّ لا يّهًدٌي القّوًمّ الظَّالٌمٌينّ} [المائدة: 51] ولكن لا نعتدي عليهم ولا نخون العهد الذي بيننا وبينهم ولا الأمان، نحن أوفياء. فاذا كنتم تخالفون هذه النصوص الإلهية وتميلون إليهم فلكم ما اخترتم لأنفسكم. ومن أحب قوماً حشر معهم. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء مع من أحب يوم القيامة)، ونحن برآء من هذا المعتقد نعلن ما أعلنه إبراهيم والذين معه: {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } [الممتحنة: 4] . هذا ما نعتقده وندين لله به نعلنه ولا نخشى في الله لومة لائم، فإن كنتم وقعتم فيما وقعتم به عن جهل لا عن اعتقاد ـ وهو ما نظنه فيكم ـ فلا تقولوا على الله ما لا تعلمون. وعليكم التوبة والاستغفار ـ وكل الناس خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون ـ قال الله تعالى {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا اتَّقٍوا اللهّ وّكٍونٍوا مّعّ الصَّادٌقٌينّ} [التوبة: 119] وقال تعالى {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) } [هود: 113] والركون إليهم فسَّره العلماء بأنه الميل وإن قل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
عضو هيئة كبار العلماء
المفضلات