بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقاً على ما تكلم به الرئيس كلنتون في منتدى جدة الاقتصادي :
مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أقدس من أن نسمع فيه إسفاف هذا الرجل
كيف استساغ إخواننا المنظمون أن يتحدث كلنتون على لسان نبيهم بالسوء ؟!
وكيف طابت أنفس المسلمات أن يصفقن لسوء أدب كلنتون معه ومع أزواجه أمهات المؤمنين ؟!
بقلم : خالد بن عبد الرحمن الشايع
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على خاتم أنبياء الله ورسله نبينا محمد ، وعلى إخوانه من النبيين ، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد تابع الناس ( منتدى جدة الاقتصادي 2004 ) وما تضمنه من الاطروحات المتنوعة ، والتي كانت محل أخذ ورد بين طوائف الناس .
وحيث إن المقصد الرئيس لهذا المنتدى هو دعم اقتصاد بلاد الحرمين حرسها الله ، ولذلك وجد التسهيلات من قبل ولاة الأمر وفقهم الله ، فقد كان من الجدير أن يلاحظ المخططون له حرمة بلاد الحرمين ، وما ينبغي رعايته من المسائل الشرعية ، إلا أن المنتدى قد شهد أكثر من مرةٍ انتقادات عميقة لمن قام على إدارة محاوره والتخطيط لها .
وقد تضمن هذا المنتدى الذي عقد في شهر ذي القعدة عام 1424هـ أطروحات وأحداث تخالف ما أذن به ولاة الأمر في الأصل ، بل وتخالف ثوابت قامت عليها البلاد وجاء النص عليها في النظام الأساسي للحكم ، وخاصة ما يتعلق بالسفه الصفيق الذي وقع من بعض نسائنا هدانا الله وإياهن وأغراهن بالوقوع فيه بعض الأنفس الخاطئة ، من مثل دعواهن أنهن يسجلن التاريخ بحضورهن سافرات متبرجات ، كما نقلته وكالة ( فرانس برس) الإخبارية ، وحتى علقت على ذلك (جريدة الشرق الأوسط) بقول محررها : ( شهدت جلسات منتدى جدة الاقتصادي الخامس سابقة تاريخية لمشاركة المرأة السعودية في جلسات جدول الأعمال دون اللجوء إلى الدائرة التلفزيونية المغلقة ، كما جرت العادة خلال المؤتمرات التي تشهد حضوراً نسائياً ) ( العدد 9182 ) .
وهكذا ما كان من احتفاء عدد من المنتديات والوكالات الإعلامية والقنوات الإخبارية المتربصة ببلاد الحرمين المرجفة بكل خبر ، كموقع إيلاف وقناة الجزيرة ونحوهما من قالة السوء .
وتبع ذلك ما نشرته جريدة عكاظ وبعض الصحفالأخرى من صور مؤسفة لعدد من بناتنا وأمهاتنا وهن سافرات ومتبرجات، والتعليق عليها بقولها : ( سيدات المجتمع يساهمن بقوة في المنتدى الاقتصادي ) وهن في حقيقة الأمر مجموعة صغيرة من النساء اللاتي شذذن عن أخلاق عامة نساء هذه البلاد ، ولا يمثلن أخلاق نساء البلاد ولا شيمهن ومناهجهن الكريمة.
ولا يخفى ما في ذلك من أنواع المنكرات ، من التبرج والسفور والاختلاط ، وتبني المطالب الداعية لتلك المنكرات ، التي لا يخفى على أحدٍ من أهل الإسلام حكمها .
ومما ساءني كثيراً وساء كل من بلغه من أهل الإسلام : ما وقع من تغاضي إخواننا القائمين على المنتدى عما تضمنته كلمة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون من المساس الواضح بمقام سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث إن كلنتون قد ساق في كلمته عدداً من الأفكار ، ولكنه تدخل في عدد من خصوصيات البلاد مما لا يقبل منه ، وكان أعظم ما قاله : ما نقلته وكالة رويترز للأنباء وغيرها ، حيث قال : ( إنه لو كانت السيارات موجودة منذ نحو 1400 عام مضت ، لسمح النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لزوجته أن تكون خلف مقود السيارة ، وأن الرسول كان على الأرجح سيجعل السعودية أول دولة منتجة للسيارات على وجه الأرض ، وكان سيضع (النساء) في موقع المسؤولية عن هذه الصناعة .
ومما يدعو للأسف أن هذا الكلام بما تضمنه من إسفاف قد صفقت له أعداد من النساء اللاتي حضرن المؤتمر بحرارة !!.
لقد حرص المنظمون للمؤتمر أن يكون من بين المدعوين من هو معروفٌ عالمياً حتى يشتهر المنتدى عالمياً ، ولكنهم لم يفطنوا لما لدغوا به المرة الماضية ، حينما كان الرئيس كلنتون يعقب زيارته للمنتدى بزيارة لليهود في فلسطين ، وينكث ما تفوه به في المؤتمر ، وهاهو اليوم يتجرأ ويرفع عقيرته بالكلام على مقام النبوة ، وهو على حاله المعروفة سلفاً في البيت الأبيض إبان رئاسته ، وما كان من علاقته الجنسية مع إحدى المتدربات هناك ، فهو بهذه الحال وعلى هذا الوصف آخر من يتحدث عن سيد الخلق ورمز العفة والسماحة والطهر : محمد بن عبد الله ، رسول رب العالمين .
ومع ذلك فنحن ندعو الرئيس كلنتون لأن يطلع على هدي رسول الله وسيرته ودعوته ، وسيعلم حينئذ خطأه فيما ظنَّ ، وأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قد جعل الله ببعثته من الخير والرخاء والعيش الهنيء ما شمل البشرية في كل زمان ومكان ، وليس في الجزيرة فحسب ، وأنه عليه الصلاة والسلام ما كان ليجعل النساء إلا في الموضع اللائق بهن ، نفعاً للأمة ورعاية لأجيالها ، بعيداً عن كل ما يرهقهن من صور مكابدة العيش مما يعلمه في بلاده وغيرها من أقطار الدنيا ، مما جعلهن عرضة للابتزاز في كل لحظة من حياتهن ، أما في الإسلام فهن مخدومات مكفولات . فالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، كما وصفه الرب تعالى وتقدس في القرآن العظيم : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) ( سورة الأعراف ، الآية : 157 ) .
وأما إخواننا الذين تسببوا في تلك المقولة السيئة في حق نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فلا نملك إلا أن نقول : ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا . ونأمل أن يراجعوا أنفسهم فيما وقع .
فواخجلتاه من ربنا تبارك وتعالى ! حين نأتي لندعو مثل ذلك الشخص الذي ازدراه مجتمعه ليكون متحدثاً بالسقطات المشينة في حق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي موضع لا يبعد إلا يسيراً عن بيته العتيق !.
ويا خجلتاه من رسولنا يوم نلقاه يوم القيامة ، كيف استباح إخواننا أن يستسيغوا من ذلك الشخص أن يتحدث على لسان نبيهم ، ويتقول عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ؟! ويفترض الافتراضات التي نخجل أن نطلقها على آحاد الناس ، فكيف بالمعصوم صلى الله عليه وسلم .
ثم إذا بلغ بهم العي والخنوع هذا المبلغ ، فلم ينكروا مقولته تلك ، أما كان يسعهم إظهار النكير بسكوتهم وامتعاضهم ، لا أن يصفق له بناتنا وأمهاتنا ممن حضرن .
ولا ريب أن الحديث على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالأمر الهين ، فلا يتحدث أحد إلا عن علم وبينة ، إذ الكذب عليه ليس كالكذب على غيره ، ولا يصلح أن يتصدى لذلك ولو كان الكلام حقاً إلا من تأهل بالعلم الموروث عنه عليه الصلاة والسلام ، فكيف ساغ لأهل الإسلام ممن حضر أن يتقبل حديث شخص غير مسلم ، وأن يحتفي بكلامه ذلك ، مع ما فيه الخلل ، والأذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد توعد الله من اجترأ على مقام النبوة فقال سبحانه : ( والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) ( التوبة: 61 ) وقال : ( إن الذين يؤذون الله ورسولَه لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) ( الأحزاب : 57 ) .
إن هذا الذي وقع فيما يتعلق بجناب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سقطةٌ عظمى وزلةٌ كبرى ، لو سمعنا بها في أقاصي الدنيا لما وسعنا إلا إنكارها ، فكيف لنا السكوت والرضى بها وهي في جوار الحرمين .
ولأهمية هذه المسألة ، ووجوب إنكار ما وقع دفاعاً عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجنابه الكريم فقد تم تحريره قياماً بالواجب ، وحباً للحبيب الشفيع ، وغيرة على مقامه الشريف صلى الله عليه وسلم أن يجترح .
والله المسئول أن يهدينا جميعاً سواء السبيل ، وأن يجيرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يحفظ لهذه البلاد دينها وأمنها ورخاءها ، وأن يسدد ولاة أمورنا ويجعلهم من أنصار دينه وحماة شرعه والدعاة إليه . إنه سميع مجيب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
حرر مساء الثلاثاء 28/11/1424هـ
المفضلات