ـــــــــــــــــــــ محاكمات تاريخيّة :
حضوريّة وغيابيّة..
- 1 -
ساعديني يا بنةَ العمّ على
نسيان تاريخي القديمْ
علّني أرتاحُ من هذا الرّميمْ
علّني أخلص من ظهرٍ بلا صدرٍ وأغدو
رجلاً يسعى بصدرين إلى الكرب العظيمْ
عندها لن ألتفت البتّة للخلفِ
ولو كان الجحيمْ
عندها لا طلقٌ إلا في الصميمْ
كلُّهُ في الصدرِ أو ما بين بينْ
عندها يا بنةَ عمّي أنهضيني
ثم ضميني إلى صدرِكِ .. لكنْ
ضمّتينْ .
لم تعدْ لي قبلةٌ في القبلتينْ
قبلتي الماتوا بلا نعشٍ على مستويينْ
يجعلان العمر نهراً من دمٍ
يصل اليابس بالأخضر من رأس الحسينْ
فإذا متُّ فهذا قدرٌ من قدرينْ
وإذا عدْتُ معافى سالماً
قبليني يا بنةَ العمّ ولكن
قُبلتينْ
لن يتوب الله عمّن تركوني ساعة العُسرةِ ألقى
عنهم الموتَ وعنّي مرتينْ
كلّ من لم يترجل دمه بين السرايا ليس منّي
كلّ من أرسلَ وفداً عنهُ
سرّاً أو جهاراً ليس منّي
r
كلّ عضوٍ فيَّ لم يتحوّلْ
ساعة المحنة أُذْناً ليس منّي
- 2 -
غيّري خارطة الأشياء من حولي
اكسري السيف اليمانيَ الذي
أهداه جدّي منذ أيام التتارْ
ما الذي يفعلُهُ
سيفٌ بلا كفٍّ ، وكفٌّ بفؤادٍ مستعارْ؟
أتلفي صورة أجدادي
وفكّي عنهم هذا الحصارْ
إنّهم أنموذجٌ صعبٌ، وصعبٌ أن يُعارْ
ما الذي يفعله يا بنةَ عمّي
بطلٌ ضمنَ إطارْ ؟
نحنُ في عصر النضال الدّيبلوماسيّ
وفي عصر الحوارْ
إنما يضحكني
أننا أيضاً فشلن في الحوارْ
خلّصيني
من طروحِ الوحدةِ الكبرى وأحلام الكبارْ
وَ لِدي لي وحدة صغرى
اصنعي لي خوذةً أخرى
على مقياس رأسي
علّني أبصرُ نفسي مثلما أعرف نفسي
فأنا منذ قرونٍ أبحثُ عنّي في ملفات الغبارْ
والذي يعرفني يجفلُ منّي في النهارْ
- 3 -
أقنعي الديكَ الذي يسكنُ في أحلاقنا
أنّ الصباحْ
سوف يأتي.. صاحَ أمْ لمْ يصِحِ
أقنعيهِ أنَّه من زمرة أنصاف الجناحْ
أقنعيهِ
أن عصر الشهرزاديات قد ولّى وراحْ
حدّثيه عن دال المغربي
عن صبايا
لسن يحتجن إلى ديكٍ ولا صبحٍ لكي يغسلنَ
عار العربِ
ليمارسْنَ سفاحَ الموتِ
في أي مكانٍ من سفوح الوطن المغتصبِ
يا بنةَ العمّ
صلاة الشهداء النّجُبِ
أبداً لا تطرق باب الله لا
فلدى كلِّ شهيدٍ أو شهيدةْ
نسخةٌ أخرى لمفتاحِ السّماء السَّغب
- 4 -
هكذا الحجُّ إلى الله وإنْ لا
فاحجزي أنتِ على طائرةِ الكونكوردِ
نحو الآخرةْ
واتركيني وسط هذي الدّائرةْ
أتملّى مهرجانات الدّماء المقمرةْ
nفوق هذي المجزرةْ
لأناسٍ ركّعٍ أو سُجّدٍ أو بررةْ
لم يلاقِ الموت فيهم قدرهْ
لا أبابيل ولا سجّيل إلاّ
حجرٌ يطلبُ منا المعذرةْ
كلّما غصّت بموتاها الغوالي مقبرةْ
فتح الباغي لنا أشداقه
عن مقبرةْ
امنحيني طلقةً واحدةً تشعرني
أنني لست لقيطاً نكرةْ
ثم عدّي إلى العشرةِ لكن سامحيني
إن أنا أطلقتُ قبل العشرةْ
وإذا متُّ فلفّي الخيط فوق البكرةْ
- 5 -
أقلعي يا بنةَ عمّي واتركيني
إنّ بي شوقاً إلى الجولان في هذا الصباْ
وطريق الحجّ للجولان مفتوح الجراحْ
وعليّ اليومَ
أن أعبُرَه شاكي السلاحْ
لبطاحٍ تشتهي الأرضُ أن تنجبَ من تلك البطاحْ
آه يا حمقاءُ
لو تدرين ما الجولانُ ما ؟
آه لو كنتِ على أيّامه البيض الضحواحكْ
لبَكَتْ عيناك من حزنٍ دما
حينما تلقينه الآن يتيماً مُعْدما
أنا لولا خفقةٌ من أملٍ كنتُ أزهقتُ حياتي ندما
هاهنا
دارت رحى الموت لأمّاتِ المعارك
هاهنا ترقصُ حطّين على
رجع موسيقى السّنابكْ
وهنا في عين جالوتَ ثوى
\r
جيش هولاكو وألقى العلما
كانت اليرموك أولاها وكانت أمما
خالدٌ مازال فيها خالداً
حينما اهتزّ فهزّ الأنجما
ندبَتْهُ آلةُ الحرب لها
فابتسما
إنْ تكُ الحرب عليه وَحِمَتْ
فهو من قبلُ عليها وَحِما
خالدٌ إن كافراً أو مسلما
خالدٌ سيّدها الماهُزِما
هكذا والله للإنصاف أمّات المعاركْ
- 6 -
أنا لا أرجع للتاريخِ كيْ
أشفي غليلي
كتبُ التاريخ ليست ملبَنَةْ
نحن أخلاف القضايا المزمنةْ
نحن أخلافُ الفئات المؤمنةْr
نحن أخلاف ولكن بعضنا يا بنةَ عمّي
خَوَنةْ
ليس فينا سَدَنةْ
ليس فينا خادمٌ قطٌّ سوى
ملكٍ خادمٍ للحرمينْ
كان يكفي الحّسَنُ الأول واللهِ ويكفينا الحُسَينْ
غير أن الفألَ بالأسماء يستشري
لكي يبلغ إحدى الحسنَيَيْن
من ترى يا بنةَ عمّي يجهل؟
أن عطر الحُسنِ لا يُعدي ولا ينتقلُ
وبأن القربَ من مثوى رسول اللهِ لا يغني
لكي ينبت فيه الرّسلُ
وبأنَّ المنكبَ التافهَ
لا يَحسُنُ أنْ يُلقى عليهِ فوقَ ما يحتملُ
وبأن السّي والخوذة والبزّةَ لا تكفي
فأين البطلُ
- 7 -
اقلبي الصفحة
حتى تتراخى حلقات المهزلةْ
اقلبيها
و اقرئي لي سأريك السّفِلَةْ
وسلالات من الزُّهري لحلِّ الأزمةِ المحتملةْ
عبرَ تاريخٍ قضت
فتكةُ السيّف بأنْ يَغْلِبَ فيهِ الجَهَلَةْ
زهوةَ الفكرِ لتيّارٍ رفيع القدرِ كالمعتزلةْ
ما لنا يا بنةَ عمي ولهذي المسألةْ
نحن في العصر الديموقراطيّ والقوميّ والملكيّ
والإجهاضِ والوضْعِ العسيرِ
نحن في عصرِ
الشعاراتِ ابتداءً من لي باشا الكبيرِ
حينما أعطى لفيري
في ربوع الشّام يا غاليتي حقّ تقرير المصيرِ
كان فحلاً فرّخت زوجتهُ
ألف علي باشا صغير
نحن في عصر رجالاتٍ كآيات الإلهِ المُنْزَلةْ
نحن لولا مانع الحملِ
لأنجبنا إلهاً وحَلَلْنا المعضلةْ
- 8 -
مالنا يا بنةَ العمّ نتبيحُ الغيّبا
مالنا نتهم الناس جزافاً؟ ما وجدنا سببا..
عرّبيهم قبل أن تتّهمي
أحداً منهم ، فليسوا عرب
أفبالرّغمِ تحضّينَ على الطّهر رجالاً جُنُبا
نحن لا شك خسرنا
شر الرأس وهذا ليس يعني
أن نكون الذَّنبا
أوقفي " الريجيمَ " يا سيّدتي
كاد أن يجعل منّا قصَبا
واكتمي الأنفاس عنهم وقفي
يتعبُ الحورُ ويبقى واقفاً
كي يقولوا : إنّهُ ما تَعِبا
- 9 -
لا تلومي الغرباءْ
لا تلوميهم، ولومي الخلفاء
كيف تنجو أمةٌ قادتها
من سلالات السبايا الأجنبيةْ ؟
كلّهم يا بنةَ عمّي كلّهم
من أبي جعفر حتى المعتصمْ
كلّهم لم تنطفئ شهوتهمْ
بين آلاف الفروج العربيةْ
مَن تُرى رخّص للأتراك دار اأشرفيّة؟
مَن ترى شيّد سامرّاء مَن ؟
بي مِن الأتراكِ ما الأرضِ مِن
حزنٍ وحقدٍ وبليّةْ
يُعذرُ الوحشُ الحضاريّ إذا
قيسَ بوحشٍ سافلٍ دون هويّةْ
بي من السّفاح في أيارَ جرح ليس يشفى
بي ولاتندهشي إن قلت : بي
من فيصلٍ نجل الحُسينْ
ضعفَ ما بي مرَتينْ
كان يمضي ليرى في صُحبِةِ السّفاحِ
بالإكراهِ أعواد المشانقْ
وعليها يتدلّى
صحبُهُ مثل البيارقْ
ثم لمّا مكّن اللهُ لهُ الفتكَ بهِ
خالف الله احتراماً للضيافةْ
ا تلوميه فقدْ
كان طموحاً للخلافةْ
- 10 -
أغلقي التاريخ عن ذاكرتي
في جلّقِ
أغلقيها قبل أن تنفلقي
من جناحٍ كسرتهُ العاصفاتُ
وجناحٍ من دمٍ لم يخفقِ
واغسلي يا بنةَ عمّي بردى
من جراحٍ كان للغرب بها
ذكريات مثل ما للمشرقِ
وامسحي أجفانه من دمعه المغرورقِ
واسأليه علّه ينقذني من قلقي
عن غدٍ فإذا لم ينطقِ
علّقيني فوق عكّاز البطولات لمجدٍ مُعْرِقِ
بعدها يا بنةَ عمّي أطلقي
أطلقي إياكِ أن تخشي ولكنْ
طلتينْ
" المذنب يبقى مذنباً حتى ولو برّأته محاكم الاستئناف العليا"
المفضلات