أيها الإخوةُ: جاءَ في سيرِ أعلامِ النبلاءِ هذه القصةُ التي حصلتْ في عهدِ الواثقِ أحدِ خلفاءِ الدولةِ العباسيةِ حينما ظهرتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآنِ، حيثُ جيءَ بشيخٍ كبيرٍ إلى مجلسِ الواثقِ، وكان ابنُ أبي دؤادَ في المجلسِ، وهو أحدُ العلماءِ المبتدعة ِفي ذلك العصرِ حيث كان يقولُ بخلقِ القرآنِ، فقالَ الشيخُ: السلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنينَ، فقالَ الخليفةُ: لا سلمَ اللهُ عليكَ. فقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ، بئسَ ما أدبَكَ مؤدبُكَ، قالَ اللهُ تعالى: ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) فقالَ ابنُ أبي داودَ: الرجلُ متكلمٌ. قالَ له الخليفةُ: كلمْهُ، فقالَ: يا شيخُ ما تقولُ في القرآنِ ؟ قال: لم ينصفني ، ولي السؤالُ قال: سلْ. فقالَ الشيخُ: ما تقولُ أنتَ في القرآنِ ؟ قال: مخلوقٌ . قال الشيخُ: هذا شيءٌ عَلِمَهُ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم وأبو بكرٍ وعمرُ والخلفاءُ الراشدون أم شيءٌ لم يعلموه ؟ قال: شيءٌ لم يعلموه، فقالَ الشيخُ سبحانَ اللهِ! شيءٌ لم يعلمْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، علمتَهُ أنتَ ؟ فخجلَ. فقالَ: أقلني – يعني أريدُ أن أغيرَ إجابتي – قال الشيخُ: المسألةُ بحالِها – يعني نفسَ السؤالِ أجبْ عنه – قال: نعم علموهُ- أي أن النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم وأبا بكرٍ وعمرَ وبقيةَ الخلفاءِ علموا أن القرآنَ مخلوقٌ – فقالَ الشيخُ: علموه ولم يدعوا الناسَ إليهِ ؟ قال: نعمْ. قال: أفلا وسعَكَ ما وسعَهَم .. فلا وسعَ اللهُ على من لم يتسعْ له ما اتسعَ لهم. فقامَ الواثقُ من مجلسِهِ وهو يقولُ: شيءٌ لم يعلمْهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاءُ الراشدونَ، علمتَهُ أنتَ سبحان الله!!. شيءٌ علموهُ ولم يدعوا الناسَ إليه أفلا وسعَكَ ما وسعَهَم ؟ ثم أمرَ بفكِّ قيودِ الشيخِ، ومنذُ ذلك الوقتِ انتهتْ بفضلِ اللهِ هذه الفتنةُ وهذه البدعةُ.
المفضلات