السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال :
ما حكم الدين في ممارسة لعبة كرة القدم؟ وما الحكم في الأموال المكتسبة منها؟ أرجو أن تفيدونا بالأدلة الشرعية وبالتفصيل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأصل في الرياضة في الإسلام الحل والجواز؛ لأنها تقوية للجسم وإعداد للقوة في سبيل الله قال –صلى الله عليه وسلم-:"لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" ابن ماجة (2878)، والنسائي (3585)، وأحمد (10138)، وسابق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين عائشة مرتين مرة وهي خفيفة شابة سبقته ومرة وهي ثقيلة بعد أن أثقلها اللحم فسبقها فقال لها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"يا عائشة هذه بتلك" انظر الإرواء
(1502) وصارع ركانة الأعرابي فصرعه فأسلم انظر الإرواء (1503)، ومن أنواع الرياضة كرة القدم وهي جائزة شرعاً؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد دليل الحظر سواء كان لعبها عفوياً تقليدياً أو كان منتظماً مقنناً، غير أن الناظر في لعبة كرة القدم اليوم يلاحظ أنها تشتمل عل محظورات ومخالفات شرعية مثل كشف الفخذين وهما عورة –وهي بين الشباب أشد- وذلك لحديث "يا علي غط فخذك فإن الفخذ عورة" انظر الإرواء (269)، ومنها إثارة الفرقة والشحناء والتحزبات المقيتة التي قد تصل إلى القطيعة بين الشباب المسلم بل ربما بين الإخوة الأشقاء في البيت الواحد. وقد يتعدى ذلك إلى الاعتداء الجسدي والأخلاقي، وأخطر من ذلك كله أن هذه اللعبة –كرة القدم- قد شغلت الناس وألهتهم عن ذكر الله وعن الصلاة وكل ما ينفعهم، وقد فطن اليهود إلى هذه المعاني السيئة والخطيرة فعملوا على نشرها وشغل الناس بها ففي أحد بروتكولات حكماء صهيون (يجب أن نشغل الأميين _وهم ما عدا اليهود- بالرياضة والفن) فانتشرت بين الناس أنواع القنوات الهابطة ورياضة كرة القدم التي سلبت عقول الكثيرين حتى أصبحت غاية وهدفاً يجتمع الناس ويتفرقون عليها ولعل من التنبيه إلى أن تقوية الجسم بكرة القدم لا يستفيد منها غير اللاعبين في الميدان والذين لا يتجاوز عددهم (12) لاعباً أما الآلاف المؤلفة من المشاهدين والمشجعين فلا يستفيدون شيئاً بل يخسرون كثيراً، وإن تقوت أجسام أولئك اللاعبين واتسمت بالخفة والرشاقة لكنهم لم يتحملوا شيئاً من التعب في غيرها، وإن قل وما ذكره بعض السلف كشيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى من "أن لعب الكرة فيه تدريب على الجهاد والكر والفر" فلا أعتقد بحال إن هذا ينطبق على لعب كرة القدم اليوم لا من بعيد ولا من قريب وذلك لأن مفهوم الجهاد في قوانين كرة القدم غائب ومغيب علاوة على أن وسائل الجهاد لا تعتمد على الأقدام والأسلحة التقليدية، ولو قيل إن لعب كرة القدم ومشاهدتها نوع من التسلية المباحة لقلنا نعم ولكن التسلية تكون بقدر محدود في حياة المسلم وأوقاته فهي أي التسلية أشبه بالملح مع الطعام في الكم. أما أن تطغى التسلية على الواجبات والوسيلة على الهدف فكما لو طغى الملح على الطعام وهذا غير مقبول في الشرع والعقل على السواء.
أما ما ينفق على لعب كرة القدم من أموال تعطى للفريق الفائز فهي جائزة شرعاً إن كيفت وخرجت على باب الجعالة في الفقه كأنه قيل: من فاز من الفريقين فله كذا وكذا من المال.
كما يقول الفقهاء من دلني على طبيب مختص يعالج مرضي فله عندي كذا ومن وجد سيارتي المفقودة فله عندي كذا، أو تخرج على باب المسابقة على الأقدام فيجوز أخذ العوض حينئذ وإن كان في أخذ مثل هذا خلاف بين العلماء غير أن الراجح جوازه كما حققه ابن القيم الجوزية في كتابه (الفروسية) وهو مذهب الإمام الشافعي ورواية لأحمد ويخرج الحديث السابق "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر" سبق تخريجه، يأتي بحمل النفي فيه على نفي الكمال لا الحقيقة كحديث "لا ربا إلا في النسيئة" البخاري (2179)، ومسلم (1596)، أي لا ربا تام كامل إلا في النسيئة بدليل وجود ربا الفضل المحرم، وكحديث "لا صلاة وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560)، أي لا صلاة تامة إذ من المعلوم أن صلاة من هذه حاله صحيحة جائزة وإن نقص أجرها لعدم الخشوع التام.
د. سعود بن عبدالله الفنيسان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً .
21/1/1424هـ .
أختكم ........... تذكار
:D
المفضلات