[ALIGN=CENTER]في أحيان كثيرة يصعب على الكاتب أن يعطي المجال أو الفرصة الكاملة أو الجزئية لكل رسالة واردة وذلك لعدة أسباب منها لكي لا تأخذ الزاوية منحنى آخر ولوجود ضوابط معينة مطلوبة في أسلوب ومضمون كل رسالة .. لكن تلقيت رسالة رأيت أنها رسالة مختلفة جداً عن غيرها من كل الجوانب .. أهمها أنها رسالة تمس في موضوعها فئة من بنات هذا الوطن اللاتي حرمن من نعمة هي أغلى نعم الخالق عز وجل على الإنسان وهي نعمة البصر .
وهؤلاء الفتيات بالإضافة إلى عزلتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية فإن المجتمع الإعلامي أضاف لهن عزلة أخرى وهي عزلة إعلامية للأسف الشديد وهذا ذنب إعلامي بحت وليس ذنبهن لكن فوق ذلك نتفاجأ من خلال هذه الرسالة ( المؤلمة ) بأنهن يعشن في ظروف صعبة وغير متوقعة .. ومفاجئة .. تقول الرسالة في نصها : ـ
" حينما تدخل معهد النور للكفيفات بالرياض ستجد مبنى مدرسياً تقليدياً آخر ما يمكن أن يكون لكفيفات فهو مبنى مكون من ثلاثة طوابق وأرض واسعة مليئة بالمرتفعات والمنخفضات ومساحات ترابية لا حصر لها وأسلاك كهربائية مكشوفة وأركان زواياه حادة ، تبرعت إحدى الأخوات المعلمات ( بتبطينها ) مؤخراً بعد تعرض بعض الطالبات الكفيفات إلى عدة حالات من الاصطدام الدموي .
هذا هو الوضع العام للمعهد لكن حين تدخل فصول هذا المعهد الموزعة على ثلاثة طوابق تشاهد كراسي من الخشب غير المريح للجلسات القصيرة فما بالك بست ساعات من الجلوس شبه المتواصل وطاولات من الحجم الصغير الذي لا يكفي حتى لحجم كتاب برايل الكبير جداً بطبيعته ولا لآلة البرايل الشبيهة بالآلة الكاتبة القديمة ، فتضطر التليمذة الكفيفة الصغيرة لاستخدام أرجلها كطاولة بديلة تسبب الإرهاق لقدميها الصغيرتين مقارنة بحجم هذه الآلة البدائية .
وإذا أردت أن تقف على المستوى الحقيقي لتجهيزات معهد النور بالرياض فعليك أن تقوم بزيارة نظرائه في الكثير من الدول على أقل تقدير وأقرب مثال مملكة البحرين أو المملكة الأردنية الهاشمية مثلاً لتشاهد معاهد على أحدث مستوى في المساحة وفي التصميم وفي التجهيز ففي الوقت الذي تتعثر تلميذاتنا بدرجات الطوابق المتعددة الأدوار تنعم الطالبات الكفيفات في هذه الدول بمبنى ذي طابق واحد مخصص لذوي الإعاقة البصرية مجهز بأحدث أجهزة الكمبيوتر المتطورة الخاصة بالكفيفة ومعدات الرياضة الحديثة ووسائل التعليم والترفيه المتطورة في حين ما زلنا نرى الآلة الكاتبة التقليدية معتمدة في معهد النور في بلادنا ولا أثر للكمبيوتر أو لوسائل أخرى للتعليم المتطور ؟؟
وإذا ما نظرت للتغذية المقدمة فستجدها للأسف من العصير والبطاطس الذين ينهكان القوى ويزيدان الوزن وهن اللاتي يعانين أصلاً من السمنة لقلة الحركة ومن سوء التغذية في نوعيتها .
لكن سنضع هذا كله جانباً وسنتغاضى عن قواعد السلامة وحق الرفاهية ، لكننا لا يمكن أن نهمل ونتجاهل حق هذه الفتاة الكفيفة وكرامتها فالسكن الداخلي وما أدراك ما السكن الداخلي الذي يضم عشرين تلميذة قدمن من خارج مدينة الرياض كتب الله عليهن أن يقضين أشهراً بعيداً عن أهاليهن وعن أٌقاربهن وعن أسرهن حيث يقطن في الدور الثالث لذات المعهد ويتلمسن الحاجة والمعونة من حولهن في أبسط متطلبات الحياة ، فبخلاف الطعام والملبس وأمور المعيشة الأخرى هن بحاجة ماسة أكثر من غيرهن لمعاملة إنسانية حانية ولدعم معنوي ونفسي هو للأسف مفقود وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة الاكتئاب والشرود الذهني فالقائمات على السكن الداخلي ( من غير السعوديات ) لهن أصوات جهورية عالية جداً وكأنهن يعملن في كان تأديبي تفزع أصوات الصغيرات وتقلق الكبيرات وهذه ليست المشكلة فقط فتفاصيل حياتهن أكثر صعوبة والتعايش معها أشد معاناة فالطالبات يشتكين من طعامهن وسوء إعداده ونظافته فهو يمثل كابوساً حقيقياً يجبرن على تناوله ولذا لا يأكلن منه إلا ما يسد الجوع بكل إكراه وقد يستعن عن ببسكويت ولو قدر لأحد واطلع على رائحة هذا الأكل لقال عنه إنه أي شيء آخر إلا أنه لن يقول إنه طعام يقدم لبشر !!.
أما حالات السرقة داخل السكن فلا حصر فأغراض التلميذات من مال وحاجات خاصة تفقد في ظروف غامضة وهن اللاتي لا يملكن حق الإشراف عليها ولا يقدرن أصلاً على مراعاتها بأنفسهن .
أما الصغيرات واللاتي هن بحاجة لتربية أحاسيس الخجل والحياء لديهن فلا تراعى حرماتهن حيث يتم تبديل ملابسهن على مرأى جميع المسؤولات ضاربات بعرض الحائط بالأخلاقيات الإسلامية ؟؟.
وقد شكا البعض من أنهن لا يشعرن بخصوصية في أماكن هن بأمس الحاجة لمراعاة خصوصيتهن فيها وقد يتفاجأ البعض حين يجد أن الضرب باليد وبغير اليد أصبح وسيلة تربوية ظلت معتمدة لسنوات داخل أسوار السكن ، وهناك حالات أخرى للعقاب وهي ( البصق ) ؟؟ على الوجه لأدنى زلة وأقل خطأ !!؟؟ وما زالت المعلمات في حيرة من حالة الانتكاس التي تعاني منها إحدى التلميذات نتيجة عقوبة أوقعت عليها ما زالت تفاصيلها غامضة ؟؟؟.
ولو قدر لإحدى التلميذات وتحدثت لأحد ما عن هذه المعاناة فلن تتحدث إلا بنبرة الحزن واليأس وسيطرة الخوف من مجرد الحديث عما يدور داخل جنبات السكن خشية من العقاب الصارم أو من الطرد وبالتالي من الحرمان من هذه الميزة ؟؟.
وقد أسرت إحدى الخريجات أنه وبقدر سعادتها بالخلاص من هذا السجن ولكنها تشعر بالخوف والحزن على زميلاتها خاصة الصغيرات منهن والقلق على مشوارهن الطويل الشاق في هذا السكن الداخلي الذي يدار بهذا الأسلوب ؟؟!!.
وقد اشتكت التلميذات لإدارة السكن ولكن لم تتجاوب واتهمتهن بالمدللات والمبالغة ؟! هذا كله جزء من حقيقة ظل معظمها غائباً .
إنني أنشد العلاج الفوري وليس مجرد دعوة وآمال لا تتحقق فاللقاء مع التلميذات ومنحهن الأمان الكامل والحقيقي ليتكلمن ويتحدثن بكل صراحة وبصوت وبجرأة بعيداً عن القمع والترهيب أصبح أمراً مطلوباً وعاجلاً .. كما لا ننسى أهمية سعودة طاقم العمل داخل السكن بعاملات سعوديات كل مؤهلاتهن المطلوبة فيهن هي درجة عالية من الإنسانية ومخافة الله في عملهن وبالذات في عمل يعنى بخدمة فتيات حرمن من أغلى نعم الله على الإنسان " انتهى نص الرسالة .
أعتقد أن مضمون هذه الرسالة لا تحتاج إلى أي تعليق إلا من المسؤولين ومن المسؤولات المعنيين والمعنيات بذلك ومن القراء الكرام .. لكن وكما هو متوقع في مثل هذه الشكاوي إن هناك لجنة ستكلف بالتحقيق في ذلك ، وحتى تباشر هذه اللجنة مهمتها بعد حين !؟ سيكون الوقت مساعداً وكافياً أمام المعنيات بذلك من أجل تلافي مثل هذه الملاحظات ولو بصفة مؤقتة وعاجلة حتى تنتهي هذه اللجنة من مهمتها ومن ثم تعود الأمور لحالتها السيئة وسنرى ذلك ؟؟؟.
للكاتب :
عبدالرحمن آل الشيخ
جريدة الرياض
أخوكم
حبيب[/ALIGN]
المفضلات