ألا بشرك الله بالجنة يافتى
قال احد المحدثين .. مازرت مديري في الإدارة في منزله إلا رأيت العجب
رأيت كيف يتحول ذلك الآمر الناهي في إدارته إلى خادم لذلك الرجل العجوز
أنه تحول عجيب أليس كذلك ؟! مازاد في عيني إلا رفعة ولا في نفسي إلا علوّاً
كأنه خادم بين يدي والده
قلت له .. هذا الرجل قربه خير ، ومعرفته مكسب .. كل يوم نرى من حسن خلقه
وبره بوالده ما نعجب منه نحن الشباب
قال من يستمع الحديث وهو يهُون الأمر .. لماذا تستغرب ؟! .. إنه والده
أطلقت بصري نحوه ولساني يردد .. هل تعامل والدك بجزء من هذه المعاملة أو بعضها ؟
تحدث وزير من دولة عربية عن أمور بسيطة في حياته فقال
إنني قبل أن أخرج من باب المنزل أخبر والدي أين أذهب ومتى أعود ؟
هذا مع أن عمري جاوز الخمسين ومرتبتي الوظيفية وزير
ولكن هذا أمرٌ اعتدت عليه منذ أن كنت طفلاً وشاباً وأباً .. وحتى أصبحت وزيرا
. وأفرح بهذا الأمر وأُسر به لعلمي حرص والدي عليَّ
وهائنذا أكرر السؤال على أبنائي كل يوم
! أين تذهب ؟! ومع من تذهب ؟! ومتى تعود ؟
يتلطف مع والده ويروي له بعض الأحداث والمستجدات على هذا الكون
ويحكي له بعضاً مما حصل له من الطُرف .. أو مما سمعها .. يحكي كل ذلك بأدب جم
وخلق رفيع .. جعل والده يبادله الحديث بضحكة وابتسامة .. ودعاء
يستشير والده في أشيائه الصغيرة وفي أمور ربما أن والده لايحيط بها ولايتصورها
ولكن رغبة منه – حفظه الله – في إشعار والده بأهميته ومكانته
يكرر على والده كل يوم .. مارأيك بكذا وكذا .. وأيهما أفضل ؟! وما البديل فرأيك هو المُقدم
ترددت أصوات الجميع في الحفل ينادونه لقبول دعوتهم إلى حفل الغداء
ولكن الرجل – المسئول الكبير – أجاب بهدوء وهو يلتفت نحو والده
هذا هو الوالد – حفظه الله – إن وافق وسمحت ظروفه فنحن تحت مشورته وأمره
يبحث عن ما يحب والده وما يحتاج إليه
إجازته يقضي جزءاً منها للذهاب به لأداء مناسك العمرة
يعرج به إلى المصايف الجميلة .. يأنس به ويحاول أن يلبي طلباته ولو على حساب نفسه
لسانه عذب .. وحديثه يدخل السعادة على قلب والده
أبشر ياأبي .. وأبشرك ياأبي
حديثه يوآنس الوالد ، ويدخل السرور على نفسه
ألا بشرك الله بالجنة يافتى
في الحرم المكي .. يرافق والده ، ويحنو عليه ، ويتفقد حاجته
<img alt src="images/next.gif" border="0" width="6" height="9">
ماذا يريد .. وأين يجلس ، وماذا ينقصه ؟
أنه رجلٌ تحت الطلب ، يهفو إلى خدمة والده .. ويفرح بنداء صوته
ما دخل المنزل أو خرج إلا قبل رأس والديه ، ودعا لهما بالبقاء وطول العمر وحسن الختام
إظهاراً للفرح بوجودهما وسروراً بحديثهما .. ولسانٌ عذب لايتأخر عن قول الخير لهما
لا تمر مناسبة إلا ويقدم لوالديه هديه .. دهن عود أو دهن ورد وبين حين وأخر يأتي
لوالده بمبلغ من المال على شكل ريالات لكي يوزعها على الأحفاد والأسباط
خصص وقت مابين المغرب والعشاء لجلسة طويلة مع والديه يتجاذب
معهما أطراف الحديث ويآنسهما ويستفيد من خبرتهما ويفرح بسماع دعواتهما
إكراماً لوالده لايترك مناسبة يُدعى إليها والده إلا كان بجواره حتى وإن كانت في أوقات راحته
يقدم رضا والده على راحته ونفسه ، ويعلم أن والده يُسر بهذا
أسقط كلمة لا من لسانه ، وكأنه انتزعها من بين فكيه
حمد الله وهو يتذكر أنه ما قال لوالديه هذه الكلمة أبداً .. فهما لم يأمراه بمعصية
لا يلح على والديه بطلب أو رغبة .. بل يعرض الأمر عرضاً هيناً ليناً
فإن وجد الموافقة والقبول .. وإلا - الخير فيما اختاره الله - ويحمد الله أنه نال رضا والديه
حفظك الله .. سلمك الله .. رعاك الله .. بارك الله في أيامك
تقبل الله دعاءك .. أبشر بالخير .. رحمة الله واسعة
هذا لسانه مع والده .. ما أسمعه إلا ما يُحب
هل من مُشمر ؟
لو خدمك إنسان وأكرمك يوماً أو اثنين .. لبالغت في الثناء على كرمه وخدمته
وتمنيت أن تسنح الفرصة لرد جميله ومعروفه .. أليس كذلك ؟
هناك .. من خدمك سنوات ، وضحى لأجلك سنوات .. يطعمك في صغرك
ويذهب بك سنوات للمدرسة .. وسنوات وهو يُربي ويجهد نفسه لأجلك
ما مرضت يوماً إلا حملك على ظهره إلى المستشفى
وما بكيت يوماً إلا تألم قلبه .. ولربما دمعت عيناه
يدعو لك في سكون الليل .. ويكد لك في النهار
سنوات طوال .. وهو سعيد بذلك .. ما جزاؤه ؟
!فهل من مُشمّر ؟
المفضلات