بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ان ابداء بتسجيل هذه الوصيه اود ان اتقدم بالشكر الجزيل للشيخ اسعد العمر الجربا الذي زودني بهذه النسخه وكذلك لثقته التي اولاني إياها لنشرها عبر شبكة الانترنت وانا بدوري اهديها الى كل رجل شريف على هذه المعموره لما بها من حكم وبعد نظر وفوائد كثيره كما اهديها بشكل خاص الى شيوخنا الجربان وخاصة الجيل الحالي وجيل المستقبل اما الجيل الذي سبقنا فنحن نستمد منهم القيم والتاريخ الملي بالاخلاق الحسنه والصفات الحميده علما بانها موجوده ولله الحمد كما نرجوا من الله ان تكون كذلك بالاجيال القادمه ولكنها للذكرى وان الذكرى تنفع المؤمنين ،،،،،،،،،،.
((((الوصية))))
الحمد لله وحده من قبل ومن بعد ، والصلاة على نبيه الذي إصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين .
( قل الله مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيٍّ قدير) آل عمران .
ولدي عُبيدة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :.
حديثي اليوم ذو شجون ، وهو ليس لك وحدك بل لك ولإخوانك من أبناء ال محمد الكرام الذين هم من جيلك ، لست وصياًّ على أحد منهم ، ولكنهم في القلب مثلك تماماً ، إن الشعور بالمرارة لهول القطيعة والجفاء بين التاريخ والواقع المعاش يفرض علي وأنا أتجرع هذا الشعور صبحاً ومساء أن أقف هذا الموقف محاولاً ما استطعت وبكل تواضع أن أضع تجربتي ومشاعري ملكاً لك ولهم جميعاً علّ فيهما بعض من نفع في تعديل المجرى الذي يدنو من الإنحدار الى مجرى مقبول في هذا الزمان العجيب .. التاريخ يا ولدي ليس حكاية ترويها الجدات ليستسلم أحفادهن الى نوم عميق مريح ، وليس تعويذه من العين والحسد ، التاريخ ليس رواية جميله تتملق مواطن الكبرياء والزهو والإختيال فينا لنغدوا كطواويس فارقها الريش الجميل في مجالس الإحتقار الخفي وغير الخفي لحاضرنا الذي لا يرضي اللبيب منكم ، والتاريخ ليس عباءه نتزين بها في المناسبات العامه لنخفي بها عرينا وتشوهاتنا وهواننا على انفسنا وعلى الناس . التاريخ يا ولدي مسأله أُخرى ، أنه قدر الله في عباده ، أته نهر منيع محايد حوله سياجات حصينة لا يستقي منه الا القادرون على الفعل المدهش الكبير . أسمع وتسمعون أسماء أجدادكم تردد في المجالس تحوطها هالات من عطر الثناء والتمجيد : مطلق ، بنيه ، فارس ، صفوك (صفوق) ، ...... لا حاجة لسرد المزيد فهي قائمه طويله بحمد الله يعرفها من يعرف الناس ، وتسمعون القابكم : ال محمد الجربان ، المانع ، السيح.....‘ وتسمعون القصائد الطويله و القصيره . . الشيوخ اللي علينا قديمين ... فتصابون بالزهو والغرور ، ويتطاول المتطاولون منكم على خلق الله وعباده ، لن أعاتبكم على الزهو فالصورة النبيلة للشجاعة والكرم ، العفه والاباء ، الإيثار والتضحية التي رسمها أجدادكم تعو لذلك بلا ريب ، ولكن مسيرة التاريخ لا تتوقف ، أجدادكم أمة قد خلت ، خاضت إمتحاناتها في عصرها وخرجت منها بشرف ، والوفاء لها لا يكون بالغرور القاتل والنوم على وسادة التاريخ ، فليس للتاريخ وسادة يعيرها لمن أراد النوم والاتكاء ، ما ورثتموه من أجدادكم عبء ثقيل ومسئولية ضخمة تحتاج منكم الى صبر طويل لتحمل تبعاتها ، انكم في موقف صعب لا يتعرض له الآخرون ممن ليس لديهم مثل هذا الارث فمهما فعلتم من فعل نبيل فلن تجدوا مديحا يرضي غروركم ، سيقولون : " لن يلحقوا بأجدادهم " أما اذا اساء أحد منكم أدنى إساءة فسيتم تضخيمها لأن الناس يستغربون الاساءة منكم ، فكيف اذا كانت الإساءات كثيرة وكبيرة وغير مبررة على الإطلاق ! . سيكون من الغباء أن نعتقد أن التاريخ سيكون شفيعا لنا اذا غاصت أقدامنا في الوحول إذا افتقد التاريخ صدقنا معه أصبح علينا لا لنا ، وأخشى ما أخشاه أن ينطبق علينا قول الشاعر في بني تغلب :
ألهى بني تغلب عن كل مكرمة ......... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
قال حكيم لرجل ( ممن يحملون التاريخ على ظهورهم ) فاخرة بحسبة وشرف قومه : " إليك انتهى شرف قومك ، ومني ابتدأ شرف قومي ، فأنا فخر قومي ، وأنت عارقومك "
لا ادري كم مرة سنسمع هذا الجواب إذا اكتفينا بالتطاول دون الوفاء ، أجأر إلى المولى العلي القدير أن لا نكون عارا لقومنا وتاريخنا وقبور أجدادنا . تعلموا التاريخ لا لتتجادلوا به في المجالس ، عيشوه أخلاقا وممارسة وإلا سيأتي اليوم الذي يقف فيه الحليم منكم ليردد قول المتنبي بفجيعة لا متناهية :
.............................. أنا الغريق فما خوفي من البلل
لا ترضوا البلل كي لا تغرقوا . ولدي وأعزائي أبناء المحمد الكرام :
هناك حقائق لابد من جلائها قبل الخوض في مشكلاتنا الخاصة والبحث عن حلول لها ، هذه الحقائق هي:
أولا :- إنكم من أسرة هي من أنبل وأكرم الأسر العربية المعروفة تاريخا ومكانة ، ومن قبيلة أصيلة ذات حمية وقوة ومنعة فيها من النبل الكثير ذات فضل من بعد الله على وجودنا وبقائنا ، ولنا بها روابط متينة من الحب والود والاحترام والتقدير والإيثار ، صهرتنا معها أحداث جسام في عصور متقلبة المزاج كان الولاء بيننا في أروع صورة ومعانيه ، ورغم ابتعاد فروع منها عنال أو ابتعادنا عنها لظروف هي في ذمة التاريخ ، فالود باق ، والروابط موصولة ، والأقدار محفوظة والحمية واحدة ان شاء الله .
ثانيا: - ان الانتماء لهذه الأسرة وهذة القبيلة ليس خيارا تم عرضه علينا وقبلناه انما هو قدر من الله ، وهو قدر رحيم لطيف . ان دوائر الانتماء لا فرار منها ، فلن يخرج المرء من جلده ، تولد فتحمل اسم ابيك وجدك و.. و.. وهي انتماءات نشكر المولى أن أكرمنا بها ، الا انها ليست مدعاة للتفاخر الاجوف والتعالي المريض فإذا كانت لك قامة طويلة ، فمن العدل والانصاف ان تنظر في قامات الاخرين ، فلا كبير الا الله ، ولنا في فسحة الانتماء الى الاسلام الدائرة الكبرى في انتماءاتنا الى العزة والكرامة اذا اخلصنا النية وأحسنا العمل .
ثالثا:- ان لنا مواجع كثيرة ومؤلمة في كل دائرة من دوائر انتمائنا هذه ، بيد اننا في مواقع لا تسمح لنا بتلمس الخلاص منها الا في الدائرة الأولى دائرة العائلة ، عائلة آل المحمد ، وهي مواجع يحتاج علاجها الى صبر طويل ومعاناة قاسية ، وأدوية من عند كل الحكماء .
رابعا : الملائكه في السماْ ، على الأرض البشر ، وأسرتنا مجموعه من البشر ، غدت بحمد الله قبيلة في تعدادها ، وتوزعت في أماكن متباعدة ، والإتصال بين أفرادها شبه معدوم ، والتماثل بينهم مستحيل ككل البشر ، لذا فاننا لا نستغرب وجود الخلافات ووجود الأخطاْ ، ولكننا نستنكر الخلافات التي تؤدي الى القطيعه الكامله ، ونرفض الأخطاء التي تشوه وتحط من الكرامة .
خامساً : ان عصرنا هذا ليس عصر الافعال المدهشة الكبيرة التي تفتح نافذة في جدار التاريخ أو تعيد مجدا غاربا او القا متلاشيا :
اتى الزمان بنوة في شبيبته .............. فسرهم واتيناه على الهرم
عصر اجداكم عصر الفروسية , سيف ورمح , شجاعة وكرم , عفة واباء , عصر القبيلة باخلاقياتها وطموحاتها ( لست في معرض الاشادة او الادانة لذاك العصر فهو عصر قد مضى بخيرة وشرة ) وقد نجح اجداكم في امتحان عصرهم وحرفة زمانهم , وخلفوا لكم ثروة معنوية ضخمة لا زلتم تسحبون من رصيدها الكبير , اشادة في المجالس , واكبارا من الناس , وتقديرا من امثالكم , وشهادة من التاريخ , ويا جزعي من يوم سياتي اذا بقينا على هذه الحال – لا سمح الله – يقال لكم فيه : " الرصيد لايسمح " " الرصيد صفر " " الحساب مكشوف : أما عصركم ، عصر الطغيان المادي ، عصر التسابق الرهيب عصر الطاحن والمطحون , عصر التجارة الحرة والسوق المفتوح للمسموح والممنوع , عصر التناقضات الفظيعة , فهو عصر مختلف تماماً , عليكم ان تتزودو باسلحة وهي علم وعمل , معرفة وثقافة , ولهذا العصر امتحاناته الخاصة عليكم ان تنجدو فيها , وتعملوا لاهداف واقعية مشروعة , تصون الصورة الجميلة لكم في اذهان الناس وتحفظ لأسركم تاريخها ومكانتها وقيمها النبيلة , لا نريد اضافات جديدة لسجل التاريخ بل نريد المحافضة على كما هوبلا تخريب , وهي امتحانات ليست بالصعبة ولا بالمخيمة اذا صفت النوايا وصحت العزائم .
سادساً: ان تقييم المرء في الحياة يتم بطريقة شبيهة بما في المدارس يتدرج التقدير وفقا للجهد المبذول والعطاءالمتميز ، قد يغش المقصر في بعض الأحيان اذا غاب الضمير أو الرقيب وينجح في مادة أو مادتين ولكنه لا يستطيع أن يغش في كل الأوقات ويتغافل كل المراقبين ، ستظهر الحقيقة وان طال غيابها ، في الحياة أنت أمام امتحانات يومية يصعب فيها الغش لأنها كثيرة ومستمرة ولا تنتهي الا بانتهاء الحياة نفسها ، تؤديها في كل دائرة من دوائر انتمائك ، وكل دائرة لها جدولها الخاص بالتقييم ، فيه الواجبات والمسئوليات ، عليك أن توا زن بينها بحيث لا يطغى جدول على جدول لتنجح وتكون جديرا بالانتماء مرتاح الضمير هانيء البال .
سابعا : جيلنا وأجيال من قبلنا عاشت في وهم كبير ، عاشت تتشوف برقا بعيدا لتاريخ تجاوزه التاريخ ، فسقطت في الفجوة التي تفصل بين التاريخين معلقة في الهواء لا الى هؤلاء ولا هؤلاء ، أسكر بعضا منهم لقب الشيخ فأراد أن يستعير سيف مطلق في عصر الذرة ، فلم يجد الا أخاه وابن عمه ، فحارب هذا وجرح ذاك ، وأراد أن يمثل دور عبد الكريم في عهد البورصة والسندات فحرم الوارث وأغدق على السمير والنديم وصاحب النجوى ، فبددت طاقات ، وهدرت ثروات ، وضاعت فرص ، فاغفروا لنا أوهامنا وافهموا المعادلة فهما أفضل من فهمنا ، ان جميع القصائد التي تسمعونها في أهلكم لا تسمعونها في أهلكم لا تستطيع بناء مدرسة لتعليمكم ولا مشفى لمرضاكم ، ولا تقيم جدارا يريد أن ينقض في بيوتكم ، لا أحرضكم على عقوق الماضي البعيد ، أو الإستنكاف عن الإعتزاز به ، ولكن أريد أن تكونوا جديرين به ، لا أن تركنوا اليه وتكتفوا بشعائره، ان الإكتفاء بالتاريخ انتحار متعمد .
ثامنا : العائلة الكريمة شجرة خضراء مثمرة ، يصفر بعض ورقها ويذبل ، يجف ، يقترب من السقوط ، بعضه القليل جدا يسقط ، والكثير منه يتمسك بالفرع الريان حتى يأتيه المدد من التربة الخصبة والجذور القوية فينتعش ويعيش ، والبستاني الحكيم يبحث عن عله شجرته ويستعجل لها بالعلاج قبل الذبول إننا نومن بان قدر الله نافذلا محاله , وان الانس والجن لو اجتمعوا ليوخروا سقوط ورقة كتب الله لها السقوط ما استطاعوا مصداقا لحديث الرسول الكريم(ص) بيد انني من خلالكم اوجه النداء الى اهلكم اباكم واعمامكم وشيوخكم بالله عليكم لا تبخلو على شجرتنا بالعلاج,استعجلوا لها به , لتعود كما عهدناها,خضراء,خضراء,خضراء.
تاسعا: الكون له رب واحد بيده كل المقادير, الموت والحياه ,القوه والضعف,الصحه والمرض,الفقروالغنى,تقبل عليك الدنيا ا و تدبر عنك,وله جلت قدرته – حكمه بالغه خفيه هو وحده العليم بها ,لسنا اكرم على-الله من انبيائه فقد كانت لهم ابتلاءهم التي لايطيقها البشر، فالفقر والغنى امران نسبيان ومقدران,ان تكون غنيالا يعني ان تكون لك كرامه خاصه عند الله , ان تكون فقيرا لايعني ان ميزانك خفيف عند الله, انها امتحانات لعباده فهنيئا لمن اجتاز الاختبار بسلام, الفقر ليس عارا, العار ان تقعد عن الكسب الحلال وتبيع ما لا يباع في سبيل عرض زائل هزيل تعقبه الحسره والندامه ان كنت حي الضمير يقض المشاعر والا حاسيس . الفقر احيانا عشير طيب, تبعثهه العنايه الالهييه لتقيلك الزلل والسقوط , والغنى احيانا رفيق سوء يقودك الى المستنقع الاسن والخطايا والذنوب , فكم من اسره شقيت بغناها وكم من اسره سعدت ونجت لقله ما تجد ,ان ذلك من تغدير المهيمن – العضيم فلا تكن شديد الاسف ان فاتك المال او اخطا طريقه اليك,انه قدر رحيم متوازن,فلا تسخطوا من الله عادل ولكن عقولنا لا تدرك عدله
كيف يتم :
ولو إن الســحاب همـي بعقل ............ لما أروى مــع النخــل القتادا
ولو اعطى على قدر المعالي سقى الهضبات واجتنب الوهادا
لا أزين لكم الفقر ، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا والهمل للحصول عليه أول واجبات الرجل العاقل وهو فرض عين على كل قادر ، وهو الوسيلة الوحيدة في هذا العصر لفعل الواجبات والمكارم والخيرات ، الا أن الحصول عليه لا يكون بحرق المراحل واختصار المسافات الطويلة عبر الطرق غير المأمونة ، فهي خطرة على حياتك وكرامتك وراحة بالك وضميرك . فلو كسبت الدنيا وخسرت نفسك فلن تكون رابحا ابدا . ان الحصول على الرزق الحلال يحتاج الى كفاح طويل ومشقة لمن لا يولدون وفي أفواههم ملاعق الذهب ، أشواك تلقاك في الطريق عليك معرفتها واجتنابها والوطء عليها أحيلنا كثيرة ، لا تكن زاهدا في الدنيا بل كافح لتعيش حياة كريمة ، لن أبالغ كالشعراء وأدعوكم الى تجرع السراب .
" ... .... ... إن السراب مع الكرامة يشرب "
السراب لا يشرب ، ابحث عن الماء النظيف الذي لا يجلب لك المرض .
" يستجيرون والكريم لدى الغمــــ ـــــرة يلقى الردى ولا يستجير "
بل استجر بالله فهو نعم المجير ، اذا اشتدت بك الحاجة اطلب المساعدة من أهلك واخوانك وأبناء عمومتك فلا عار في ذلك ابدا ، العار أن تستجير بمن لا يجير الا بثمن فادح اذا فقدته لا تستطيع استرداده واعيذكم بالله من ذلك .
عاشرا : النعامة وحدها تخفي رأسها في الرمل الحار لتأمن من العدو ، يجب أن تكون لدينا الشجاعة لنعترف أن اعدادا كبيرة من اسرنا الصغيرة تعيش بالحد الأدنى أو دونه ،وبعضها لا يملك من حطام هذه الدنيا شيئا على الإطلاق وتعرفون أن مجرد الأنتماء لهذه العائلة مكلف مادياً فلا أحد يعفيك من الواجب , أسرفوا في الواجبات وبعضهم في الواجبات وغيرها ولم يبقوا على شيء , كما أن شباب هذه العائلة أو أغلبهم لم يوجهوا التوجيه السليم للاقتناع الكامل بأن العلم في هذا العصر هو السلاح الوحيد للقضاء على الجهل والفقر معاً , اذا أردنا لهذه العائلة أن تقوم من عثرتها فعلى القادرين من اهلكم اعطاء كل ما يمكن من جهد لمحاربة هذين العدوين (الفقر والجهل) وعليكم مساعدتهم في ذلك , ولا ينسوا أن في عائلتهم الكبيرة الارملة واليتيم والعاجز والعاطل عن العمل ولا يجد طريقاً إليه.
حادي عشر : يولد الطفل لا يفرق بين التمرة الحلوة والجمرة الحارقة , بالتجربة (مذاقاً وأذى) والمران الطويل تنمو لديه القدرة على التميز بينهما , يعرف النافع من الضار , الحسن من القبيح, الجيد من الرديء , وتكثر لديه الجداول والتصنيفات والخانات كلما مضى به العمر. أن التمرة الحلوة قبل ان يتذوقها الطفل , حلوة في نشأتها وطبيعتها , والجمرة الحارقة قبل أن يلمسها الطفل , حارقة في نشأتها وطبيعتها أيضاً, اكتشافه تم في الوقت المناسب له بتقدير العزيز الحكيم , لكنه لم يصنع جديداً ولم يغير في طبيعة الأشياء.
هذا يفسر لنا لماذا يصنف الناس الأفراد والأسر والجماعات إلى خانات متـفاوتة التقدير؟.
إن التمرة قد تكون صغيرة أو كبيرة , مليئة أو ضامرة ولكنها تبقى حلوة على الدوام , اذا افتـقدت طعمها الحلو وغدت مرة المذاق سيفقد الطفل ثـقته بجميع أصناف التمور إلى الأبد , أنك أيضاً إذا خرجت عن موقعك الأصيل وخانتك المحددة في تقدير الناس فإن الثقة ستختل بجميع أفراد أسرتك , الأذى لا يصيبك وحدك من جراء ذلك , سيصيبنا جميعاً , أن مجال التسامح معك لا يكون إلا في المدى المحدود الطبيعي والمقبول الذي لا يخرج عن الاطار الطبيعي للأشياء والناس أنه نفس المدى الذي يفصل بين التمرة الكبيرة والصغيرة , المليئة والضامرة ولا مدى آخر .
ثاني عشر : تختلط الأمور على المرء في هذا العصر بين الحقيقة والتمثيل ويغدو عسيراً عليه التمييز بينهما مما يحمله على الاعتقاد بأن التمثيل جزء من الحياة , أنه خطأ مدمر علينا أن لا نقع فيه . أن ما يحدث على الشاشة الصغيرة قد يكون تمثيلا صادقا لواقع الذي يحدث على الشاشة الكبيرة (الحياة) وقد لا يكون , يجب أن تكون لدينا المقدرة على الفرز الصحيح بين الواقع والتمثيل , التمثيل يجب أن يكون محصوراً في الشاشة الصغيرة , في الحياة لا يجوز التمثيل فلا يجوز لنا أن نلعب أدوارا ليست لنا ولا تناسبنا وليست من طبيعتنا , إنا إذا أتخذنا من التمثيل وسيلة للقفز على واقعنا غرقنا فيما لا يجوز , وجعلنا من حياتنا أكذوبة كبيرة نظل نداريها بالتظاهر المؤلم والتزييف الخطير . كن واضحا في حياتك , صادقا مع نفسك ومع الاخرين.
ثالث عشر : الخطأ جزء من الطبيعة البشرية لا مفر منه ، فلا حياة بدون أخطاء ، منها نتعلم وبها نهتدي الى الطريق الصحيح ، تخطىء مرة أو مرتين وتصبح لديك المناعة التي تقيك من الوقوع في الخطأ نفسه اذا كنت ذا حس سليم ، أما اذا كررت الخطأ الكبير الذي يتضرر منه العدد الكبير من الناس أكثر من مرة ، فابحث عن وسيلة تعالج بها نفسك ، ان وقوع الخطأ الكبير الشخص نفسه في الظروف نفسها يوحي بخلل كبير في تكوينه اذا استبعدنا القصد وسوء النية .
رابع عشر : ما عرض في الآونة الأخيرة على الشاشة من مسلسلات ليس ممتعا لنتمكن من اعادة عرضه لكم في هذه الرسالة فالمشاهد كانت مؤلمة وخلفياتها البعيدة جدا كانت أشد ايلاما ، التفصيلات كانت متداخلة وغير مفهومة في الغالب والأبطال من الرجال والنساء غير أسوياء ، تنهشم العقد والمخاوف والظنون وكل منهم له أطماعه وحساباته الخاصة ، وضحاياهم مستسلمون استسلاما لا نهاية له ، وبعضهم لم يكن يعرف حتى اللحظة الأخيرة انه كان أحد الضحايا ، حتى الجوقة الموسيقية المصاحبة بايقاعاتها للأحداث كانت نشازا لا تآلف بينها ، فكان المستوى العام للعروض هزيلا جدا ، ولكننا لا نجزم أنها قد تحدث على الشاشة الكبيرة ، شاشة الحياة نفسها ، فإن كانت ممكنة الحدوث فانظروا الى المستقبل واحموا أهلكم من أمثالها ، انها مسرح اللامعقول ولا يمكن حدوثها بتفاصيلها المؤلمة في الواقع بيد أنها تعطينا العبر التالية :
أ/ ان اهمال الرجل لبيته وأبنائه يصل أحيانا الى حد الجناية والجريمة ، خاصة في غياب الرقابة والتوجيه السليم من الشريك البعيد ، ان الرجل السوي يبقي أبناءه تحت عينيه دائما ، أما غير السوي فعلى أولياء أمره أن يعتنوا به وبأولاده أيضا ويتفقدون الغائب منهم.
ب/ ان استسلام الرجل لزوجته وتخليه عن دوره الحقيقي في صيانة البيت واتخاذ القرارات الحكيمة التي تنسجم مع واقعه ومكانته ومصلحة أسرته الكبيرة وسمعتها وكرامتها يقودان في النهاية الى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها .
ج- ان البحث عن المضاهر البراقه ومستويات العيش السهله المريحه عن طريق زواجات غير متكافله مهما كانت اسبابها امر يدعو للرثاءفي كل مجتمع سليم ,فكيف اذا تم ذلك في عائله لا يكف افرادها عن ترديد مفاخره ومكارمها في المجالس العامه, انني اذكر رساله عمكم وشيخكم (احمد العجيل) يرحمه الله التي ارسلها الى شمر , وعموم شمر, وهوعلى فراش المرض (لا تجعلوا الفتاه الشمريه سلعه) انالا اوصي شمر, فلشمر من يوصيها,بل اوصيكم انتم (لا تجعلوا بناتنا سلعا تعبرون بها الحدود تبحثون عن المجاوز التي تدفع اكثر لنحرهن ونحرنه معهن ,اتقو الله فينا وفيهن )فهن اعز عندنا وكرم من ذلك,كان اجدادكم يدفعون حياتهم دون ذلك , ماذا جرى لنا ؟ ماذا جرى لأهلنا ؟ لقد ذهب عصر الرقيق الذي يجلب من خارج الحدود منذ زمن طويل.
د/ البيت لا يبنى الا على رجل وامرأة ، للرجل دور وللمرأة دور آخر مختلف ، ولا يستقيم الأمر الا بذلك ، ان الرجل الذي يتخلى عن دوره ، والمرأة التي تبحث عن الدور الآخر وتتصدى للقيام به ، كلاهما لا يبنيان بيتا بل يهدمانه على رؤوس ابنائهما ، انها فطرة الله التي فطر الناس جميعا عليها. ان في نسائنا بحمد الله أمثلة رائعة للصابرات على تربية أولادهن بعد رحيل ازواجهن وقد نجحن في الاختبار الصعب رغم الفجيعة برفيق الدرب أفضل النجاح، وهن موضع تقديرنا واعتزازنا ، الا انهن طيلة التجربة لم يمثلن دور الرجل ولم يرتكبن وزر القرارات الكبيرة التي يتعلق بها مستقبل أبنائهن وبناتهن.ان المرأة المتسلطة في وجود زوجها أو المسترجلة في غيابه هي أسوأ أنواع النساء تتخلى عن انوثتها وأمومتها ودورها الكريم الكبير في الأسرة ولا تصبح رجلا في يوم من الايام، تحاول ان تثبت انها تستطيع القيام بالدورين الطبيعي والتمثيلي فتفشل في الدورين معا، تريد ان تبني فتهدم ، وتحيل حياة القريبين منها الى جحيم ان للمرأة حساباتها واولوياتها وخصوصياتها التي تختلف بشكل مطلق عن حسابات الرجل واولوياته، فاذا اعطيت الكلمة الاولى والقرار النافذ في شئون الاسرة فان قراراتها ستكون صدى عاجلا لاحقادها الصغيرة القديمة وتحقيقا لاحلامها المكبوته السابقة، ستصفي جميع حساباتها القديمة على حساب مايجوز وما لا يجوز في حق أبنائها وبناتها وسمعة اهلهم ، لا اقول ان هذا يحدث دائما وانما هو الغالب الراجح رغم ان في النساء من يفقن الرجال حزما وذكاء ، انها حكمة الخالق البصير بعباده ، فإياكم ان تسلموا قيادتكم للنساء حتى وان كن امهاتكم ، ولا ادعوا الى عقوقهن بل بروهن قدر ما استطعتم فالبر بهن طريق الى الجنة " من احق الناس بحسن صحابتي يارسول الله ؟ قال : امك ، قال : ثم من ؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك" وقد فهم بعض الناس ان حسن الصحبة هو طاهة عمياء للأم بينما المفهوم عند العلماء انه يعني تكريمها الشخصي وايثارها على النفس في احتياجاتها المعيشية، استشرها في كل امر، وخذ برأيها السديد، واطلب دعواتها ولكن في الامور التي تمس كيانك وسمعتك وسمعة عائلتك الكبيرة فالامر مختلف دع القرار لك أولاصحابه من اولياء امرك.
المفضلات