«وانه لقسم لو تعلمون عظيم»...!!
«اقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمالي بالأمانة والشرف وأن أحافظ على سر المهنة وان احترم قوانينها وتقاليدها».
بهذا القسم العظيم تبدأ أغلب الوظائف المهمة مباشرة أعمالها... فالطبيب والمحامي والعسكري والوزير والسفير... الخ جميعهم يحلفون في بداية تسلمهم زمام مناصبهم ليعلنوا أمام الله وخلقه أنهم سيصونون حمل تلك الأمانة، ولكن... هيهات أن يصمد الجميع حتى النهاية.. وهيهات ان يخرج الجميع بعد هذا القسم من ساحة الحياة العملية واليد ناصعة البياض من دون سوء. فهناك بريق لتلك المناصب غالبا ما يعمي البصر والبصيرة.. وهناك ضغوط قد تنحني لها قامات بعض النفوس الضعيفة، فهذا البعض جيوبه عامرة بالرشوة، وذاك المسؤول قد وظف قوانين الدولة لمصالحه الشخصية ليكون المستفيد الأول بطريقة غير مباشرة، وهو ما يسميه البعض بـ «المسؤول الصاحي»!. وهناك الذي لا يخشى أي مساءلة! هذا إن كانت هناك مساءلة، وتجده واثقا تماما بأنه لن يجرؤ أحد على مساءلته، وان مسألة «شفط» أموال الدولة في بطنه ما هي إلا أمر طبيعي في نظره، بل قد يراها حقاً مكتسبا بالنسبة له!. فإن كان هذا منطق المسؤول الكبير فماذا يتوقع من صغار الموظفين؟ بالتأكيد سيجد الموظف الذي على شاكلته الضوء الأخضر لان يستسهل ما يستطيع ان يتلاعب به من اموال الدولة التي هي وللأسف الشديد أمانة بيده هو لا بيد غيره.. تتدافع اسئلة كثيرة موجهة الى ضمائر هذه الفئة التي كانت بالأمس قليلة، تلك الفئة التي ترى نفسها كبيرة في مراكزها ويراها الآخرون شيئا آخر مختلفا، فالكبير بانجازاته كبير بأخلاقه، كبير بذمته وليس بما اقترفت يداه للتطاول على المال العام..
ولنطرح معا هذا التساؤل: ترى، أين ذهبت لحظات القسم وهيبته في نفوسهم حين اقسموا؟ وهل اصبح القسم مجرد بروتوكول شكلي بعيد عن مخافة الله في مصالح البلاد والعباد؟ أين المبادئ السامية التي غرسها الآباء والأمهات منذ الصغر؟ ألا توجد مساحة في نفوسهم لحب تراب هذا الوطن المعطاء؟
مسكين أنت يا وطن، فما أكثر عقوق أبنائك عليك في هذا الزمان.. والله المستعان.
رذاذ المطر
المفضلات