الكاتب : د. محمد أبو بكر حميد
يوجد بيننا نوع من الناس يعتقدون انهم لا يخطئون! وهم على استعداد للمراء والأخذ دون عطاء في الباطل أكثر من الحق لإثبات ان غيره هو دائما المخطىء، وإن آراءهم دائما صحيحة، وظنهم في الناس لا يجانب الصواب، وأحكامهم عين الحق، ويعتقدون ان كلامهم - استغفر الله - لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه.
وهذا النوع المسكين من الناس يعيشون في ظلام دامس، ويدورون حول أنفسهم في حلقة فارغة، ويحسنون الظن بأنفسهم أكثر مما تحتمله بشريتهم، وهذا الاسراف في حسن الظن بالذات يؤدي إلي تضخمها كما يقول علم النفس واذا تضخمت الذات عانت من نفسها، وعانى كل من حولها منها، وهذا يؤدي حتما إلى ضعف في الإيمان، فالإنسان المؤمن يطلب عون الله وغفرانه وهدايته، والإنسان المؤمن يخطىء في حق ربه فيستغفره ويخطىء في حق الآخرين فيسعى للتسامح معهم، والإنسان المؤمن يقرأ في كتاب الله «ومن عفا وأصلح فأجره على الله» ويقرأ في حديث نبيه صلى الله عليه وسلم «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» يعرف الانسان المؤمن هذا كله ويستوعبه، ويعمل به أما الذين يعتقدون أنهم لا يخطئون فهم أبعد خلق الله عن الحاجة لمثل هذه الآيات والأحاديث، ربما لا يدركون هذا، ولا يشعرون بخطر ذلك على ايمانهم ودينهم لأن هذا النوع من الناس قد يكون من المتدينين ومن المؤدين للصلوات والزكوات، وكافة ما يوجبه عليهم دينهم.
لهذا فإن هذا النوع الغافل من المسلمين بحاجة، إلى تذكير بحقيقة أمرهم، وربما يحتاج البعض منهم إلى صدمة نفسية «توقظ العقد» المترسبة في أعماق اللاشعور، والحقيقة إن معظم الذين يعتقدون انهم لا يخطئون، إن لم يكن كلهم - يعانون من عقدة النقص والشعور بالدونية في أعماق أنفسهم لأمر من الأمور أو لمعاناة تعرضوا لها في مرحلة من مراحل حياتهم لا يستطيعون استذكارها أو استظهارها الى حالة الوعي بها، فتظل كما يقول علم النفس متوارية في الوعي الباطن أو في اللاشعور، فيكون الناتج لهذا الصراع ان تحاول الذات «الأنا» التستر باصطناعها حيلا دفاعية تمارسها على الآخرين في شكل هجوم، وأهم مبررات هذا الهجوم عدم الاعتراف بالخطأ، وإسقاط عيوبه على غيره، وهو ادعاء غير مباشر بالكمال.. ادعاء لا شعوري يريح الضمير من الإحساس بالتأنيب، ويمنع عقدة الشعور بالنقص من ان تطفو على السطح.
محطة:
التسامح بين الناس ذورة سنام حسن الخلق، وذروة سنام التسامح بين الاصدقاء والمحبين طي صفحة الأخطاء والعيوب وعدم ذكرها من قريب ولا من بعيد، وبهذا يبلغ المرء مع صاحبه منتهى الكرم.
منقول
عقيل
المفضلات