اسمحوا لى ان انقل اليكم موضوع اعجبنى ..واود ان اطرحه للنقاش البناء
هو مقال للكاتب د. علي الزعبي
بعنوان : باريس والبصرة.. ومقارنة الثقافة!
"عندما حرر الاميركيون مدينة باريس من القوات الالمانية في الحرب العالمية الثانية، خرج الباريسيون الى الشوارع للمحافظة على مؤسسات وممتلكات المدينة ولتنظيفها من آثار الدمار. وعندما حرر البريطانيون مدينة البصرة من طغمة «الشر» البعثي في الاسبوع الماضي، خرج البصريون ليس من اجل صون ممتلكات المدينة أو لتنظيفها مما لحق بها من دمار، بل سعوا، وبشكل مسعور، الى نهب كل ما تقع عليه ايديهم، لدرجة ان «محولا كهربائيا» لم يسلم من السرقة (انظر «القبس» بتاريخ 9/4/2003)
ان التناقض في هذين الموقفين يعكسان تغايرا واضحا في «المبدأ الاخلاقي - الانساني» للشعبين أنفسهما: الغربي والعربي.. وهذا امر يحتاج الى الجدية في النقاش والمعالجة، التي لا بد ان تقوم على المكاشفة والشفافية. وكباحث متخصص في الثقافات الانسانية لا يمكنني ان افسر هذا التناقض الا على النحو الصريح التالي:
لقد أثبتت الثقافة الغربية، والتي دائما ما نهجوها ونتعفف عنها، انها كانت قادرة على تعزيز «المبدأ الاخلاقي - الانساني» في نفوس افرادها، اما الثقافة العربية، والتي دائما ما نتغنى ونفتخر بها، فلم تستطع ان تعزز مثل هذا المبدأ في نفس الانسان العربي.
ان مكمن الخلل هنا، حتى نكون اكثر موضوعية، ليس الافراد، لان الانسان الغربي والانسان العربي، والجماعات الانسانية الاخرى، يتماثلون وبنسبة مائة في المائة فيما يتعلق بالجانب البيولوجي ـ الفطري، ان مكمن الخلل، اذا، هو الثقافة، ان الباريسيين والبصريين انطلقوا في مواقفهم من ابعاد ثقافية بحتة تعكسها روح الثقافة نفسها.
فاذا كان تصرف الباريسيين يعكس واقعية الثقافة الغربية في تناولها لبناء الانسان مما نتج عنه تطابق شديد فيما بين انماط الثقافة الغربية وسلوكيات افرادها، فان تصرف البصريون يعكس حقيقة الفجوة الشاسعة فيما بين مثالية الثقافة العربية، التي لا تمت للواقع بصلة، والتي تزدهر بالتناقضات الشديدة وبين نمطيتها المثالية وسلوكيات افرادها غير المثالية، والتي تعكسها الوقائع والشواهد اليومية.
بعبارة ادق، ان مشكلة الثقافة العربية هو انها تقوم على انماط مثالية ورثتها من ماضي «كرم حاتم الطائي» و«فروسية عنترة» و«اخلاقيات صلاح الدين» في الوقت الذي لم تحاول فيه هذه الثقافة تطوير/تحديث تلك الانماط القديمة وعصرنتها لتتماشى مع الواقع المعاصر، او انها لم تحاول ابتداع انماط سلوكية مغايرة لما كان في الماضي. على العكس من ذلك، ظلت هذه الثقافة مأسورة ومقيدة في الماضي.. متجاهلة بناء وتنمية انسان اليوم الذي يعيش واقعا يتطلب ضرورة وجود ثقافة معاصرة قادرة على تنميط سلوكياته وفقا للمبدأ «الاخلاقي - الانساني» الواقعي وليس المثالي.
ان ما نراه الان في مدن العراق من نهب وسلب هو «تحذير قوي» لنا من ان الثقافة العربية بحاجة الى مراجعة شاملة لتجنب هذا النوع من السلوكيات المشينة التي سقط بها المبدأ «الاخلاقي - الانساني) سقوطا ذريعا. ان العرب بحاجة الى تحديث الثقافة العربية وان لم يفعلوا ذلك فانهم سيسقطون انسانيا واخلاقيا كما سقطوا حضاريا. "
==================
اسمحوا لى ان اوضح لكم في البداية بان الغرض الاساسي لطرح مثل هذا النقاش هو " الدعوة للتفكير العميق " ليس لواقع العراق فحسب..بل.. لواقعنا كعرب ومسلمين ........ ! هل نقبل على انفسنا تلك الصورة امام الراي العام العالمي...؟؟؟
....... دعونا نتناقش بهدوء ......لعلنا نصل الى شيء ما....
============= تحياتي اليكم .....
رذاذ المطر
المفضلات