من المعاق حقا ؟
أهو ذلك الطفل أو تلك الطفلة التي كتب الله عليهم أن يعيشوا حياتهم على هذا النحو من القصور ؟
أهو ذلك الرجل الذي فقد بصره ؟
أم ذلك الذي فقد سمعه ؟
أم ذلك الذي فقد القدرة على المشي أو الحركة ؟
من المعاق ؟
مر رجل على رجل مقعد وهو يحمد الله عز وجل ، فتعجب منه وقال : على أي شيء تحمد الله ، رجل قد شلت قدماك ويداك وفقدت بصرك ، فقال المشلول : أحمد الله الذي وهبني قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وبدنا على البلاء صابرا .
أي إيمان ذلك الذي يقر في قلب هذا المعاق ، إنه وإيم الله غير معاق ، إنما المعاق حق الإعاقة ، من كملت أوصاف الخلق السوي فيه ، وتملك زمام جوارحه ثم حبسها عن طاعة الله ، بل وأطلقها في معصية الله ، هذه هي الإعاقة ، كم من لسان طلق طليق ، خاض غمار الغيبة والنميمة ، وسفك أعراض الناس ، وهتك أسرار البيوت ، وتكلم في عباد الله
عليك نفسك فتش عن معايبها ، فكلك عورات وللناس ألسن ، كم من أذن إنطلقت في فجاج الأسرار ، وبحار الأخبار ، تجمعها لتطلع الليل على أمور النهار ، كم من العيون التي انقضت وما غضت ، فليتها غضت عن محارم الله ، إن المعاقين قد انحرموا وصبروا بل بعضهم شكروا وذكروا ، فحازوا نعيم الثواب ، وأما نحن فما أقربنا للإعاقة ، فهنيئا لكم أيها المعاقون يوم توفون أجوركم بغير حساب ، فهذا كلام التواب في محكم الكتاب ،
إن الإعاقة ليست الحرمان من التمتع بالجوارح على نحو لا حيلة للمرء فيه ، إنما الإعاقة هي الحرمان من إستغلال تلكم الجوارح وتسخيرها في طاعة الرحمن ، بل الأعظم بذلها في السخط والغضب ، وسماع المنكر ، ورؤية الشر ، والمشي في الطريق الأخطر ،
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)
اللهم لا تجعلنا من المحرومين وارزقنا الطاعة واليقين ،
آمين .......
أخوكم / عبدالله الواكد
المفضلات