[c]لم تكن ثمة علاقة وطيدة بيني وبين البرتقال ..
ارتدى جلابيته .. وتوجه إلى حيث تنتصب بعض شجيرات البرتقال واليوسفي ..
تخلل بجسده الصغير بين تلك الشجيرات وانتقى واحدة منها .. رفع رأسه .. وجعّد جبينه مشكلاً خطوطاً تنبئ عن تفرس عميق ..
دارت عيناه تتفحصان ..واستقرتا على إحدى ثمار البرتقال .. تحفّز بجسده .. تطاول .. فوقف على رؤوس أصابعه .. رفع كلتا يديه ..وأمسك بإحداهما غصناً بينما راحت الأخرى تسحب غصناً آخر أقرب .. عيناه مازالتا مثبتتين على تلك " البرتقالة " .. أطلق الغصن الأول .. ثم تناول آخر أكثر قرباً من الثمرة الهدف ..
فمه مغلق بقوة تركيز عينيه .. وأنفه انغلق عن الغبار المتوقع إلا من مساحة صغيرة جداً يجاهد الهواء من خلالها لإتمام عمليتي الشهيق والزفير .... أخيراً قبض على البرتقالة ..وأغمض عينيه .. ثم سحبها بحركة آلية ...وترك الأغصان تتصافق وكأنها تلوّح للبرتقالة بالوداع ... الأخير ..
اتجه لقناة ماء جارية .. غسل يديه والبرتقالة ، ثم جلس متربعاً .. سحب منديلاً ووضعه على البرتقالة بعد أن ثناه .. ثم غرز ظفر إبهامه في قشر البرتقالة ..
أطلقت البرتقالة ..دموعها المتطايرة .. لكنها الآن لم تتطاير.. حيث استقبلها ذاك المنديل فمسحها :،
أزاح المنديل _ ثم بدأ " يسلخ " قشر البرتقالة بطريقة فنية أتقنتها أصابع اعتادت هذه الحركة ..
الإبهام تنغرز أولاً ثم تنساب تلك الإبهام متجولة بطريقة حافرة بين القشرة واللب .. دون أن تقطع القشرة ..
تستدير الإبهام والأصابع تساندها من الخلف ..كأنها تحمي تلك القشرة من التمزق ..
يتلذذ صاحبنا بهذه الحركة .. ويشعر أنه أتقن لوحة فنية يعشق قراءتها كل يوم ..
بعد أن قطع آخر صلة بين البرتقالة وقشرتها .. أمسك كل طرف بيد .. وبنظرات تتقافز منها نشوة النصر نظر إلى القشرة .. وبنظرات شرهة يتقاطر منها اللعاب نظر إلى الثمرة الخجلى ..
قذف بالقشرة إلى قناة الماء الجارية بطريقة دائرية ملتفّة .. فأخذت تترنح فوق الماء وتستدير ..كقارب أزعجته عاصفة لا يُدرى اتجاهها .. ثم مضت بعيداً عبر القناة ....
غسل يديه للمرة الثانية وأمسك بالثمرة بكلتا يديه ثم غرز إبهاميه في عنق البرتقالة وشطرها نصفين .. قفز صوت انشطار البرتقالة إلى سمعه شهيق خجلى .. تقاطر لعابه على قطرات عصير البرتقالة التي تقافزت عبر شطريها .. لعق لعابه .. وزم شفتيه .. وبدأ بتشطير البرتقالة .. وكلما فصل شطراً التقمه بنهم عجيب .. فإذا ما انتزع شطراً جنيناً أداره أمام عينيه متأملاً إياه بابتسامة تترجم شغفه العجيب ..
انتهى .. ثم نظر إلى يديه .. وكأنه يبحث عن شطر مختبئ بين أصابعه .. ودار بعينيه حول المكان .. عله يبحث عن أحد شاركه فيها ..
غسل يديه .. ومسح فمه .. ثم نهض ..
ألقى نظرة سريعة على مجرى الماء .. لم يلمح قارب القشرة الذي صنعه ..
استدار عائداً من حيث أتى ..
سأعيد ترتيب علاقاتي .
تقبلوا احترامي ..
أختكم وميض
[/c]
المفضلات