مفهوم السعادة هو أن تفهم مفهوم السعادة.. !! ؟
أن تكون سعيداً يجب أولاً أن تعرف مكان سعادتك وأيّ الأماكن تنتمي إليها..
لأن أول الخطوات التي يخطوها المرء إلى السعادة هو أن يدرك مكان سعادته..
ويعرف الطرق المؤدية لها..
فالسعادة تتنقل بين البشر حسب رغباتهم وما يريدونه من هذه الحياة..
وهنا تدخل السعادة بهذا المفهوم حسب مفهوم ذهن الفرد لها من خلال
رغبته وما يحتاجه منها..
فأجد هنا أن مكان ومعنى السعادة هو ما تفكر به أذهان البشر وما تشعر به مشاعرهم
وما تحتاجه عواطفهم..
والذي جعل السعادة تتنقل وتبقى هكذا بلا عنوان ولا مكان محدد يشار إليه هو أختلاف
الرغبات والأفكار من حولها وتفاوتها من إنسان إلى إنسان آخر بحيث أصبح لها مفاهيم
كثيرة حسب ما تجدها أفكار العقول وعاطفة القلوب وتوهج مشاعرها..
فالحب والصحة والنجاح والمال وغير ذلك هي من الرغبات لدى الكثير من الناس
وما يحتاجوا منها.. وهذه الأشياء تحدد الوضع الفردي من الناس بمفهومه
وما يرغب به.. ولا تحدد مكان السعادة العام الذي يكون بارزاً أمام الجميع ويدركون عنوانه..
وهذه هي حكمة سبحانه وتعالى أنه جعل السعادة أن تتنقل بين البشر حسب رغباتهم
وميولهم.. وهذه إحدى صفاته في رحمته الواسعة على خلقه..
فلو كانت السعادة ثابته ولا تدخل في رغبة الإنسان وما يريده لأصبحت شيئاً
يستحال تحقيقه فيصبح صاحب الصحة شقي وصاحب الحب تعيس وصاحب الفقر
فقير النفس وغيرها..
أما ما يفكر به عقلي وما تشعر به مشاعري أتجاه السعادة..
فعقلي يقول لي : بعدما وصل إلى تلك المفاهيم من رغبات البشر التي حوله..
أن السعادة لا يمكن لشئ من الأشياء أن يحصرها أو يبقيها في داخله ولا يخرجها منه..
وإلا دخلت في منطقة الأنانية وحب التملك..
وأن فكري يختلف كثيراً عن من يجد ويرى في فكره أن السعادة لا تأتي إلا من الدين دون غيره..
فالدين هو الأصل هو أصل الشئ وثباته هو ثبات السعادة والحب والأخلاق والفضائل..
أنه يشعرك بشعور السعادة لتصل إليها وتبدل منها حياتك إلى أفضل ما فيها..
فأن كان الإنسان سعيداً في حياته جعلها الدين أكثر ثباتاً وتنفّساً وأكثر بقاءً على سعادته..
لهذا يجب أن نرى أن الدين هو القاعدة الكبرى الأساسية التي يثبت لنا من خلالها ما نحن عليه
من سعادة وطهارة وجمال وصدق وفضيله وغيرها..
ولكن ليس معنى أن الإنسان متديّناً ومستقيماً ملّتزماً في حياته يكون سعيداً أسعد من غيره..
أنه يدخل ضمن ظروفه.. فكم من حولنا من البشر سعداء في حياتهم الدينية وملتزمين بها
ولكنهم في حياتهم الأخرى تعساء فيها.. سواء مع أزواجهم وأبناءهم أو مع مشاغل الحياة من حولهم..
وأنهم يجدون ما يعزيهم في مصائبهم بتعزية حين يقال لهم أن لكم سعادة الأخرة..
وهذا لا شك به أبداً .. ولا يمكننا أن ننفي ذلك لأنه من الحقائق الثابتة التي أخبرنا بها ربنا في كتابه..
ولا يمكننا أيضاً أن ننفي أن الدين من الطرق المؤدية إلى السعادة.. ولكن ليس معنى هذا
إن كان الإنسان بعيداً عن الدين ومقصراً في صلاته لا يكون سعيداً..
فأن كان أحد الحافظين على صلاته ثبّت له دينه سعادته أن كان سعيداً في حياته..
ورفع همّه عن قلبه إن كان مهموماً في أمره..
فالدين ثبات الشئ الطاهر النقي في سعادته ونورانيته.. وزوال الشئ في تعاسته وظلمته..
هنا أيعقل أن بلاد أوربا وغيرها البعيدين عن ديننا لا يوجد بهم أحداً سعيداً.. !!؟
فلو كان كذلك لانتهت حياتهم قبل الاستمرار فيها..
والله عزَّ وجلَّ خلق الجميع.. وهو أرحم الراحمين عليهم.. ويمهلهم ولا يهملهم وجعل لهم
في أرضه مكاناً لهم يستقرون بها ويتخذون منها منافعهم في عيشهم..
أما عن مشاعري فتقول لي : أنه لا سعادة في الحياة يُسعد بها الإنسان في حياته
غير سعادة الحب.. فأن رأى غيرها فقد حكم على قلبه وعقله بالضياع..
والحب هنا يدخل في حب الله ورسوله وحب الحبيب والزوج والقريب والصديق وغيرهم..
لأن الحب نور من الدين وشعاع من الروح الطاهرة.. يتمرّكز بهم ويثبت كل شئ جميل وطاهر فيهم..
لهذا أني أجد أن سعادتي هي في الحب.. لأنه وحده الذي يجعلني أرى الأشياء من حولي
على حقيقتها ولا يضلّلها عني أي شئ من حولها.. فأرى الكبير كبيراً والصغير صغيراً..
وكل يوم من أيام عمري أجد أن من خلاله تتدفق بداخلي دماء جديده في عروقي..