مساء الخير
عندما دفع دورتموند الألماني مبلغ 350 ألف يورو للتعاقد مع اللاعب شينجي كاغاوا، لم يكن أحد يعتقد بأن النادي قام بواحدة من أهم الصفقات في تاريخه، وأن اللاعب الشاب سيتحول وبسرعة مذهلة إلى أحد مفاتيح النجاح داخل النادي.
عندما كشف نادي دورتموند لكرة القدم، عن تعاقده مع اللاعب الياباني شينجي كاغاوا، شكك جل المراقبين في أهمية تلك الخطوة، باعتبار أنه لا يمكن للاعب ياباني قادم من دوري الدرجة الثانية أن يثبت وجوده داخل الدوري الألماني لكرة القدم، المتميز بشراسة المنافسة والتركيز على الكرات المشتركة والقوة في الأداء.
لكن العكس هو ما حدث تماما، فقد تبين في ما بعد وللجميع بأن دورتموند ظفر بواحدة من أهم الصفقات على الإطلاق خلال الموسم الحالي.
وبلغة الأرقام، كلف اللاعب النادي حوالي ثلاثمائة وخمسين ألف يورو، في حين ، وبعد أقل من أربعة أشهر ارتفعت قيمته في بورصة اللاعبين إلى خمسة ملايين يورو. أما وعلى الملعب، فقد أصبح لاعب خط الوسط شينجي كاغاوا من أهم اللاعبين الأساسيين داخل تشكيلة المدرب يورغن كلوب الشابة. ولم يثر النجاح الكبير في تأقلم اللاعب داخل الفريق وبتلك السرعة الصاروخية دهشة الصحفيين فحسب، وإنما أيضا دهشة المدرب كلوب الذي صرح أنه "لم يشكك يوما في قدرات اللاعب الفنية، لكنه لم يتوقع أنه سيستطيع الاندماج في صفوف الفريق وبتلك السرعة".
كرة مشتركة بين شينجي كاغاوا وديفيد جيرولم من نادي هامبورغ في إطار منافسات الجولة الثانية عشر من الدوري المحلي/ بوندسليغا
وفي التاسع عشر من ديسمبر 2009، حينما كان نادي دورتموند يحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسه، زار اللاعب الياباني معقل النادي. وشاهد المباراة التي جمعت بينه وبين فرايبورغ وانتهت بفوز دورتموند بهدف وحيد. وقد حضر المباراة وما تلاها من احتفال حضره حوالي ثمانين ألف متفرج، رغم أن درجة الحرارة انخفضت آنذاك إلى أقل من عشر درجات تحت الصفر.
وفي ذلك المساء قرر كاغاوا الذي انتهى عقده مع فريق سيريزو أوساكا، الانضمام إلى صفوف دورتموند الألماني.
مشوار التألق
لا يتوفر شينجي كاغاوا على بدن قوي، فالشاب البالغ من العمر واحدا وعشرين عاما، لا يتعدى طوله 1,72 سنتمتر، ووزنه ثلاثة وستين كيلوغراما. أي أنه من حجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. وهو بالفعل يتمتع ببعض خصائص الأخير كالسرعة والقدرة الهائلة على المراوغة واختراق مربع العمليات بحثا عن الأهداف. ومن ثمة نجح دورتموند في سد الفراغ الذي كان يعاني منه لمواسم طويلة، حين غاب الخطر الهجومي عن خط وسطه.
وبخطى ثابتة، بدأ شينجي كاغاوا مشواره مع دورتموند. فمن مرشح لملئ الفراغ الذي تركه لاعبون مثل المصري محمد زيدان وتماس هانجال، بسبب تراجع مستواهما هذا الموسم، تحول شينجي إلى رجل المباراة في العديد من اللقاءات، بدءاً من المباراة التي خاضها ضد شتوتغارت في إطار منافسات المرحلة الثانية من الدوري الألماني، أو خلال مباراة أخرى أمام شالكه والتي أحرز فيها هدفين من بين ثلاثة لدورتموند مقابل هدف يتيم.
وأمام هذا التألق، كان لا بد أن ينتزع شينجي محبة جمهور دورتموند. وظهر ذلك جليا في ديربي الغرب بين ناديه ونادي كولونيا. وحينها حسم اللاعب الياباني المباراة لصالح فريقه الذي هزم كولونيا في عقر داره بهدفين مقابل هدف يتيم. وفي ختام المباراة، وقف جمهور دوتموند وصفق لشينجي لأكثر من عشرين دقيقة، اعترافا منه بالدور الذي لعبه في تلك المباراة.
الشهرة عبر بوابة دورتموند
ويبدو أن ما كان شينجي يصبو إلى تحقيقه في اليابان قد وصل إليه بالفعل، لكن عبر بوابة دورتموند. فالصحافة اليابانية بدأت تتابع خطواته أولا بأول، رغم أنها وإلى غاية الصيف الماضي لم تعره اهتماما كبيرا، خاصة وأنه لم يشارك في منافسات مونديال جنوب إفريقيا 2010، وإنما كان من ضمن مجموعة أربعة لاعبين اختارهم مدرب منتخب الساموراي تاكيشي أوكادا لحضور التدريبات فقط خلال البطولة العالمية
أحرز شينجي كاغاوا ستة أهداف لصالح دورتموند متصدر الترتيب العام حاليا، وصنع أزيد من خمسة أخرى. بذلك يكون اللاعب الياباني قد قدم لناديه، ما لم يقدمه إلى غاية اللحظة نجم الريال السابق راؤول لشالكه، أو البرازيلي ديغو لفولفسبورغ. والاثنان معا كلفا نادييهما صفقة بالملايين. وحول هذه المقاربة بالذات عقب يورغن كلوب بالقول "يعتقد بعض الألمان بأن اليابانيين لا يمكنهم سوى تشغيل آلة التصوير، لكن أثبت بعضهم أن هناك من يستطيع القيام بأشياء كثيرة بواسطة الأرجل".
